بهية مارديني: كشف مصدر سوري لـ"إيلاف" عن قبول النظام في دمشق مبادرة عربية ستظهر تبعاتها في المشهد السياسي قريبا، وستقوض الدور الإقليمي التركي والايراني في الملف السوري، مقابل دور عربي أكبر.

وقال خالد المحاميد النائب السابق لرئيس الهيئة السورية للتفاوض لـ"إيلاف" أن دمشق "قبلت بمبادرة عربية تم تقديمها اليها، وأن كرسي سوريا في الجامعة العربية سيعاد تسليمه بموجب هذه المبادرة العربية الى دمشق"، مشددا على أن هناك "اتفاق&كاملا".

واعتبر المحاميد أن "دولا عربية ستعيد العلاقات أيضا تدريجيا مع دمشق"، بعد خطوة الإمارات يوم الخميس.

وقال إن عودة العلاقات جاءت ضمن تفاصيل مبادرة فيها "تبن دستور سوري جديد، ووجود معارضة وطنية بأبعاد عربية، ضمن اطار تغيير حقيقي، وإشراك مختلف المكونات السورية في المستقبل"، وذلك بهدف تقويض "الدور الإقليمي الإيراني والتركي"، على حدّ تعبيره.

ولم يكشف المحاميد الكثير من التفاصيل وعن كيفية تقديم هذه المبادرة، وإن كان الرئيس السوداني عمر البشير قد عرضها خلال لقائه الرئيس السوري بشار الأسد أثناء زيارته الى دمشق بعد ثماني سنوات من العزلة.

وحل الرئيس السوداني، يوم 16 من الشهر الجاري ضيفاً على دمشق، بشكلٍ مفاجئ لكنه فتح صفحة جديدة للعلاقات العربية عنوانها عودة العلاقات مع النظام السوري الذي جُمدت عضويته في جامعة الدول العربية، بالتزامن مع إفراطه في استخدام القوة ضدّ المُتظاهرين سلمياً.

وتُعتبر زيارة البشير أول زيارة لرئيس عربي إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة السورية، واعتبرت خطوة فتحت الباب أمام دول عربية أخرى، كان بعضها يرفض تجميد عضوية دمشق في جامعة الدول العربية، وبعضها كان لا يرغب في قطع العلاقات مع النظام لكنها اضطرت لذلك بسبب مسار الساحة الدولية والضغوط الإقليمية، ليعود مسار إعادة تطبيع العلاقات مع نظام الأسد وفق شروط المبادرة الحالية بعد سلسلة أحداث &محليا ودوليا، أفضت الى هذه النتائج.

عودة إلى الساحة الديبلوماسية

تشكل إعادة افتتاح دولة الإمارات لسفارتها في دمشق المؤشر الأوضح حتى الآن على الجهود المبذولة لإعادة سوريا تدريجياً إلى الساحة الدبلوماسية.

ومن المتوقع أن تتكثف خلال الأسابيع المقبلة وتيرة هذه الجهود، التي تضطلع روسيا بدور محوري فيها منذ أشهر عدة، حسب محللين.

وفي ما يلي تذكير بأبرز الخطوات التي تمّ اتخاذها وتلك المتوقعة أن تحصل في المستقبل القريب.

ما تم تحقيقه

- في 29 سبتمبر، وثّقت عدسات وسائل الاعلام مصافحة حارة بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيره البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وكان هذا اللقاء العابر بين الرجلين الأول بين مسؤول سوري وآخر خليجي قطعت دولته علاقاتها بالكامل مع دمشق.

- في 16 ديسمبر، أجرى الرئيس السوداني عمر البشير زيارة مفاجئة الى دمشق، حيث التقى نظيره السوري بشار الأسد، ليكون بذلك أول رئيس عربي يزور سوريا منذ اندلاع النزاع في العام 2011.&

- في 22 ديسمبر، زار رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا علي المملوك القاهرة، حيث أجرى مباحثات مع مدير المخابرات العامة المصرية، في زيارة نادرة لمسؤول سوري أمني بارز لمصر منذ اندلاع النزاع.

- في 27 ديسمبر، أعادت دولة الإمارات فتح سفارتها في دمشق، في خطوة هي الأولى من قبل دولة خليجية، خلال حفل رسمي حضره دبلوماسيون سوريون وعرب موجودون أساساً في دمشق أبرزهم السفير العراقي. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، وبينها الإمارات، طلبت من سفرائها مغادرة سوريا في شباط/فبراير 2012 على خلفية قمع الاحتجاجات ضد النظام في سوريا وقدمت دعماً للمعارضة السياسية والمقاتلة.&

- في اليوم ذاته، أعلنت البحرين "استمرار العمل" في سفارتها في دمشق. وأكدت وزارة الخارجية "حرص مملكة البحرين على استمرار العلاقات مع الجمهورية العربية السورية".

كما تمّ تسيير أول رحلة سياحية من سوريا الى تونس عبر طائرة تابعة لشركة "أجنحة الشام" الخاصة، أقلّت نحو 160 شخصاً، بعد انقطاع لنحو ثماني سنوات.

الخطوات المتوقعة

- تتوجه الأنظار حالياً الى موقف المملكة العربية السعودية، الأكثر نفوذاً في دول الخليج. ويُتوقع أن تبادر بدورها الى إعادة فتح سفارتها في الفترة المقبلة.&

- تحتفظ مصر بعلاقة دبلوماسية وأمنية وثيقة مع الجانب السوري، وهي ممثلة في سوريا من خلال قائم بالأعمال وتلعب وفق مصادر عدة دوراً في الاتصالات الجارية لاعادة سوريا الى الساحة الدبلوماسية.

- بعد إعادة افتتاح معبر نصيب الاستراتيجي بين الأردن وسوريا في تشرين أكتوبر الماضي، زار وفد برلماني أردني دمشق. وأفادت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من دمشق في عددها الجمعة عن اتصالات جارية لرفع التمثيل الدبلوماسي الأردني في دمشق في الفترة المقبلة. وتحدثت عن "اجواء ايجابية" بشأن تعيين سفير فيها.

- يستضيف لبنان في 19 و20 من الشهر المقبل القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية. ومن المتوقع أن تشكل استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية محور بحث ونقاش خلال هذه القمة.

- تستضيف تونس نهاية مارس المقبل دورة جديدة للقمة العربية التي علقت عضوية سوريا فيها منذ نوفمبر 2011، أي بعد أشهر من انطلاق الاحتجاجات ضد النظام السوري. كما فرضت عليها عقوبات سياسية واقتصادية.

وأوضح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، في مؤتمر صحافي في القاهرة الاثنين، أنه "لا يوجد توافق عربي حول مسألة إعادة النظر بشأن قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية".