أكد وفد البرلمان الإماراتي المشارك في مؤتمر رؤساء المجالس والبرلمانات العربية برئاسة عبدالعزيز عبدالله الزعابي النائب الثاني لرئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي (البرلمان) على أن شمولية مكافحة الإرهاب وإجتثاث جذوره تتطلب مضامين جديدة وشاملة لمعالجة أبعاد الظاهرة الإرهابية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً وتربوياً وتقنياً وتشريعياً وتحويل المواجهة من إجراءات معزولة تقوم بها كل دولة على حدة الى تخطيط استراتيجي شامل.

وأضاف الوفد الإماراتي ان "الوثيقة العربية الشاملة لمكافحة الإرهاب" الصادرة في ختام أعمال المؤتمر الثالث لرؤساء المجالس والبرلمانات العربية التي عقدت اليوم السبت بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية بالقاهرة برئاسة رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل السلمي، والتي سيتم رفعها الى القمة العربية المقبلة في دورتها التاسعة والعشرين بالرياض في مارس المقبل، تطالب بتوحيد جهود الدول العربية، ضد كافة أشكال الإرهاب وفي مختلف بقاع العالم العربي، من أجل اجتثاث الإرهاب من جذوره والقضاء عليه نهائياً.

وقالوا "إننا نسعى من خلال هذه الوثيقة العربية الشاملة إلى بلورة مجموعة متكاملة من الرؤى والتدابير والإجراءات تحظى بإجماع عربي لمكافحة الإرهاب بأبعاده المختلفة، بما يُعزز سبل الوقاية من الإرهاب ومعالجة أسبابه واقتلاع جذوره، وتجفيف منابعه من جانب، وتُقدم حزمة من التدابير العلاجية لمواجهة ومكافحة الإرهاب حال وقوعه من جانبٍ آخر".

حالات الكفاح ليست ارهابًا

وتابع ان الوثيقة تشدد على أنه لا تعد أعمالاً إرهابية، حالات الكفاح بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير، وفقاً لمبادئ القانون الدولي، ولا يعتبر من هذه الحالات كل عمل يمس بالوحدة الترابية لأي من الدول العربية.

وأدانت الوثيقة التي حصلت "إيلاف" على نسخة معتمدة منها، بشدة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، أياً كان مرتكبوه، وحيثما أُرتكب، وأياً كانت أغراضه، كما أدانت تمويله وتوفير الدعم له بشكل مباشر أو غير مباشر.

تنامي التنظيمات الإرهابية

وطالبت الوثيقة بالعمل المشترك على معالجة الظروف والعوامل التي تُغذي التطرف والإرهاب، مؤكدة أن تنامي التنظيمات الإرهابية وانتشار أفكارها الهدامة، خطرٌ لا يُهدد الأمة العربية في حاضرها وإنما يُهدد مستقبل أجيالها القادمة، فالإرهاب هو الذي يدمر الدول وكياناتها ووحدتها الترابية، ويُبدد الموارد، ويُعطل التنمية، ويدمر التراث، وينشر الفكر الظلامي، ويبث الرعب والفزع، ويُشرد الأسر، ويقتل عوائلها وأطفالها وشبابها ونساءها ويغرس الحزن في نفوسها، ويورثها اليأس والإحباط، وينشر التعصب والكراهية والعنف والقتل وسفك الدماء بديلاً عن قيم التسامح والتعارف وقبول الآخر.

وأشارت الوثيقة إلى أن الإرهاب من أخطر الظواهر الإجرامية التي تعرضت لها الأمة العربية، وأكثرها وحشية ضد الإنسانية، ويُعد تحدياً غير مسبوق للدول العربية ولمؤسسات العمل العربي المشترك، لما يمثله من تهديدٍ لا يمس الكيانات المادية فقط، بل ينال من الفكر والعقيدة والأمن والسلم الأهلي واستقرار الدول العربية،

مستجدات عربية

وأكدت الوثيقة أن المستجدات على الساحة العربية تستدعي مضاعفة الجهود العربية المشتركة، أكثر من أي وقتٍ مضى، لمواجهة القضايا الشائكة والتهديدات الماثلة للأمن والسلم العربي جراء تنامي الإرهاب والتطرف العنيف وتمدد الجماعات الإرهابية وتَشكُل مليشيات مسلحة داخل الدول العربية، وتأجيج الفتن الطائفية وتداعيات ذلك على وحدة المجتمعات العربية.

وثمنت الوثيقة ما حققته الدول العربية وقواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية من نجاحات بتوجيه ضربات موجعة للتنظيمات والميليشيات الإرهابية.

