لندن: بدأ خلال العامين الماضيين ان كارثة ثلاثية لحقت بمؤسسات الاستطلاع لن تشفى من تداعياتها إثر فشلها الذريع في توقع نتائج الاستفتاء على بريكسيت والانتخابات الرئاسية الاميركية عام 2016 والانتخابات البرلمانية في بريطانيا عام 2017. ولكن دراسة جديدة توصلت الى ان الاستطلاعات رغم التصورات الشعبية عنها ما زالت دقيقة كما كانت قبل هذه الاخفاقات.

وقال الباحثون الذين اجروا الدراسة ان تحليل الاستطلاعات يبين ان الأخطاء لم تسجل زيادة خلال العقود الماضية منذ اربعينات القرن العشرين بل لعلها تناقصت.

وقال الدكتور ويل جيننغز من جامعة ساوثمبتون الذي شارك في الدراسة ان كثيرين ذهبوا الى ان الاستطلاعات في أزمة وكانت هناك احداث سياسية فاجأتنا خلال العام الماضي.

ولم يقتصر التشكيك في جدوى الاستطلاعات على وسائل الاعلام بل ان لجنة في مجلس اللوردات بدأت تحقيقاً في القضية. وقال رئيس اللجنة لوردي ليبسي في حينه ان الانتخابات الأخيرة شهدت استطلاعات أكثر من أي وقت مضى ولكن دقتها لم تكن بمستوى كثرتها. واشار الى ان الاستطلاعات اخطأت في توقع النتيجة ثلاث مرات في الانتخابات العامة السبعة الأخيرة.

ولكن الدراسة الجديدة ستكون بلا شك مبعث ارتياح لمؤسسات الاستطلاع.

واستند الباحثون في دراستهم الجديدة الى نحو 31 الف استطلاع غطت 351 انتخاباً برلمانياً عاماً في 45 بلداً خلال الفترة الواقعة بين 1942 و2017.

وبعد دراسة 286 انتخاباً وقع عليها الاختيار، لأن الاستطلاعات بدأت قبل ما لا يقل عن 200 يوم على يوم الاقتراع وجد فريق الباحثين ان الأخطاء تناقصت عموماً مما متوسطه 4 في المئة في تلك المرحلة الى أقل من 2 في المئة عشية التصويت. وكانت الأخطاء أكبر كلما ابتعدت عن يوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية بالمقارنة مع الانتخابات البرلمانية. 

وأوضح جيننغز ان الناخبين يكونون في الانتخابات الرئاسية بعدهم في مرحلة جمع المعلومات عن المرشحين، ولا يعرفون بالضرورة الكثير عن سياساتهم وبرامجهم وصفاتهم وما الى ذلك. ولكن في الانتخابات البرلمانية حيث يصوت الناخبون لأحزاب تكون الولاءات الحزبية أكثر استقراراً وديمومة.

ولدى تحليل الاستطلاعات التي جرت في الاسبوع الأخير من الحملات في 220 انتخاباً برلمانيا في 32 بلداً خلال العقود الممتدة من 1942 الى 2017 وجد الباحثون ان الاخطاء بقيت ثابتة عند حوالي 2 في المئة.

واظهر تحليل الانتخابات بين 2015 و2017 في 11 بلداً بينها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ان خطأ الاستطلاعات بشأن المرشحين الرئيسيين أو الأحزاب الرئيسية كان متفقاً مع البيانات عن الانتخابات التي جرت قبل هذه الفترة.

واشار فريق الباحثين الى ان الدراسة لا تغطي استفتاءات مثل التصويت على بريكسيت وان جميع الاستطلاعات التي جرى تحليلها كانت وطنية عامة في حين ان الأخطاء الاستطلاعية في الانتخابات الرئاسية الاميركية عام 2016 حدثت على مستوى الولايات. يضاف الى ذلك انه ليس معروفاً إن كانت جميع الانتخابات المشمولة بالدراسة حرة ونزيهة بقدر واحد.

ورحب انتوني ويلز مدير الأبحاث السياسية في مؤسسة يوغوف البريطانية لاستطلاعات الرأي بنتائج الدراسة قائلاً انها تأتي لتبديد الانطباع السائد بين الجمهور الذي يتذكر الأخطاء الأخيرة بوضوح أكثر من الأخطاء القديمة. واشار الى اخطاء شهيرة وقعت فيها مؤسسات الاستطلاع في الانتخابات الاميركية بعد الحرب عندما صدرت صحف بعناوين عريضة تعلن هزيمة ترومان والانتخابات البرلمانية البريطانية في 1970 أو 1992. 

واكد ويلز ان مؤسسات الاستطلاع تسعى الى تغيير طرقها لمواكبة التغييرات التي تحدث في المجتمع مثل استخدام الهاتف أو الانترنت في سؤال الناخبين والتشديد على طريقة تقييم البيانات. واضاف ويلز أن الأخطاء تحدث عندما تتلكأ مؤسسات الاستطلاع وراء التغييرات التي تحدث في المجتمع.

 

اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/politics/2018/mar/12/polls-as-accurate-as-t