إيلاف من الرياض: أقفل عام 2018 آخر أبوابه على ثلاث&أزمات عربية مستعرة، لكن تنذر بقرب حلها. إنها أزمات اليمن وليبيا وسوريا. سألت "إيلاف" قارئها العربي: "أي هذه الأزمات تعتقد أسبق إلى الحل في غضون عام 2019؟" نالت الأزمة السورية النسبة الأعلى من الأصوات، إذ صوّت لها 315 قارئًا من أصل 562 شاركوا في الاستفتاء (بنسبة 56 في المئة)، فيما حلت اليمن ثانية بـ 168 صوتًا (30 في المئة)، وليبيا ثالثة بـ 79 صوتًا (14 في المئة).

سوريا

لا غرابة في أن تنال الأزمة السورية أعلى نسبة تفاؤل بحلها في عام 2019. فالحل متسارع جدًا هناك، خصوصًا بعد ما يروجه النظام السوري عن عودة سوريا&إلى الحضن العربي، وعودة العرب جميعًا إلى حضن "الوطن". فقد أعلنت الخارجية البحرينية الجمعة عن "استمرار العمل في سفارة مملكة البحرين لدى الجمهورية العربية السورية الشقيقة، علمًا أن سفارة الجمهورية العربية السورية لدى مملكة البحرين تقوم بعملها". أضاف البيان أن الرحلات الجوية بين دمشق والمنامة "قائمة من دون انقطاع".

يأتي ذلك بعد يوم من إعلان الإمارات بدء العمل في سفارتها في دمشق، حيث باشر القائم بالأعمال بالنيابة مهام عمله اعتبارًا من الخميس، بحسب وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية. ومن المتوقع أن تغير دول عربية وخليجية مواقفها وتعيد تطبيع العلاقات مع نظام الأسد بينما تزيد المخاوف من النفوذ الإيراني في المنطقة. وتتوجه الأنظار إلى السعودية التي يُتوقع أن تبادر بدورها إلى إعادة فتح سفارتها في دمشق قريبًا.&

ليست هذه المسائل إلا بوادر حل سريع للأزمة السورية، خصوصًا أن مصدرًا سوريًا كشف لـ"إيلاف" عن قبول نظام دمشق مبادرة عربية تقوض الدورين الإقليمي التركي والإيراني في الملف السوري، في مقابل دور عربي أكبر. وقال خالد المحاميد، النائب السابق لرئيس الهيئة السورية للتفاوض، لـ"إيلاف" إن دمشق "قبلت بمبادرة عربية تم تقديمها إليها، وإن كرسي سوريا&في الجامعة العربية سيُعاد تسليمه بموجب هذه المبادرة العربية إلى دمشق"، مشددًا على أن هناك "اتفاقًا كاملًا".

وقال إن عودة العلاقات جاءت ضمن تفاصيل مبادرة فيها "تبني دستور سوري جديد، ووجود معارضة وطنية بأبعاد عربية، ضمن إطار تغيير حقيقي، وإشراك مختلف المكونات السورية في المستقبل".

اليمن

التفاؤل في اليمن موجود، لكنه حذر. للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في اليمن، انعقدت مفاوضات سلام تهدف إلى إنهائها وسط تأكيد الحكومة الشرعية على ضرورة أن تكون المرجعيات الثلاث، أي قرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، جزءًا من الحل السياسي.&

الكلام هنا عن المبادرة الخليجية التي نصت على تنازل الراحل علي عبدالله صالح عن السلطة لصالح نائبه عبد ربه منصور هادي، وبدء جلسات الحوار الوطني بين كافة فئات الشعب، على أن يؤدي الاتفاق الناتج عن الحوار الوطني إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه. انطلق الحوار الوطني في مارس 2013، وتوصل إلى وثيقة كادت تحل الأزمة السياسية في البلاد، لولا انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية في عام 2014. أما القرار الأممي 2216، الصادر في 14 أبريل 2015، فيوثق خروقات الحوثيين، وعدم جديتهم في إنهاء الأزمة.

