الرباط: خلفت الاتهامات المباشرة التي وجهها وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، لكل من جماعة العدل والإحسان شبه المحظورة، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحزب النهج الديمقراطي، بالوقوف وراء تأجيج الاحتجاجات وإشعال الحراك الاجتماعي بمدينة جرادة (شرق البلاد)، موجة من الردود الرافضة لهذه الاتهامات التي وصفتها الأطراف المعنية بها ب"الغير مسؤولة". 

تصريح "غير مسؤول"

وقال حسن بناجح، عضو الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان الإسلامية، إن تصريح وزير الداخلية "غير مسؤول ، ولا يستند على أي معطى واقعي، بل إنه يجانب الواقع تماما".
وأضاف بناجح في اتصال هاتفي مع "إيلاف المغرب" موضحا أن لفتيت سقط في "تناقض صارخ مع نفسه، إذ في الوقت الذي يتحدث بأن هذه الجهات ليس لها أي امتداد جماهيري أو قدرة على إقناع الناس بمشاريعهم، يتهمهم في الآن ذاته بتأجيج الأوضاع وتأليب المواطنين على الاحتجاجات".

عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية المغربي 

واعتبر القيادي في الجماعة الإسلامية المعارضة أن ما صدر عن وزير الداخلية ليس جديدا، وقال انها "محاولة تتكرر دائما من طرف مسؤولين متنوعين في الدولة وفي حقب مختلفة لتعليق الفشل على جهات أخرى"، مؤكدا أنه يجب على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها وتجيب المحتجين على المطالب التي يتفق الجميع على أنها مطالب مشروعة وتتفاعل معها بشكل جدي .
وأكد بناجح أن الجهات السياسية والمجتمعية التي اتهامها وزير الداخلية بتأجيج الأوضاع في جرادة" لا تقوم إلا بدورها في مساندة المطالب المشروعة والاحتجاجات السلمية"، مبرزا أن هذا الاتهام يروم "تبرير القبضة الأمنية والسلطوية وعدم وفاء الدولة بالتزاماتها تجاه المواطنين".

"إساءة وتضليل"

حسن بناجح القيادي في جماعة العدل والإحسان الإسلامية المغربية

من جهته، اعتبر أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن ما صرح به وزير الداخلية أمام لجنة الداخلية في مجلس النواب "فيه إساءة والكثير من التضليل"، مؤكدا أن الجمعية التي يترأسها "ليس من مهامها ولا من أهدافها أن تقوم بتحريض المواطنين أو تعبئتهم وتحفيزهم لتنفيذ احتجاجات بطريقة خفية وغير معلنة".
وأوضح الهايج في اتصال هاتفي مع "إيلاف المغرب" أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عندما تدعو إلى الاحتجاج أوتدعم وتتضامن مع أي حركة احتجاجية ف"إننا نعلن ذلك سواء عبر بيان أو من خلال النداءات التي نصدرها أو التعاليم التي نبعث بها إلى الفروع"، وأضاف "دورنا هو دور حمائي أكثر من حلول محل المواطنين للدفاع عن حقوقهم المهدورة"، حسب تعبيره.
وبين رئيس أكبر جمعية حقوقية بالمغرب أن "حراك جرادة الكل يعرف ميلاده وأسباب هذا الميلاد، ولا يمكن اليوم أن نأتي لنبرر عجزنا وفشلنا في إقناع المواطنين بالمقترحات التي تقدمت بها الحكومة والسلطات لكي نلقي اللوم على جهة أخرى يتم اختلاقها اختلاقا وتلفق لها العديد من التهم التي لا نجد لها أصلا ولا منبتا داخل تربة الواقع"، وذلك في نفي واضح منه لاتهامات وزير الداخلية. 
وشدد الهايج على أن الحكومة "إذا فشلت في إقناع المواطنين في البلدان الديمقراطية يعني ذلك أن هذه الحكومة لا تمثل هؤلاء المواطنين، وعليها أن تعلن استقالتها وتترك الباب أمام القوى والتنظيمات السياسية التي تمثلهم لتحاورهم وتقنعهم، أما ما عدى ذلك، فهو مجرد تعمية وتغطية ليس إلا".

جهود الدولة بين الإنكار والاعتراف

أحمد الهايج رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان 

وحول اتهام الجمعية بإنكار الإصلاحات التي تشهدها المملكة، رد الهايج قائلا: "هذا عذر أكبر من زلة، كيف يمكنه أن يتحدث عنا بهذه الطريقة؟ هل كان يدرس تقاريرنا السنوية ومواقفنا بخصوص الإصلاحات الدستورية؟"، مؤكدا أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان "كلما كان هناك مؤشر على تقدم في مجال حقوق الإنسان إلا وأعلنا إيجابيته ووقفنا عند مداه وحدوده، وهذا الكلام لا يستقيم وهو مجرد عموميات لا أساس لها من الصحة".
أما مصطفى البراهمة الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي (يسار معارض)، الذي طالته تصريحات وزير الداخلية المغربي، بخصوص تأجيج الاحتجاجات في جرادة، فأكد أن "الأوضاع الاجتماعية والاحتجاجات يؤججها الفقر والبطالة والواقع المزري للساكنة"، معلنا رفضه الاتهامات التي وجهها وزير الداخلية لحزبه. 
وأضاف البراهمة في اتصال هاتفي مع "إيلاف المغرب"، أن الدولة والحكومة "دائما تحمل المسؤولية لنا في إطار البحث على مشجب لتعليق الفشل عليه"، معتبرا أنه إذا كانت هذه "القوى ليس لها وقع في المجتمع وبالتالي لا قيمة لها لماذا يتم اتهامها بهذه التهم الثقيلة؟"، قبل أن يضيف "الدولة عليها إيجاد الحل المناسب وتلبية مطالب الساكنة، وألا تلجأ إلى القمع بأشكال غير مقبولة كفض الاحتجاجات بالسيارات ودهس المحتجين".
وأكد البراهمة أن حزب النهج الديمقراطي "لا يمكنه إلا أن يشجب ويدين هذه الممارسات القمعية والمهنية"، مطالبا الحكومة بالاستجابة لمطالب ساكنة جرادة، بدءا ب"إطلاق التفاوض مع مطالب الحراك وإطلاق سراح النشطاء المعتقلين".
وشدد البراهمة على أن حزبه لن يصفق لأي إنجازات تتحقق بالبلاد، حيث قال: "نحن حزب معارض نعبر عن مواقفنا ونفضح السياسات النيوليبرالية التي تتبناها الدولة والحكومة وهي أساس المشاكل التي يعاني منها الشعب المغربي"، قبل أن يختم "نحن لسنا "نكافة" (مزينة العرائس) للحكومة".

مصطفى البراهمة الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي المغربي