الامم المتحدة: دعا الموفد الخاص للأمم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث الجمعة أمام مجلس الأمن إلى العمل سريعا على إنشاء "نظام مراقبة" في اليمن لمراقبة تطبيق الإتفاق الذي تم التوصل إليه الخميس بشأن مرفأ الحديدة، حيث دارت مواجهات مساء.

اندلعت الاشتباكات عند الاطراف الشرقية والجنوبية لمدينة الحديدة وهي الاولى منذ دخول اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوصل إليه في السويد حيز التنفيذ منتصف ليل الخميس الجمعة، حسبما أفاد اثنان من سكان المدينة.

وقد طالب غريفيث خلال اتصال بوساطة الفيديو من الاردن بـ"نظام مراقبة قوي وكفوء"، مضيفا "ليس ضروريا فحسب، بل هناك حاجة ماسة اليه، وقد أبلغنا الطرفان انهما سيقبلان ذلك". تابع "ان السماح للأمم المتحدة بأن يكون لها دور رائد في الموانئ خطوة أولى حيوية، ونحن بحاجة إلى ان نرى ذلك في الأيام المقبلة".

ويجري حاليًا اعداد مشروع قرار تناقشه دول الأمم المتحدة مع توقعات باقراره في الأسبوع المقبل. وقال غريفيث "سيكون للأمم المتحدة دور قيادي للمساعدة على إدارة وتفتيش موانئ البحر الأحمر في الحديدة والصليف وراس عيسى".

قال دبلوماسيون إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد يقترح قريباً على مجلس الأمن آلية مراقبة للميناء ومدينة الحديدة تضم بين 30 إلى 40 مراقباً. كما اوضح دبلوماسيون إنه ليس من المستبعد أن ترسل الدول بعض المراقبين على الأرض "في مهمة استطلاعية" قبل اتخاذ قرار رسمي. وذكر أحدهم كندا وهولندا كبلدان ممكنة.

في هذا السياق، أوضح غريفيث أن الجنرال النيوزيلندي باتريك كامارت، الذي سبق وأن قاد بعثات للأمم المتحدة، وافق على ترؤس آلية المراقبة هذه، مضيفا أنه من المرتقب وصوله "في منتصف الأسبوع المقبل الى المنطقة".

وبعد محادثات دامت أسبوعا في بلدة ريمبو السويدية، عاد وفد المتمردين اليمنيين إلى صنعاء على متن طائرة كويتية، وسط استقبال حافل في مطار العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ 2014.

وفي الرياض، أعربت السعودية التي تقود تحالفا عسكريا في اليمن منذ 2015، عن تأييدها للاتفاقات التي تم توصل إليها بين المتمردين والحكومة المدعومة من المملكة، مؤكدة تأييدها للحل السياسي.

قال جلال الرويشان عضو الوفد في مؤتمر صحافي "أردنا ان نثبت للعالم أنه كما إننا رجال مواجهة، فنحن رجال سلام أيضا"، مضيفا أن جولة المحادثات في السويد "وضعت أولى الخطوات الصحيحة على طريق السلام وعلى طريق معالجة الأوضاع الانسانية".

وكانت الضمانات بعودة الحوثيين إلى صنعاء شرطا رئيسا وضعه الحوثيون للمشاركة في المحادثات التي اختتمت الخميس. وفي 2016، مُنع المتمردون من العودة إلى صنعاء في أعقاب فشل محادثات في الكويت، ما اضطر أعضاء وفد الحوثيين للبقاء لأشهر عالقين في سلطنة عمان.

وفشلت محاولة لعقد محادثات سلام في جنيف في سبتمبر الماضي بعدما لم يشارك الحوثيون لعدم حصولهم على ضمانات بالعودة إلى صنعاء. ورافق مبعوث الامم المتحدة مارتن غريفيث المتمردين إلى السويد على متن طائرة كويتية في الرابع من ديسمبر.

وكتب رئيس الوفد محمد عبد السلام على حسابه على تويتر الجمعة "الشكر والتقدير للمبعوث الأممي الى اليمن وسلطنة عمان ودولة الكويت ومملكة السويد في تسهيل وإنجاح" المشاورات.

تنازلات&
بدأت حرب اليمن في 2014، ثم تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس التحالف العسكري في مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها بعد سيطرة المتمردين الحوثيين على مناطق واسعة بينها صنعاء.

وقتل نحو عشرة آلاف شخص في النزاع اليمني منذ بدء عمليات التحالف، بينما تهدّد المجاعة نحو 14 مليونا من سكان البلاد.&

خلال محادثات السويد، توصّلت الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون إلى اتفاق لسحب القوات المقاتلة من مدينة الحديدة على ساحل البحر الاحمر ومينائها الحيوي الذي تمر عبره غالبية المساعدات والمواد التجارية، ووقف إطلاق النار في المحافظة التي تشهد منذ أشهر مواجهات على جبهات عدة.

كما اتّفق طرفا النزاع على التفاهم حيال الوضع في مدينة تعز (جنوب غرب) التي تسيطر عليها القوات الحكومية ويحاصرها المتمردون، وعلى تبادل نحو 15 ألف أسير، وعقد جولة محادثات جديدة في الشهر المقبل لوضع أطر لسلام ينهي الحرب.

وقال جمال عامر عضو وفد الحوثيين لدى وصوله إلى مطار صنعاء لفرانس برس "ناقشنا كل المواضيع التي ذهبنا من أجلها تحت عنوان بناء الثقة (...) بنية تقديم تنازلات"، مضيفا "سعينا قدر إمكاننا إلى عدم تعطيل ميناء الحديدة". كما أوضح عضو آخر في الوفد هو يحيى نوري "نأمل أن تشهد الأيام المقبلة تنفيذ ما تم الاتفاق حوله، وان شاء الله تتحقّق نقلة نوعية تهيئ الثقة لخوض مفاوضات أكثر قدرة على معالجة القضايا العالقة".

من بين هذه القضايا موضوع مطار صنعاء الذي لم يتم التوصل إلى اتفاق حوله بعد. وأعلنت الحكومة اليمنية خلال المحادثات أنّها عرضت على الحوثيين إعادة فتح المطار، ولكن بشرط تحويله إلى مطار داخلي، على أن يكون في البلاد مطار دولي وحيد في عدن الخاضعة لسيطرتها، وهو ما يرفضه الحوثيون. وقال نوري إن هذا الملف سيبحث مجددا في الأيام المقبلة.

صفحة جديدة
وقوبلت الاتفاقات في السويد بترحيب من قبل السعودية والامارات اللتين تقودان التحالف العسكري في اليمن، ومن قبل دول غربية ومنظمات انسانية.

وعبّر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية في بيان "عن الترحيب بما تم التوصل إليه من اتفاق"، مؤكدا ان "المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد ملتزمة بالوصول إلى الحل السياسي في اليمن بما يضمن أمنه واستقراره وسلامة أراضيه".

بدوره كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على حسابه على "تويتر"، أن "الطريق لا يزال صعبا لكنه اختراق مهم سيجعل السلام ممكنا". ورغم هشاشتها، أثارت الاتفاقات أملا في نفوس اليمنيين بانتهاء الحرب.

وقال محمد عطاف أحد سكان مدينة عدن لفرانس برس "نستبشر خيرا بأن يبدأ السلام وأن تتصافح الاطراف اليمنية. لا بد أن يشعروا بالمواطن اليمني الذي وصل إلى درجة اليأس". وتابع "لا بد من التعوّد على السلام، ونسيان ما مضى، وفتح صفحة جديدة".