وعرفت الإرهاب بأنه:"كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر

بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر"

وتعرف الوثيقة الجريمة الإرهابية بأنها "هي أي جريمة أو شروع فيها تُرتكب تنفيذاً لغرض إرهابي في أي دولة متعاقدة أو على ممتلكاتها أو مصالحها أو على رعاياها أو ممتلكاتهم يعاقب عليها قانونها الداخلي، وكذلك التحريض على الجرائم الإرهابية أو الإشادة بها ونشر أو طبع أو إعداد محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أيا كان نوعها للتوزيع أو لإطلاع الغير عليها بهدف تشجيع ارتكاب تلك الجرائم، ويُعد جريمةً إرهابية تقديم أو جمع الأموال أيا كان نوعها لتمويل الجرائم الإرهابية مع العلم بذلك، كما يُعد من الجرائم الإرهابية الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقيات التالية، عدا ما استثنته منها تشريعات الدول المتعاقدة أو التي لم تصادق عليها".

معالجة شاملة 

 وتهدف الوثيقة العربية الشاملة لمكافحة الإرهاب إلى تقديم معالجة شاملة لظاهرة الإرهاب تتجاوز إطار العمل الأمني، وصولاً الى مجالات تعكس تعقيدات ظاهرة الإرهاب وتعدد أبعادها وتقاطعها مع كافة مجالات الحياة ، وتوحيد جهود الدول العربية، ضد كافة أشكال الإرهاب وفي مختلف بقاع العالم العربي، من أجل اجتثاث الإرهاب من جذوره والقضاء عليه نهائياً.

وأكدت الوثيقة على المبادرة العربية بما يكفل ويمّكن الدول العربية من التعامل على نحو فعال مع التهديدات التي تواجهها والمخاطر التي تحيط بالأمن القومي العربي والتصدي للأجندات المذهبية والطائفية والتدخل في شؤون الدول العربية، ووضع حد لتجاوزات الدول الإقليمية رعاة الطائفية والإرهاب والتطرف في المنطقة العربية ونشر مفاهيم الدين الإٍسلامي السمح بشأن التعارف والتسامح والحوار البناء بين مختلف الدول والأديان والثقافات، وحماية ونشر وترسيخ هذه المفاهيم والمحافظة عليها وتعزيزها لدى الأفراد والمجتمعات.

تحسين مستوى معيشة المواطن

كما أكدت الوثيقة على تعزيز الشراكات العربية مع المنظمات الدولية والدول ذات القدرات المتقدمة في مجال مكافحة الإرهاب ودفع التعاون المشترك بين الدول العربية بشأن برامج تحسين مستوى المعيشة للمواطن العربي إلى أعلى مستوى، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة ومزدهرة تحصن الأسر والشباب العربي من الأفكار المتطرفة ، كما تؤكد على ربط التكامل الاقتصادي العربي بمنظومة الأمن القومي العربي، وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد وتضييق الفجوة الغذائية العربية والإدارة المستقبلية للموارد المائية، تحقيقاً للأمن المائي العربي.

ودعت الوثيقة إلى دعم العمل العربي المشترك وبناء القدرات لمواجهة عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والقرصنة ومكافحة الجريمة المنظمة، وتهريب المخدرات عبر الحدود والمعابر البرية والبحرية والجوية وتعزيز التعاون في مجال التعليم والبحث العلمي وبناء القدرات وفتح آفاق تنموية أفضل في العالم العربي، بما يحد من إشكالية البطالة والفقر والتهميش، التي تُغذي الإرهاب بشكلٍ مباشر أو غير مباشر.

منطلقات الوثيقة

وأكدت الوثيقة على العديد من المنطلقات أهمها أن التطرف والإرهاب يشكلان تهديداً مستمراً للسلم والأمن ليس فقط في الدول العربية بل في كل دول العالم، ويجب إدانتهما والتصدي لهما بصورة شاملة من خلال جهد عربي ودولي منظم ومستمر وعبر آليات قابلة للتنفيذ.

كما أكدت على أن الإرهاب لا يرتبط بأي مِلةٍ أو عرق، أو جنسية، أو حضارة، وأن الأديان السماوية تجرم الإرهاب وتدعو إلى التسامح والاعتدال، ونبذ كل أشكال الجريمة وأن الإرهاب لا مبرر له، بصرف النظر عن أية ذرائع يسوقها الإرهابيون تبريراً لأعمالهم، ويجب أن يكون محل إدانة شديدة من الجميع ، كما أنه لا تعد أعمالاً إرهابية، حالات الكفاح بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير، وفقاً لمبادئ القانون الدولي، ولا يعتبر من هذه الحالات كل عمل يمس بالوحدة الترابية لأي من الدول العربية.

حق السيادة ووحدة أراضي الدول

وشددت الوثيقة على حق السيادة للدول العربية ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، خط الدفاع الأول لمكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وأن مكافحة الإرهاب والتطرف مطلباً شعبياً يفرضه الأمن القومي العربي الهادف إلى توفير الأمن والاستقرار للمواطن العربي وحماية القيم الديمقراطية والحقوق والحريات.

