على بعد ثلاثة أشهر تقريبًا من الانتخابات النيابية في لبنان، والمُنتظرة منذ عام 2013، لا يبدو أن تيار المستقبل يعيش في أفضل أيامه، وسط توقعات تشير إلى أن بعض الفرقاء السياسيين اللبنانيين يهدفون إلى تقليص عدد نواب كتلة رئيس الحكومة الحالي، سعد الحريري.

خاص بإيلاف: إذا كان القانون الانتخابي، الذي تم إقراره، والقائم على النسبية، يشكل ضربة بحد ذاته إلى طموحات "المستقبل" في الحفاظ على حجم الكتلة الحالية، فإن عوامل أخرى تُساهم في تعقيد موقف التيار الأزرق، الذي يمتد حضوره من جنوب البلاد إلى بقاعها وشمالها.

وأصبح مؤكدًا أن حزب الله والقوى السياسية المتحالفة معه يحضران نفسيهما للغرف من صحن "المستقبل" في السادس من مايو، وتشكيل كتلة نيابية من شخصيات سنية تنتمي إلى مناطق متعددة، تقف إلى جانب الحزب في البرلمان.

توزيع الخدمات 
يُمكن ملاحظة الصفحات الشخصية على مواقع التواصل للسياسيين المعارضين لتيار المستقبل لتوقع ما يُحضر له، فكل الوزارات والقطاعات التي تُشرف على إدارتها أحزاب منضوية تحت راية قوى الثامن من آذار (مارس)، لا تبخل على مناوئي المستقبل بالخدمات. 

فيمكن مثلًا ملاحظة مشاريع تعبيد الطرقات في بلدات مختلفة من الأقضية والمناطق اللبنانية، والتي يتبعها عادة ظهور مصور لأصحاب الفضل (الشخصيات التي استقدمت الأسفلت) في حضرة الناخبين الذين استفادوا من هذه الخدمات. لا يقتصر الموضوع على الزفت الانتخابي، بل يُمكن مشاهدة صور لهؤلاء السياسيين إلى جانب موقوفين سابقين في أحداث أمنية، تحديدًا في شمال البلاد، مرفقة بعبارات تلفت إلى متابعتهم لملفات هؤلاء وصولًا إلى إخلاء سبيلهم. 

تغييرات كبيرة
الجدير بالذكر أن استفادة خصوم الحريري من الخدمات لا يعني بأن تيار المستقبل يقف متفرجًا، ولا يعمل على توظيف نفوذه في الإدارات، من أجل مصالح ناخبيه، ولكن وجود عدد كبير من حلفاء حزب الله في الوزارات في الوقت الحالي يوفر فرصًا لم تكن موجودة قبل لمعارضي التيار الأزرق.

ريفي يُحارب سعد بإرث والده
لا تقف المصاعب التي يواجهها تيار المستقبل عند حدود فريق الثامن من آذار (مارس)، فوزير العدل السابق، أشرف ريفي يقف هو الآخر في موقع معارض لرئيس الحكومة سعد الحريري، لكنه لا يعتمد على تأمين الخدمات العامة المحجوبة عنه أصلًا في العهد الحالي في ظل علاقاته المقطوعة مع معظم أحزاب السلطة لشحذ همم الناخبين، بل ينطلق من خطابات الحريري السابقة أعوام 2005 و2009 حتى لحظة ترشيحه لسليمان فرنجية لرئاسة الحكومة، ويقدم نفسه على أنه الوريث السياسي لحالة الرئيس رفيق الحريري. 

وبهدوء ينتظر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي يوم الانتخابات ليكشف عن قوته الشعبية بعيدًا عن قوى 8 و14 آذار (مارس)، وهو يسعى إلى تشكيل كتلة تعبر طرابلس للمرة الأولى طامحًا إلى التمدد نحو العاصمة بيروت ومناطق شمالية أخرى، وكذلك تُمني الجماعة الإسلامية نفسها برفع حجم تمثيلها، بعدما اكتفت عام 2009 بالقبول بعماد الحوت نائبًا في بيروت مقابل دعم الحريري في مناطق تواجدها كافة.

الخطر الأكبر
ورغم كثرة عدد الخصوم، والجبهات المفتوحة، إلّا أن الخطر الأكبر على تيار المستقبل يكمن في الداخل في ظل خروج أصوات كثيرة مطالبة بإجراء تغييرات جذرية عبر تقديم مرشحين جدد، فالفترة الطويلة التي قضاها النواب الحاليون في المجلس بفعل التمديد أوصلت شريحة واسعة من أنصار المستقبل إلى قناعة تفيد بأن من تخلف عن تأمين الخدمات وسنّ التشريعات طوال السنوات التسع الماضية، لن يغيّر من طريقة أدائه في حال انتخابه مجددًا، وإلى جانب المطالبة بالتغيير، برزت أخبار تتحدث عن استبعاد ترشيح نواب المستقبل الذين عارضوا قرار زعيم التيار بانتخاب عون، فهل يستجيب الحريري لأصوات الداخل المطالبة بالتغيير من أجل مواجهة خطر الخارج، أم يذهب إلى المعركة الانتخابية بالأسلحة القديمة، وليحصل ما يحصل؟.