الرباط: قال سعيد الصديقي، خبير في العلاقات الدولية، إن المغرب بدأ يتعامل بندية غير مسبوقة مع الأوروبيين، خاصة في قضية الصحراء واتفاق الصيد البحري، و ذلك بفضل تغير النظام الدولي الذي يعزز مكانته دوليا.

و أوضح الصديقي في محاضرة بعنوان "السياسة الخارجية المغربية في عالم متغير"، من تنظيم مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني، مساء السبت، بالرباط، أن المنظومة الدولية الحالية تسمح للمغرب بهامش من الحرية في اتخاذ قرارات مستقلة و مواقف حاسمة، واعتماد أسلوب جديد في السياسة الخارجية، شمل حتى الدول الكبيرة، حيث أظهر نوعا من الاستقلالية في حدود معينة يسمح بها النظام الإقليمي.

و أفاد الصديقي، وهو أستاذ التعليم العالي بدولة الإمارات أن النظام متعدد الأقطاب (أميركا وروسيا والصين) يمنح للدول الصغرى بما فيها المغرب هامش المناورة و الحركة، من خلال سعيه لتنويع شركائه.

و حول معالم السياسة الخارجية المغربية خلال حكم العاهل المغربي الملك محمد السادس، أشار إلى مرحلتين، تشمل أولاهما التركيز على إشعاع المغرب و تحسين صورته مع التركيز على الداخل عوض الخارج عكس ما كانت عليه الأمور في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.

و قال الصديقي:"في السنوات الأولى لاحظنا أن المغرب لم يكن يتفاعل مع القضايا الدولية، فحضوره في المنتديات الدولية لم يكن بوفود عالية المستوى، بالمقابل، سعى للحفاظ على علاقاته مع شركائه التقليديين خاصة الاتحاد الأوروبي وأميركا، مما يمثلإدراكا رسميا بضرورة تأهيل الدبلوماسية المغربية".

و أوضح أن السياسة الخارجية تغيرت بعد انتفاضات الربيع العربي ، و إقرار دستور 2011، حيث انتقلت من المجال المحفوظ للمؤسسة الملكية للمجال المشترك، بمنح هامش أكبر للحكومة لتدبير السياسة العامة للدولة رغم أنها تعترف عمليا أن السياسة الخارجية هي مجال خاص ومحفوظ للمؤسسة الملكية.&

و اعتبر الأكاديمي المغربي أن بلاده تعيش في محيط إقليمي صعب واستثنائي محاط بتهديدات ومخاطر من كل الجهات، بوجود مؤسسة قوية بكفاءة وإمكانيات مالية للتخطيط للسياسة الخارجية، في ظل أحزاب تشتغل على الدبلوماسية الموازية لكنها تفتقد للتخطيط البعيد.

و أوضح أن الصحراء تأتي في قمة أولويات السياسة الخارجية لأنها مرتبطة بوجود الدولة واستمرارها فهي تشكل قضية حياة أو موت بالنسبة للمغاربة، فضلا عما تطرحه من فوائد تجعل المغرب حذرا في سياساته الخارجية، و تشكل ناظما لسياساته في عالم غامض يتميز بعدم اليقينية.

و بشان العلاقات مع الجزائر ، وسباق التسلّح بين البلدين ، قال الصديقي:"رغم الحديث عن التنافس في التسلح بين البلدين، إلا أن سلوكهما ما زال عقلانيا في حدود الحفاظ على توازن القوى، حينما تتنافس الدول في التسلح تقتنع أنه لن يعزز أمنها وإنما يؤدي لنتيجة عكسية، فالأسلم لها أن يكون تسلحها في الحد الذي لا يحفز الدول الأخرى للدخول في السباق".

و أشار الى أن الإسبان يضعون المغرب على رأس استراتيجيتهمالأمنية باعتباره تهديدا رغم أنه ليس هناك توازن قوى راسخة، فالمغرب معاق في محيطه الإقليمي ولا يمكن أن يقوم بدور في محيطه القاري والجهوي والدولي إذا ظل محاصرا بقيود يفرضها النظام الإقليمي، منها تجاذبات غرب المتوسط من خلال علاقاته بإسبانيا والنزاعات الإقليمية وبعض المصالح الاقتصادية المتناقضة، فضلا عن علاقته بالجزائر التي يسودها الشك والتوجس المتبادل.