واشنطن: هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب القادة الديموقراطيين خلال اجتماع في البيت الأبيض الثلاثاء بأنّه لن يتوانى عن إغلاق الحكومة الفدرالية إذا ما أصرّوا على رفضهم رصد مليارات الدولارات لتمويل الجدار المثير للجدل الذي يريد تشييده على الحدود مع المكسيك.

وكان من المفترض أن يُجري الرئيس وكبار قادة المعارضة في الكونغرس اجتماعاً مطمئناً في المكتب البيضاوي يتخلّله التقاط الصور. لكنّ خلافهم الواضح أمام وسائل الإعلام أعطى فكرة عن التحدّيات التي يواجهها ترمب، بينما يسعى لتخطي فضائح قانونية والتعايش مع الواقع الجديد الناجم عن فقدان الحزب الجمهوري السيطرة على مجلس النواب.

وخاطب تشاك شومر، زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ونانسي بيلوسي المرجّح أن تصبح رئيسة مجلس النواب المقبل، الذي تبدأ ولايته في يناير، ترمب بلهجة حادة، مؤكدين أنّه ليست لديه أي فرصة في الحصول على الخمسة مليارات دولار، التي يريدها.

وكرّر ترمب الغاضب تهديداته السابقة بأنّه سيردّ برفض التوقيع على قانون النفقات الفدرالية، الذي يتحتّم التوقيع عليه قبل 21 ديسمبر لتجنّب قطع التمويل عن عدد كبير من المؤسسّات الحكومية.

وقال ترمب "نعم، إذا لم نحصل على ما نريده بطريقة أو بأخرى ... سأغلق الحكومة"، مضيفاً "أفتخر بإغلاق الحكومة من أجل أمن الحدود". وردّ عليه شومر بالقول "أمر واحد أعتقد أنّه يمكننا الاتفاق عليه، وهو أنّه لا يتعيّن إغلاق الحكومة بسبب خلاف".

من جهتها، قالت بيلوسي إنّ الجدل لا ينبغي أن يحصل أمام الصحافيين.

لكنّ ترمب الذي كانت فكرة بناء جدار حدودي مع المكسيك في صلب حملته الانتخابية عام 2016، لم يتمكّن من ضبط انزعاجه.

وأخرج الرئيس بطاقتين وقرأ أرقاماً قال إنّها تظهر قرب الانتهاء من الهجرة غير الشرعية في أجزاء من الحدود أقيمت فيها سياجات عالية. وأضاف أن هذه الإجراءات "أظهرت فعاليّة كبيرة".

لكن بيلوسي ردّت عليه بالقول إنّ هذه الأرقام غير صحيحة.

وقالت "ما يقدّمه الرئيس بهذه البطاقات ليس حقائق. يتعيّن إجراء نقاش قائم على الأدلّة بشأن ما الذي ينجح، ومبلغ المال الذي أنقف ومدى فعاليّته".

وفي وقت لاحق خارج البيت الأبيض كان شومر لاذعاً بدرجة أكبر إزاء ترمب. وقال "نوبة الغضب هذه التي تنتابه على ما يبدو لن تحقّق له جداره وستؤذي الكثير من الناس".

جرائم وأمراض

وقبيل الاجتماع، غرّد ترمب قائلاً إنّ الجدار ضروري للحؤول "دون أن تنتشر على نطاق واسع الجرائم والأمراض" التي يحملها، على حد قوله، مهاجرون غير شرعيين.

وتلقى هذه المسألة شعبية لدى قاعدته السياسية التي تريد إجراءات مراقبة صارمة على الحدود الجنوبية التي تجتذب فقراء من دول أميركا اللاتينية يسعون للعمل في الولايات المتحدة.

لكنّ المعارضين يقولون إنّ الجدار لا يمثّل هدراً للمال فحسب، بل يتمّ استخدامه من جانب الرئيس لإثارة الكراهية للأجانب.

وترمب الذي يقود في الحملات الانتخابية هتافات "ابنوا الجدار"، واجه أزمات في السنتين الأوليين من ولايته. والآن وفيما تقترب مهلة التمويل الفدرالي، يتعيّن على الجانبين اتّخاذ القرار بشأن التراجع عن مواقفهما.

وكان ترمب قال في وقت سابق إنّه سيأمر الجيش ببناء الجدار في حال رفض الديموقراطيون تمويل مشروعه المثير للجدل.

وكتب في تغريدة "إذا لم يعطِنا الديموقراطيون الأصوات لضمان أمن بلادنا، فإنّ الجيش سيقوم ببناء الأجزاء المتبقية من الجدار. يعرفون مدى أهميته!".

وتشهد واشنطن أزمات سياسية منذ بدأ ترمب ولايته، ويتوقّع أن تتفاقم الانقسامات السياسية في يناير عندما ستنتقل الدفّة في مجلس النواب من أيدي الجمهوريين إلى أيدي الديموقراطيين.

ويأتي تغيير الغالبية في المجلس في وقت يواجه فيه ترمب مخاطر متزايدة على خلفية تحقيقات جنائية.