موسكو: قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب قواته من سوريا هو قرار "صائب"، خلال لقائه السنوي بالإعلام الخميس.

وقال بوتين إن "قرار الولايات المتحدة سحب قواتها صائب"، مضيفا أن موسكو لم ترَ بعد ما يشير إلى بدء هذا الانسحاب.&والاربعاء أعلن ترمب في رسالة مسجلة بالفيديو "لقد انتصرنا" على تنظيم الدولة الإسلامية، مؤكدا أن القوات الأميركية "ستعود الآن".&

وتابع بوتين "بالنسبة للانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية بشكل عام أنا أتفق مع الرئيس الأميركي"، مضيفا "لقد سددنا ضربات قوية لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا".&إلا أنه شكك في تصرفات واشنطن، وقال "لم نرَ أي مؤشرات على سحب القوات الأميركية بعد، ولكنني أقر بأن ذلك ممكن".&

ترمب يفاجئ حلفاءه&

وأثار قرار الرئيس الاميركي قلقاً في الولايات المتحدة وردود فعل الخميس لدى حلفاء واشنطن الذين أكدوا استمرارهم في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية. هذا الإعلان المفاجئ الذي يحدث تغييرا عميقا في ميزان القوى على الساحة السورية حيث لروسيا وزن كبير، جاء وسط حالة من الارتباك ليعزز صورة رئيس معزول حول هذا الملف داخل إدارته.

وينتشر حاليا حوالي ألفي جندي أميركي في شمال سوريا لا سيما من القوات الخاصة التي تشارك وتنسق القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتدرب قوات سورية وكردية في المناطق المستعادة منه.

في الفترة الأخيرة حذر عدد من كبار المسؤولين الأميركيين من انسحاب متسرع يطلق يد روسيا وإيران حليفي الرئيس بشار الأسد في سوريا.

ولكن ترمب أعلن الأربعاء أن "الوقت حان" لعودة الجنود الأميركيين الى الوطن. وقال في رسالة بالفيديو بُثت على موقع تويتر عن القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، "لقد انتصرنا. لقد دحرناهم وأنزلنا بهم هزيمة قاسية. لقد استعدنا الأرض. لذا فإن أبناءنا، شبابنا من النساء والرجال (...) سيعودون جميعا، وسيعودون الآن".

وأكدت الوزيرة الفرنسية للشؤون الأوروبية ناتالي لوازو الخميس أن فرنسا "تبقى" ملتزمة عسكريا في سوريا".

وقالت إن الحرب ضد الإرهاب "حققت تقدما كبيراً، صحيح أنه كان هناك تقدم كبير في سوريا من خلال التحالف، لكن هذه المعركة مستمرة ، وسنواصل خوضها".

وفي لندن اعتبرت وزارة الخارجية البريطانية أن تنظيم الدولة الإسلامية لم يُهزم بعد في سوريا.&

واضافت الوزارة ان المملكة المتحدة ستبقى "منخرطة في التحالف الدولي وحملته لحرمان داعش من (السيطرة) على أراضٍ وضمان هزيمته القاطعة".

ولم يتمكن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأربعاء من تحديد تاريخ هذا الانسحاب. وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "إنه انسحاب كامل" سيجري في أقرب وقت.

نشر ترمب رسالته في نهاية يوم حمل مفاجأة في واشنطن بعد انتشار الأنباء عن نية الرئيس الجمهوري سحب القوات. وأفاد دبلوماسي أميركي أن ترمب اتخذ قراره بشكل نهائي الثلاثاء.

وفي مواجهة الانتقادات التي جاءت من سياسيين جمهوريين وديموقراطيين على السواء، شدد ترمب في رسالته المسجلة على أن هذا هو التوقيت الصحيح لمثل هذا القرار.

وقال "انهم يستعدون، وسترونهم قريبا جدا. هؤلاء هم أبطال أميركيون كبار".&

ولم تتوفر معلومات حول أثر القرار على حملة الضربات الجوية التي تنفذها واشنطن في سوريا منذ نهاية 2014.

