القاهرة: لم يعد حلم الوصول إلى الفضاء واستكشاف الكثير من أسراره حكرًا على وكالة بحوث الفضاء الأميركية "ناسا" ومتعهدتيها الرئيسيتين "لوكهيد مارتن" و"بوينغ"، حيث بدأ يُثبِّت بعض رجال الأعمال خطاهم في ذلك المجال، وكان آخرهم الملياردير إيلون ماسك الذي كان حديث العالم في الأيام القليلة الماضية بعد إطلاق شركته "سبايس إكس" صاروخًا سمته "فالكون"، وهو أقوى صاروخ تم تصنيعه وإطلاقه إلى الفضاء حتى الآن، وعلى متنه سيارة من نوع تسلا.

الأثرياء الطامحون

علقت على ذلك صحيفة غارديان البريطانية بقولها إن ذلك الصاروخ، الذي يتم تصنيعه منذ سنوات بتكلفة قاربت نصف مليار دولار، حفز بفضل نجاحه كثيرا من العلماء، المهندسين ورجال الأعمال وألهمهم بفكر جديد نحو مستقبل آخر.

نقلت الصحيفة عن جون لوغسدون، الأستاذ المتقاعد لدى جامعة جورج واشنطن ومؤسس معهد سياسة الفضاء، قوله: "ها هو ايلون من جديد. ويمكن وصف التطورات الراهنة بأنها منافسة، والمنافسة هي الطريقة الأميركية للحياة. وقد تحدت سبيس إكس صناعة الإطلاق التقليدية في الولايات المتحدة، أوروبا، الصين وروسيا".

ومضت الصحيفة تقول إن الأمر لم يتوقف أيضًا على ماسك، فهناك كذلك الملياردير جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون وصاحبها، الذي أطلق هو الآخر صاروخًا قابلًا لاعادة الاستخدام من خلال شركته "بلو أوريغن"، وكذلك رائد الأعمال والملياردير الشهير، ريتشارد برانسون، ومجموعة أخرى من رواد الأعمال الطامحين.

سباق فضائي

قال فيل لارسون، كبير مستشاري القسم العلمي في البيت الأبيض إبان فترة حكم الرئيس باراك أوباما والمسؤول السابق بشركة سبايس إكس، إن عصر الفضاء ولد نتيجة سباق بين الحكومات، في إشارة من جانبه إلى أول قمر صناعي يتم اطلاقه من جانب الاتحاد السوفياتي في عام 1957.

تابع فيل: "ما نشاهده في آخر 5 إلى 10 أعوام هو ذلك التنافس بين الشركات وفي بعض الأحيان بين الحكومات والشركات. ويظهر صاروخ فالكون الثقيل إلى أي مدى قد وصلنا، وهناك الكثير من الصواريخ الجديدة التي يتم تطويرها الآن، بعضها خفيف، بعضها ثقيل للغاية وبعضها الآخر في المنطقة الوسط. ذلك هو الأنموذج الجديد الذي نقف عنده الآن".

أكدت غارديان فكرة أن ذلك السباق الفضائي الجديد يعد بالفعل أكثر غرابة من سباق الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، فالوكالات الحكومية مثل ناسا، روسكوسموس ووكالة الفضاء الأوروبية التي تتعاون مع بعضها البعض منذ عقود تواجه الآن منافسة ودية وتدخل في شراكات مع شركات لديها أهدافها الخاصة على المدى الزمني البعيد، وهو واقع جديد ومختلف بطبيعة الحال.

علق هنا كاسي دريير، مدير قسم سياسة الفضاء عند جمعية الكواكب، بقوله: "الأمر الجديد الآن هو أن الشركات أنفسها تمتلك طموحات تتجاوز العقود الحكومية".

مخاطر ومكافآت وطموحات

لفتت غارديان إلى أن سبايس إكس وبلو أوريغن تتعاونان لتصنيع صواريخ ملائمة لسفر البشر في مسارات مختلفة جدًا، وإلى أن شركة بيزوس تعكف على تطوير صاروخها الجديد "غلين" الذي يزيد في الحجم عن صاروخها الحالي القابل لاعادة الاستخدام، وأن ماسك يسعى لتطوير صاروخ آخر أكبر من صاروخ فالكون، أطلق عليه اسم "بيغ فالكون" وسيعني بنقل البشر لأعماق الفضاء.

أضاف جيف مانبر، رئيس شركة Nanoracks المختصة في بحوث الفضاء، قائلًا: "بلغنا أخيرًا النقطة التي تدل على وجود سوق قوي، حيث لم تعد تتوقف الأمور على التنظيم أو الدعم الحكومي. وبات يفرض ذلك السوق الجديد على المتنافسين أن يتعاونوا مع بعضهم البعض وأن يتعاونوا مع الحكومات (التي تعتبر أبرز عملائها)، وهو ما يعني أن ذلك السباق الفضائي الجديد الحاصل في الوقت الحالي بين الدول، الشركات والمليارديرات، هو سباق مرتبط بالمخاطر، المكافآت والطموحات من بين مجموعة عوامل أخرى متنوعة، وسط ترقب لما قد يحدث بالمستقبل.

 

أعدّت "إيلاف" المادة عن "غارديان". الصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/science/2018/feb/09/new-space-race-billionaires-elon-musk-jeff-bezos