ستوكهولم: وصل مبعوث الأمم المتّحدة مارتن غريفيث ووفد المتمرّدين الحوثيّين مساء الثلاثاء إلى السويد للمشاركة في محادثات سلام حاسمة، في محاولة لإيجاد سُبل لإنهاء الحرب اليمنية المدمّرة.

ومن المرتقب وصول ممثّلي الحكومة اليمنيّة برئاسة وزير الخارجيّة اليمني خالد اليماني إلى السويد الأربعاء.&

ورحّبت الولايات المتّحدة الثلاثاء بمحادثات السلام المرتقبة في السويد، واصفةً إيّاها بأنّها "خطوة أولى ضروريّة وحيويّة"، وداعيةً الأطراف المتحاربين إلى الانخراط فيها "بشكل كامل وصادق" و"وقف أيّ أعمال عدائية جارية".&

وقالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة هيذر ناورت "ليست لدينا أوهام، ونحن نعلم أنّ هذه العمليّة لن تكون سهلة، لكنّنا نرحّب بهذه الخطوة الأولى الضروريّة والحيويّة".

وشدّدت ناورت على أنّ "اليمنيين عانوا طويلاً"، مضيفةً "لقد حان الوقت لليمنيّين من أجل إحلال المصالحة مكان الصراع وكي يعملوا معًا لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا لليمن".

وقالت "الولايات المتحدة تدعو الأطراف إلى الانخراط (في المحادثات) بشكل كامل وصادق، وإلى وقف أيّ أعمال عدائيّة مستمرة".

وتأتي مغادرة وفد المتمرّدين إلى السويد، بعد الإعلان عن توقيع اتّفاق بين الحكومة والحوثيين لتبادل مئات الأسرى بين الطرفين، وبعد يوم على إجلاء 50 جريحا من المتمردين إلى العاصمة العمانية مسقط.

ولم يُحدّد موعد رسمي للمحادثات. لكنّ مصادر حكومية يمنية أشارت إلى إمكان أن تبدأ المفاوضات الخميس.

في نيويورك، قال المتحدّث باسم الأمم المتّحدة فرحان حق "نحن واثقون من أنّ الطرفين سيجتمعان هذا الأسبوع في السويد"، في إشارة إلى طرفَي النزاع.

وكان المتحدّث باسم المتمرّدين محمد عبد السلام كتب على "تويتر"، "لن ندّخر جهدا لإنجاح المشاورات وإحلال السلام وإنهاء الحرب العدوانية وفك الحصار"، مضيفا "أيدينا ممدودة للسلام".

وكان مسؤول في الرئاسة اليمنية في الرياض طلب عدم كشف اسمه، أكّد أنّ الوفد الحكومي "جاهز، ولكنه لن يتوجه إلى السويد إلا بعد التأكد من وصول" الحوثيّين إليها.

وفي خطوة تهدف الى تعبيد طريق التفاوض، وقّعت الحكومة اليمنية اتفاقا مع المتمردين الحوثيين لتبادل مئات الأسرى بين الطرفين.

وقال مسؤول ملفّ الأسرى في فريق المفاوضين التابع للحكومة اليمنيّة هادي هيج لوكالة فرانس برس إنّ الاتفاق يشمل الإفراج عن 1500 إلى 2000 عنصر من القوّات الموالية للحكومة، و1000 إلى 1500 شخص من المتمرّدين.

وبين المعتقلين الذين سيُفرَج عنهم، وزير الدفاع السابق محمود الصبيحي، ومسؤول جهاز المخابرات في عدن ناصر منصور هادي وشقيق الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

ورأت المتحدّثة باسم اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر في صنعاء ميريلا حديب ردًا على سؤال فرانس برس، أنّ "هذه خطوة في الاتّجاه الصحيح نحو بناء الثقة بين المجتمعات اليمنيّة"، مشيرةً الى أنّ اللجنة ستشرف على عملية التبادل بين الطرفين وتُسهّلها.

وأوضح هيج أنّ تطبيق الاتّفاق سيتمّ بعد مفاوضات السلام في السويد.

فرصة حاسمة

وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجيّة أنور قرقاش على "تويتر"، "نعتقد أن السويد توفر فرصة حاسمة للانخراط بشكل ناجح في حل سياسي في اليمن".

وأجلت طائرة للأمم المتّحدة الإثنين 50 جريحاً من الحوثيّين من صنعاء إلى مسقط. وكان مسؤولون حوثيّون أشاروا الى أنّ إجلاء الجرحى يشكّل جزءا من التدابير التي تفترض أن تسبق أيّ مفاوضات.

وأعرب غريفيث الثلاثاء على "تويتر" عن "خالص الشكر لقيادات التحالف وسلطنة عمان لتعاونهم ودعمهم هذه المبادرة بشكل كامل" بعد إجلاء المصابين.

وقال الوزير الإماراتي إنّ "حلا سياسيا مستداما بقيادة يمنية يوفر أفضل فرصة لإنهاء الأزمة الحالية".

لكنه أضاف "لا يمكن أن تتعايش دولة مستقرة وهامة للمنطقة مع ميليشيات غير قانونية. قرار مجلس الأمن الدولي 2216 يقدم خارطة طريق قابلة للتطبيق".

وصدر القرار في ابريل 2015، وينص على انسحاب المتمردين من المدن التي سيطروا عليها منذ عام 2014 وأبرزها صنعاء، وتسليم الأسلحة الثقيلة.

ويُعتبر ملفّ الجرحى الحوثيين أساسياً في جهود إجراء مفاوضات سلام.

في سبتمبر الماضي، فشلت الأمم المتحدة في عقد جولة محادثات في جنيف بعدما رفض المتمردون في اللحظة الاخيرة السفر من دون الحصول على ضمانات بالعودة الى صنعاء وإجلاء مصابين من صفوفهم إلى عمان. ويسيطر المتمردون منذ 2014 على صنعاء، بينما يسيطر التحالف بقيادة السعودية على الأجواء اليمنية.

وقالت مصادر في الأمم المتحدة وفي الحكومة اليمنية إن من الخطوات التي من شأنها أيضا تعزيز أجواء الثقة إعادة فتح مطار صنعاء، وهو موضوع ستتم مناقشته في السويد.

الازمة "ستتفاقم"

تشكلّ محادثات السلام المرتقبة أفضل فرصة حتى الآن لإنهاء الحرب المتواصلة منذ 2014، بحسب خبراء، مع تزايد الضغوط على الدول الكبرى للتدخّل لمنع حدوث مجاعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وانهارت جولة سابقة من محادثات السلام بين الحوثيين والحكومة اليمنية في 2016، بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق على تشارك السلطة عقب 108 أيام من المفاوضات في الكويت. وبقي ممثلون عن الحوثيين عالقين في سلطنة عمان ثلاثة أشهر.

بدأت حرب اليمن في 2014، ثم شهدت تصعيدا مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها بعد سيطرة الحوثيين على مناطق واسعة بينها صنعاء.

وقتل نحو عشرة آلاف شخص في النزاع اليمني منذ بدء عمليات التحالف، بينما تهدّد المجاعة نحو 14 مليونا من سكان البلاد.&

وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء أن الأزمة الإنسانية في اليمن، الأسوأ في العالم، ستتفاقم في 2019، محذرة من أن عدد الأشخاص الذين يحتاجون الى مساعدات غذائية سيرتفع بنحو أربعة ملايين شخص.