"خيانة" للأكراد

وقد يضع هذا الإعلان وحدات حماية الشعب الكردية في موقف صعب للغاية علما أنها تحارب بدعم من واشنطن تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا بعد أن هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مجددا الاثنين "بالتخلص" من هذه القوات إذا لم يرغمها الأميركيون على الانسحاب من المناطق الحدودية.

وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية منظمة "إرهابية" مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل ضد الجيش التركي على الأراضي التركية منذ عام 1984.

وحذرت قوات سوريا الديموقراطية التي تعد وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، الخميس من أن قرار سحب القوات الأميركية من سوريا يعطي تنظيم الدولة الاسلامية "زخماً.. للانتعاش مجدداً"، وشن هجمات معاكسة، بعد طرده من مساحات واسعة في البلاد.

وأفادت قيادة هذه القوات في بيان بأن القرار "سيؤثر سلباً على حملة مكافحة الإرهاب وسيعطي للإرهاب وداعميه ومؤيديه زخماً سياسياً وميدانياً وعسكرياً للانتعاش مجدداً والقيام بحملة إرهابية معاكسة في المنطقة".

من جهته، أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان بلاده تبلغت القرار مسبقا، موضحا ان حكومته ستدرس تداعيات الانسحاب الاميركي من سوريا لكنها "ستدافع عن نفسها" ضد أي أخطار محتملة.

وشنت إسرائيل عشرات الضربات في سوريا منذ اندلاع الحرب في 2011 ضد ما قالت إنه قوافل أسلحة موجهة لحزب الله اللبناني ومواقع للحزب ولمقاتلين إيرانيين.

وأكد &ترمب مرارا خلال حملته أنه يريد سحب الجنود من سوريا لأن نشرهم هناك يكلف بلاده مليارات الدولارات، قائلا إنه ينبغي إيلاء الأمر إلى أطراف آخرين، ولا سيما دول الخليج العربية.

لكن العديد من اعضاء ادارة ترمب عبروا عن آراء متباينة حيال هذا الملف الحساس.

"خطأ فادح"

وحتى الأسبوع الماضي كان مبعوث الولايات المتحدة للتحالف الدولي لمكافحة "الارهاب" بريت ماكغورك يؤكد أن الاميركيين سيبقون لوقت طويل في سوريا.

وقال للصحافة في واشنطن "حتى لو ان نهاية سيطرة الخلافة على الأراضي باتت في متناول اليد الان، فإن الانتهاء من تنظيم الدولة الاسلامية سيستغرق وقتا أطول بكثير"، لأن "هناك خلايا سرية" و"لا أحد من السذاجة لدرجة القول إنها ستختفي" بين عشية وضحاها.

وتابع ماكغورك "لا أحد يقول إن المهمة قد أنجزت. بالطبع لقد تعلمنا دروسًا كثيرة. لذا، نحن نعرف أنه لا يمكننا فقط حزم الامتعة والرحيل بمجرد أن يتم تحرير الأراضي".&

ولطالما حذر وزير الدفاع جيم ماتيس من انسحاب متسرع و"ترك فراغ في سوريا يمكن أن يستغله نظام الأسد أو من يدعمه".

وفي المعسكر الجمهوري، أعرب العديد من المشرعين عن أسفهم لقرار ترمب. وسارع السناتور ليندسي غراهام الى ابداء تحفظاته، معتبرا عبر تويتر ان "انسحاب هذه القوة الاميركية الصغيرة من سوريا سيكون خطأ فادحا".

وقال السناتور المحافظ بن ساس في بيان لاذع إن جنرالات الرئيس ليست لديهم "أدنى فكرة من أين جاء هذا القرار".

واعتبر زميله ماركو روبيو ان هذا القرار الذي اتخذ رغم تحذيرات العسكريين يشكل خطأ "سيظل يطارد أميركا لأعوام".