يبقى التعليم العالي في لبنان الأغلى عربيًا وأوروبيًا، فما الذي يشوبه أيضًا من نواقص على الصعيد الأكاديمي والعلمي، وهل يجد الطلاب دائمًا سوق عمل متوافرة لهم بعد شهاداتهم الجامعية؟.

إيلاف من بيروت: لا يختلف اثنان على أن التعليم العالي في لبنان من الأغلى عربيًا، وحتى أوروبيًا. ففي الكثير من الدول الأوروبية، لا يتعدى القسط الجامعي مبلغ 500 يورو، فيما يصل في لبنان إلى عشرات الآلاف من الدولارات.&

ويحتاج التلميذ الجامعي دفع ما لا يقل عن 30 ألف دولار للحصول على شهادة جامعية، على أمل انخراطه في سوق العمل، إن لم يدخل في قافلة العاطلين عن العمل لسنوات، أو ربما في أفضل الأحوال يلجأ إلى خيار الهجرة.

يكاد لا يخلو شارع في بيروت وضواحيها والمناطق الأخرى في لبنان من جامعة أو معهد جامعي، ويحوي لبنان على أكثر من 40 جامعة تقدم شهادات بالآلاف إلى طلابها، ويبقى السؤال هل تلبي مناهج الجامعات اللبنانية متطلبات مجتمعاتها؟، وأي مواد ينقصها كي تبدو ضمن مصاف الجامعات العالمية؟.

مناهج ومتطلبات
تعتبر الأكاديمية منى مراد في حديثها لـ"إيلاف" أن متطلبات الحياة كبيرة، والمناهج تفتقر إلى معظم هذه المتطلبات، وبرأيها يجب على المناهج التربوية أن يعاد النظر فيها بطريقة تلبي حاجات السوق اللبنانية، على المستوى الجامعي وعلى مستوى التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، خاصة البرامج التي تُربي الطالب أولًا على حياته الأسرية، ودور الأهل والأولاد تجاه بعضهم البعض، وعلاقة الرجل بالمرأة بطريقة احترام المساواة، والحفاظ على البيئة للأجيال المقبلة وتعليم حقوق الإنسان والوثائق الدولية، وتعليم الشباب الدخول في الشأن العام كذلك يجب تنويرهم بمعظم الاتفاقيات للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وكذلك التربية المدنية مفقودة في المناهج وبعد الحروب التي مر بها لبنان يجب تعليم تقبل الآخر.&

أما بالنسبة إلى المناهج في الجامعات فهي تدعو إلى أن تكون تطبيقية أكثر، ويجب على كل مادة تدرّس أن تحتوي على أعمال تطبيقية ضمن محيط معيّن وعلى الأرض، ويجب إعادة النظر برأيها بتعليم الجغرافيا والتاريخ.

مصرف
تقول مسؤولة قسم التوظيفات في أحد المصارف لـ"إيلاف" إن ما يتعلمه الجامعيون يختلف عن الخبرة في العمل، وما يتم تطبيقه يختلف في بعض الأحيان عن الأكاديمي، وهناك جامعات في لبنان مهمة تختلف في ما بينها حول ما يتم تدريسه أكاديميًا، وهناك جامعات تحاول أن تعطي صورة طبق الأصل عن مجال العمل، وهذه الجامعات تطلب من طلابها خلال العام الثاني أو الثالث من الدراسة الذهاب لاكتشاف تطبيقي لما يدرسونه من خلال عملهم في بعض المؤسسات، وتجبرهم القيام بدورة تطبيقية لفترة شهرين أو ثلاثة في مصرف أو مؤسسة، وذلك لتقريب التطبيقات من الأكاديمي، وهناك بعض الجامعات الأخرى تبقى بعيدة عن ذلك، وهي تعتمد على النظريات أكثر من اعتمادها على التطبيق.

تضيف: "وهؤلاء عندما يبدأون العمل يواجهون بعض الصعوبات في مجال العمل، وهناك أيضًا ما تقدمه الجامعات إلى طلابها، وما يشتغل الطلاب على أنفسهم أيضًا، فهناك بعض الطلاب الذين يكتفون بما تقدمه إليهم جامعتهم من معلومات، بينما هناك طلاب يشتغلون على أنفسهم لتحقيق الأفضل، من خلال أبحاث كثيرة. أما بالنسبة إلى المستوى، ولأن اليوم مجال التوظيف أصبح ضيقًا، فهناك بعض الطلاب الذين يحصلون على شهادة جامعية ولا يجدون فرص عمل، لذلك يعمدون إلى التخصص أكثر في مجالاتهم من خلال الماجستير والدكتوراه، ومن هنا يمكن اعتبار أن مستوى العلم في لبنان أصبح أهم من السابق، وكل وظيفة تحتاج خبرات معينة، ولها مهاراتها، وعلى أساس ذلك يتم اختيار الموظفين.

وظيفة
أما كمصرف ما هي الصفات التي تتطلبونها كي يحصل الجامعي على وظيفة: "في المصرف، تضيف هناك أمران، الأول يتعلق بالفروع، والثاني بالإدارة والفروع، حيث العلاقة مع الزبون، يهمنا بشكل أكبر توظيف من كان ذا شكل حسن، ولديه صفات جيدة في التعامل مع الزبائن، ولديه خلفية مصرفية جيدة. أما هل يدخل ذلك ضمن تعليم الجامعات لكل تلك الأمور؟ تقول: "إنها تكون عادة مع الطالب كصفات، وقد يتم تعليمها في الجامعات، وحتى يتم الحصول عليها من خلال المصرف الذي يقوم بدورات تدريبية من أجل ذلك. أما الثاني فهو التوظيف في الإدارة هنا يجب أن يكون الجامعي متخصصًا بكل ما له علاقة بالتوظيفات، ولدى سؤالها، هل تلاحظون أن الجامعيين اليوم هم بقدر المستوى الكافي؟. تجيب: "هم بالإجمال بقدر المسؤولية، ويتم العمل على تقويتهم وظيفيًا من خلال بعض الدورات كما أشرت سابقًا".

مؤسسة تجارية
مسؤولة قسم التوظيفات في إحدى المؤسسات التجارية تقول بدورها لـ"إيلاف" إنه كقسم توظيفات في المؤسسة يتم التركيز على مدى تمتع الجامعيين بالخبرات أكثر مما يحملونه من معلومات أكاديمية، ويتم النظر في كل بيانات العمل التي يتم تقديمها من مختلف جامعات لبنان، ويتم الانتقاء، ليس بحسب الجامعة، بل بحسب ما قام به طالب الوظيفة من خبرات خلال سنوات الدراسة.&

وتضيف بأن معظم جامعات لبنان تفتقر إلى إرشاد طلابها نحو الخبرات، وهي تركز بمعظمها على المعلومات الأكاديميّة، وتقول إنه بحسب خبرتها فإن متخرجي الجامعات الرسمية في لبنان يعملون على أنفسهم أكثر من الجامعات الخاصة، ويتمتعون بخبرة أكثر من غيرهم، ويجب على الجامعات برأيها أن تخفف من النظريات، وتنحو أكثر نحو التطبيق.
&