وفي الأول من ديسمبر، جدّدت الأمم المتحدة استعدادها لأداء دور أكبر فى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، بما يضمن بقاءه مفتوحا، محذرة فى الوقت نفسه من أن اليمن يقترب من كارثة كبرى. وقال مارك لوكوك، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن الأوضاع فى اليمن تتدهور بشكل مثير للقلق، مؤكدًا أن لا حل للأزمة فى اليمن إلا سياسيًا.

أما المحادثات التي حصلت في السويد بين وفدي السلطة الشرعية والحوثيين، فقد أجمعت الأطراف كلها أنها فرصة كبيرة. وقال أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، إنها توفر فرصة حاسمة لنجاح الحل السياسي. واعتبر أن الحل السياسي المستدام بقيادة يمنية يوفر أفضل فرصة لإنهاء الأزمة الحالية، "فلا يمكن لدولة مستقرة، مهمة للمنطقة، أن تتعايش مع ميليشيات غير قانونية"، خاتمًا أن قرار مجلس الأمن رقم 2216 يقدم خريطة طريق قابلة للتطبيق.

وقالت الأمم المتحدة السبت إنه جرى تنفيذ عدد من بنود اتفاق الحديدة الموقع في العاصمة السويدية، بعد أسبوع واحد من وصول بعثة المراقبة الأممية إلى اليمن.

وأكدت المنظمة الأممية أن أطراف النزاع في اليمن وافقوا على فتح الممرات الإنسانية المغلقة منذ سنوات بسبب الحرب. وأشارت إلى أن طريق الحديدة - صنعاء سيكون أول الطرق المغلقة المقرَّر فتحها، وتتبعها طرق أخرى على مراحل، لكنها لم تُحددها. كما أكدت أن الحوثيين بدأوا إعادة نشر قواتها بالحديدة وفقًا للخطة المتَّفق عليها في السويد.

ليبيا

أما التفاؤل في ليبيا فموجود، لكنه ضعيف. لم يكشف وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي سرًا حين قال إن ما يعطل حل الأزمة الليبية هو التدخلات الخارجية، "ولو تُرك الليبيون من دون إملاءات خارجية فسيتمكنون من الوصول إلى حل للأزمة الراهنة، فما يربط الليبيين أكثر مما يفرقهم".

كما أشار الجهيناوي إلى أن تونس ترى أن ليبيا لا تزال موحدة، "فعلى الرغم من الانقسام السياسي الحاصل في البلاد، فإنه لا توجد جهة تدّعي سيطرتها على جزء من ليبيا فقط، وتزعم انفصاله، لكن ما يحدث هو أن الجميع يدّعي السيطرة على كامل البلاد، ونحن نتعامل مع الوضع في ليبيا على أنها دولة واحدة ونتمنى ألا يسير الوضع في اتجاه الانقسام".

ما يزيد الاقتناع بما قاله الجهيناوي هو التدخل الروسي الجديد في الأزمة الليبية، يعتبرها سيف الإسلام القذافي خشبة خلاص لليبيا من عهد الفوضى والمليشيات واستشراء السلاح وتمدد الإسلاميين.

وأثار الإعلان الروسي عن زيارة مبعوث سيف الإسلام إلى موسكو، وتسليمه رسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تساؤلات عديدة عن موقف موسكو. تبعت ذلك تصريحات لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قال فيها: "ينبغي أن يلعب سيف الإسلام القذافي دورًا في المشهد السياسي الليبي". ويرى مراقبون في هذه الزيارة نقطة تحول كبيرة في ليبيا نظرًا لهوية سيف الإسلام مع عدم قبول الشعب الليبي به، فتحريك روسيا سيف الإسلام ينقل الملف الليبي إلى نقطة سلبية، تزيد حدة الحرب الداخلية، وتسرّع تقسيم ليبيا، خصوصًا أن موسكو تفضل الضابط الليبي خليفة حفتر، لأنه مقبول دوليًا، ويلبي للروس مطالبهم برفعه شعار مكافحة الإرهاب وبخلفيته العسكرية.