منطقيًا يُعد منصب كبير موظفي البيت الأبيض أو رئيس أركان الموظفين حلمًا للغالبية الساحقة من المسؤولين السياسيين والعسكريين نظرًا إلى السلطات الكبيرة المنوطة بهذا المنصب الوظيفي.

إيلاف من نيويورك: يمتلك كبير الموظفين مفتاح الدخول إلى مكتب الرئيس، وله صلاحيات في تعيين من يعتبرهم أكفاء لشغل المناصب في البيت الأبيض، ولا يبخل في تقديم النصائح والمشورة إلى الجالس في المكتب البيضاوي، ويفاوض باسمه أعضاء الكونغرس للمساعدة على تمرير أجندته.

كأس مرة
لكن في زمن دونالد ترمب أصبحت الوظيفة الحلم في البيت الأبيض كأسًا مرة لا يريد تذوقها المطلعون على ما يجري داخل جدران المقر الرئاسي.&

فيكفي النظر إلى ما حدث منذ بداية عام 2017 لإستشراف المصير الذي سيلاقيه خليفة الجنرال المتقاعد جون كيلي، ففي غضون أقل من عامين، مر&على المنصب كل من رينس بريبوس، ووزير الأمن الداخلي السابق. وقد تطول لائحة المغادرين أكثر مع حلول موعد الانتخابات الرئاسية في العام ألفين وعشرين.

خطة الرئيس
الرئيس الأميركي لم يكن يتوقع أن يواجه صعوبة في العثور على شخصية ثالثة لتولي المنصب، بل كان همّه الأكبر يكمن في إخراج جون كيلي من دون ضجة. عثر في قرارة نفسه على الشخص المؤهل، وانتظر خروج إشارات من مكتب وزير الأمن السابق تفيد باقتراب موعد الرحيل.

بين ميلانيا وإيفانكا
تسمّر كيلي بداية على كرسيه، فأخذ ترمب المبادرة باعثًا برسائل واضحة حول عدم إمكانية بقاء الأشخاص في مناصبهم. قرع الخطر الأبواب. فالجنرال المتقاعد يدرك أن ابنة الرئيس المدللة لا تكنّ له أي ود، وتحاول إقصاءه بكل ما أوتيت من قوة. عزاؤه الوحيد كان موقف السيدة الأميركية الأولى، ميلانيا، التي طلبت من زوجها عدم الضغط عليه وإقالته، بل إعطاءه حرية اختيار موعد الخروج وفق الظروف التي يجدها مناسبة.

ترمب والثنائي إيفانكا وجاريد تأكدوا أن موعد الخروج أصبح قريبًا، فصبّوا إهتمامهم على تهيئة البديل، ووقع الاختيار على نيك آيرز، الشاب الثلاثيني، الذي يقود فريق موظفي نائب الرئيس، مايك بينس، والمقرب من العائلة الرئاسية.

صدمة ترمب
وقبل أن يطوي الأسبوع الفائت صفحته، طوى ترمب صفحة رئيس أركان موظفيه، معلنًا رحيله في نهاية العام. وبالتزامن بدأ نيك آيرز يتلقى التهنئة بوصفه المرشح الأقوى والوحيد لشغل المنصب، إلا أن الأخير صعق ترمب، بعدما أسر لرئيسه عدم قدرته على تولي المنصب، طارحًا عليه فكرة تعيينه حتى الربيع المقبل، فصدم ترمب الباحث عن شخصية شعبوية لمساعدته على تمرير أجندته وتسويق حملته الانتخابية على بعد أقل من عامين بقليل من موعد الدفاع عن البقاء في البيت الأبيض.

رفض آيرز تولي المنصب جعل المحلل السياسي على شبكة "سي إن إن" ديفيد إكسلورد يقول: "لا أحد يريد هذه الوظيفة، وهناك أسباب لذلك".

أضاف: "وحدها نيكي هايلي خرجت بشكل آمن من الإدارة الحالية"، مشيرًا إلى أن المرشحين يقومون بتغيير أرقام هواتفهم، والذهاب في إجازات مطولة لتلافي اتصال الرئيس بقصد عرض الوظيفة عليهم"، كما سخر من ترمب قائلًا: "عليه أن يضع إعلانًا للوظيفة على موقع كريغسليست".

حتى أنت يا مولفاني
لم تأتِ الصدمة من آيرز وحده، فمايك مولفاني مدير الميزانية في البيت الأبيض، والذي كان يسعى بقوة إلى الحصول على منصب كبير الموظفين، والتقى ترمب في مناسبات عدة، لبحث الأمر، أصبح هو الآخر غير مهتم بالحصول على الوظيفة، بحسب ما نقل موقع إكسيوس عن شخص مقرب منه.

حظ كريستي العاثر
ترمب، ورغم الواقع الأليم، لن يعجز في نهاية المطاف عن العثور على شخص لتسلم المنصب، ولائحته لا تزال تحتوي على أسماء مؤهلة، وهنا يبرز اسم حاكم نيوجرسي السابق، كريس كريستي، الذي انسحب من الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 2016، وفضل دعم ترمب. لكن التجارب تظهر أن اسم كريستي يبرز فقط عند الترشيحات، ويغيب في الوقت الحاسم.&

فهو كان مرشحًا لقيادة الفريق الانتقالي بعد انتصار الثامن من نوفمبر قبل أن يُقصى بفعل فاعل. وورد اسمه لشغل منصب وزير العدل، فحط جيف سيشنز مكانه. ومع كل عملية إقالة أو استقالة يخرج إلى العلن من دون أن تنتهي الأمور بشكل إيجابي بالنسبة إليه، علمًا أن مشكلته ليست في عدم امتلاكه للكفاءة المطلوبة، وإنما في وجود جاريد كوشنر، حيث يرتبط الحاكم السابق بماضٍ سيئ&مع والد كبير مستشاري الرئيس الأميركي، على خلفية قضايا تهرب مالي، جعلت السيد تشارلز كوشنر يمضي فترة لا بأس بها خلف القضبان.

المحظوظ
ولأن أبرز وظيفة في البيت الأبيض تستوجب حصول إجماع عائلي حاليًا، فإن النائب عن نورث كارولينا ورئيس تجمع الحرية المحافظ، مارك ميدوز، يعتبر حاليًا مرشحًا فوق العادة للحصول على هذا المنصب.&

وأكد الصحافي جوناثان سوان أن ترمب يدرس جديًا تعيينه، فهو يعد من أشد المدافعين عنه في مجلس النواب، وساهم في تمرير قانون التخفيض&الضريبي، كما تصدر الصفوف للدفاع عن إيفانكا ترمب، بعد نشر معلومات تتعلق باستخدامها بريدًا شخصيًا في مراسلات حكومية، شاجبًا مقارنة ما فعلته بـ"إرتكابات" هيلاري كلينتون.


&