دونالد ياماموتو
Getty Images
دونالد ياماموتو، الذي عينته الولايات المتحدة سفيراً لها لدى الصومال، وهو المنصب الذي بقي شاغراً منذ عام 1991

قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت إن الولايات المتحدة استأنفت "وجودها الدبلوماسي بشكل دائم" في الصومال بعد انقطاع دام حوالي 30 عاما. وعينت واشنطن دونالد ياماموتو، أول سفير لها لدى مقديشو منذ اندلاع الحرب الأهلية في الصومال عام 1991.

وعلى الرغم من استمرار حركة الشباب التي لها صلات بتنظيم "القاعدة"، في بعض المدن، إلا أن الاستقرار النسبي في البلاد، دفع ببعض المستثمرين الصوماليين داخل البلاد وخارجها إلى الاستثمار فيها.

ولا يوجد حاليا مسلحو حركة الشباب في مقديشو العاصمة، إلا أن تواجدهم في مناطق عديدة خارجها ما زال ملموساً.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية "عودتنا تظهر التزام الولايات المتحدة تجاه مزيد من الاستقرار والديمقراطية والتنمية الاقتصادية وهي أمور في مصلحة البلدين".

عودة إلى البداية

بدأت العلاقات الأمريكية الصومالية في يوليو/تموز 1960، في عهد الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور الذي بادر بتحويل قنصلية بلاده في مقديشو إلى سفارة في عهد الرئيس الصومالي آدم عبد الله عثمان.

وقد دفع موقع الصومال الاستراتيجي الذي يشرف على مضيق باب المندب، المنفذ الجنوبي للبحر الأحمر، الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها في الصومال للتحكم بحركة النفط القادم من بلدان الخليج، والتصدي لأي توسع روسي بالمنطقة، كما بنت قواعد عسكرية شمالي الصومال وخاصة أن جارتها أثيوبيا كانت حليفة لروسيا.

وفي ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي، قدمت واشنطن مبلغ 20 مليون دولارا للنهوض بالاقتصاد الصومالي في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى جانب إرسالها للقوات المسلحة الصومالية كمية من الأسلحة الفتاكة لحماية مصالحها من التهديد الروسي والحد من زحفها باتجاه القارة الأفريقية.

انفجار سيارة مفخخة في سوق مزدحمة في العاصمة مقديشو بالصومال في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
Getty Images
انفجار سيارة مفخخة في سوق مزدحمة في العاصمة مقديشو بالصومال في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

الصومال: قوات الاتحاد الأفريقي تكثف هجومها ضد حركة الشباب ونزوح الآلاف هربا من القتال

نبذة عن حركة الشباب الصومالية

وكانت مرحلة الثمانينات مرحلة الاستثمارات الأمريكية في الصومال، إلا أن علاقات العالم بالصومال انقطعت بعد اندلاع الحرب الأهلية والانقسامات الداخلية وانهيار الحكومة المركزية .

وبعد انتشار حالة الفوضى وانتشار الجرائم وسوء الأحوال الاقتصادية، أدخلت الولايات المتحدة 30 ألف جندي أمريكي بقرار من الأمم المتحدة وحاربت ميليشيات الضابط الراحل محمد عيديد الذين قتلوا عشرات الجنود الأمريكيين وأسقطوا مروحية لهم، وخرجت الولايات المتحدة منها بعد معارك دامت 6 أشهر.

وبعد انسحاب الولايات المتحدة، بدأت بالتعامل مع الحكومات الانتقالية المختلفة التي حكمت البلاد، مثل حكومات الرؤساء السابقين عبد قاسم صلاد حسن، عبد الله يوسف أحمد، وغيرهم بما يخدم مصالحها الاستراتيجية في الصومال وما حولها.

وفي عام 2013، التقت وزيرة الخارجية الأمريكية وقتذاك هيلاري كلينتون مع الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود في مؤتمر في وزارة الخارجية الأمريكية، أعلنت خلاله عودة العلاقات الدبلوماسية مع الصومال بعد انقطاع دام أكثر من 22 عاما.

العلاقات في ظل إدارة ترامب

لم يخفِ ترامب منذ بداية توليه لمنصب رئاسة البلاد وقبل ذلك عداءه لبعض الدول الإسلامية وخصوصا الصومال.

وأصدر قراراً في يناير/كانون الثاني 2017، يقضي بمنع دخول المواطنين من إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن إلى الولايات المتحدة. ورحّل عشرات الصوماليين إلى بلادهم في دفعتين في آذار/مارس ومايو/أيار من عام 2017. بالإضافة إلى تشديد الخناق على الصوماليين حاملي الجنسية الأمريمية الذين ما زالوا يعيشون في الولايات المتحدة.

ازدهار العلاقات

أقر البنتاغون في نهاية شهر مارس/آذار عام 2017 خطة لمنح صلاحيات للقوات العسكرية الأمريكية بشن حملة ضد حركة الشباب التي تُصنف ضمن الجماعات الإرهابية.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جيف ديفيز "إن هذه الصلاحيات الجديدة ستساعد في حرمان حركة الشباب من الملاذات الآمنة التي يمكن أن يهاجم من خلالها مواطنين أمريكيين أو مصالح أمريكية في المنطقة".

وفسر مراقبون تلك الصلاحيات على أنها إطلاق يد القوات الأمريكية في اتخاذ قرار شن الهجمات في إفريقيا ضد حركة الشباب. وجاء قرار البنتاغون بعد انتخاب محمد عبد الله فرماجو الذي يحمل الجنسية الأمريكية رئيسا للصومال.

وكثفت واشنطن من غاراتها الجوية في الصومال بعد مقتل ما لا يقل عن 500 مواطن في هجوم هز العاصمة مقديشو في 14 أكتوبر/تشرين الأول عام 2017.

وبحسب القوات الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" فإنها نفذت غارات جوية متفرقة استهدفت كل من حركة الشباب وتنظيم "الدولة الإسلامية" وقتلت منهم المئات في مناطق تواجدهم بتنسيق مع الحكومة الصومالية.

كما قتل العشرات من المدنيين الصوماليين في هذه الضربات الجوية في مناطق متفرقة من جنوب البلاد، وخاصة في محافظات شبيلى السفلى ووادى جوبا وغدو.

المساعدات الأمريكية

قدمت الولايات المتحدة مساعدات إنسانية وعسكرية وتنموية إلى الصومال ووقّعت الحكومتان في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017 اتفاقية تنموية بقيمة 300 مليون دولار، وهي أول اتفاقية منذ أكثر من ثلاثين عاما بحسب بيان للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)

وقُدرت المبالغ التي قدمتها الولايات المتحدة منذ عام 2011 إلى الصومال بمبلغ 1.3 مليار دولارا كمساعدات إنسانية و 328 مليون دولارا كمساعدات إنمائية للصوماليين.