وأكدت الوثيقة على حق الدول العربية في التصدي لأي اعتداء على مجتمعاتها ومواطنيها، وعلى مؤسسات الدولة وأجهزتها، واتخاذ جميع الإجراءات وكافة التدابير التي تحول دون تعرضها لأي تهديدات واعتداءات تشكل خطراً على السلم الاجتماعي والقومي، وضمان الحفاظ على سيادتها وترابها الوطني.

وأشارت إلى أن التضامن العربي يأتي على رأس مقومات الوثيقة العربية لمكافحة الإرهاب، من خلال حشد طاقات وقدرات وموارد الأمة العربية لمواجهة هذا الخطر ، وتعزيز قدرة الأمة العربية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية جنباً إلى جنب مع قدراتها الأمنية والعسكرية ضمن منظومة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب.

وأكدت الوثيقة أن شمولية مكافحة الإرهاب وإجتثاث جذوره، تتطلب مضامين جديدة وشاملة لمعالجة أبعاد الظاهرة الإرهابية اجتماعياً، واقتصادياً، وسياسياً، وثقافياً، وتربوياً، وتقنياً، وتشريعياً، وتحويل المواجهة من إجراءات معزولة تقوم بها كل دولة على حدة الى تخطيط استراتيجي شامل.

التدخل الإيراني في المنطقة

وأكدت الوثيقة أن التدخل الإيراني في المنطقة العربية أدى إلى إذكاء الطائفية واستشراء الإرهاب، وتمدد الجماعات الارهابية وتكوين ودعم ميليشيات طائفية مسلحة، الأمر الذي يُشكل تهديداً للتماسك المجتمعي في الوطن العربي، إلى جانب التدخل التركي في المنطقة العربية الذي يمس السيادة والشؤون الداخلية لبعض الدول العربية.

وأشارت الوثيقة إلى صعوبة السيطرة على مصادر تمويل الإرهاب، وبناء شبكات رقابة مالية تحول دون استخدام العمل الخيري في تمويل الإنشطة الإرهابية ، ومحدودية الموارد اللازمة لخطط مكافحة الإرهاب في ظل سعي الدول العربية لتكريس مواردها اللازمة لتحقيق خطط التنمية الوطنية.

غسيل الأموال

وأوضحت الوثيقة أنه من بين التحديات التي تواجه خطط عملية مكافحة الإرهاب، تطور وسائل غسيل ونقل الأموال وتنامي عصابات تهريب الأشخاص والأسلحةٍ عبر الحدود، خاصةً في ظل طول وامتداد الحدود البرية والبحرية لمسافات شاسعة، بالإضافة إلى التضاريس الوعرة في بعض المناطق الحدودية في المنطقة العربية ، فضلاً عن تمويل بعض الدول والمنظمات للعمليات الإرهابية، وإيواء العناصر المتطرفة التي تشجع وتتبنى أفكار التطرف والإرهاب.

كما أشارت الوثيقة إلى ترويج بعض وسائل الإعلام للعمليات الإرهابية والدفاع عنها مما يُشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي العربي، وإخلالاً بالمواثيق العربية المشتركة وفي مقدمتها ميثاق جامعة الدول العربية وانتشار الفساد المالي والإداري لدى بعض العاملين من أصحاب النفوس الضعيفة في بعض الأجهزة الحكومية، الأمر الذي يُسهل وصول الإرهابيين لتحقيق أهدافهم.

حجب مواقع الانترنت

وطالبت الوثيقة بحجب مواقع الإنترنت التي تروج للتطرف والإرهاب أو تدافع عنه، وتثقيف المواطنين بشأن التأثيرات السلبية لمواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعى والقنوات الإعلامية التي تستخدم لنشر الفكر المتطرف.
وأشارت إلى أن التكنولوجيا وتقنية المعلومات أضحت أكثر المجالات لمواجهة التنظيمات الإرهابية والحيلولة دون الوصول إلى مخططاتها، لذا يجب توطين وتطوير التكنولوجيا الملائمة لمواجهة العمليات الإرهابية، وتوفيرها للجهات المعنية بمكافحة الإرهاب.

وأكدت الوثيقة أهمية التصدي ومنع الإرهابيين من استغلال تكنولوجيا المعلومات والاتصال والإنترنت للتحريض على دعم أعمالهم الإرهابية، وتمويل أنشطتهم والتخطيط والإعداد لها، ووضع آلية وطنية للتعامل مع المواقع الإلكترونية ذات الصلة بالتنظيمات الإرهابية.

وشددت على ضرورة القيام بإجراءات استباقية وتفاعلية تستهدف الرد على المغالطات وحجب ومنع وإغلاق منافذ الفكر المتطرف بمختلف أشكالها وتعطيل مصادر التغذية الرقمية لها، وإنشاء فرق عمل عربية متخصصة في المسائل التقنية والاتصالات، بغرض وضع خطط عمل لمكافحة الإرهاب الإلكتروني.