لندن: عجَّت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة بالكثير من الأخبار التي تتحدث عن تخطيط سيرجيو كانافيرو، من إيطاليا، وزميله شياو بينغ رن، من الصين، لزرع رأس إنسان من شخص حي لجثة أحد المتبرعين.

قال الجرَّاحان اللذان يقدمان نفسيهما أنهما رائدان يتحديان المؤسسة الطبية النمطية بينما ينظر إليهما كثير من زملائهم على أنهم طبيبان متهوران، إن رأس الشخص المتبرع تخص إنسانًا مصابًا بمرض تنكسي، وجسده يتعرض لحالة من الوهن بينما ما زال دماغه - أو دماغها - ناشطًا.

أما الجثمان الذي سيستقبل الرأس فسيكون على الأرجح لشخص توفي نتيجة صدمة حادة في الرأس، لكن جسمه بقي سليمًا. وزعم الباحثان في هذا السياق أنهما يحاولان إكمال طريقتهما المثيرة للجدل على فئران وكلب وقرد، وأخيرًا على جثة بشرية. وعلى الرغم من توقعهما في البداية فشل تلك التجربة التي أجريت في العام الماضي، فإنهما يؤكدان الآن أنها باتت "وشيكة".

 ازدراء وإدانة؟

لفتت تقارير صحافية بهذا الخصوص إلى أن كانافيرو قرر الانتقال إلى الصين لإجراء الجراحة المرتقبة، حيث لا تسمح المؤسسات الأميركية أو الأوروبية بإجراء مثل هذه العملية الجراحية من الأساس.

ونقلت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" الصينية عن كانافيرو قوله: "لا بد من أن يتوقف علماء الأخلاقيات البيولوجيين الغربيين عن فرض وصايتهم على العالم. وفي المقابل، ما يمكنني قوله هو إن الرئيس الصيني شي جين بينغ يريد إعادة الصين إلى مكانتها الرائدة باحتضانه أعمالًا مشابهة".

في الناحية الأخرى، ندد كثيرون بتلك الجراحة المنتظرة، وعلَّق عليها آرثر كابلان، رئيس قسم الأخلاقيات الطبية في كلية الطب التابعة لجامعة نيويورك، بقوله إن الإدعاءات التي لا يمكن تصديقها والجراحة المتطرفة المقترحة "لا تستحق تسليط الضوء عليها من الناحية الإعلامية، بل يجب التعامل معها بكل ازدراء وإدانة".

أبرز المنتقدون أسباب إدانتهم تلك الجراحة في نقاط عدة، منها: عدم وجود دراسات أولية وحيوانية كافية؛ غياب المؤلفات المنشورة عن مثل هذه النوعية من الجراحات ونتائجها؛ المشكلات الأخلاقية غير المستكشفة والأجواء الشبيهة بأجواء السيرك التي يروج لها كانافيرو.

انتقادات بالجملة

اللافت في الأمر هو أن كانافيرو وزميله قدَّما عملية زراعة الرأس بوصفها الخطوة الطبيعية التالية في مسيرة عمليات زراعة الأعضاء الناجحة، ونشرا بهذا الشأن نتائج تجارب خاصة بزراعتهما رؤوس فئران في أجسام جرذان.

 

سيرجيو كانافيرو

 

كما زعما أنهما اختبرا بنجاح تقنية الزرع من خلال إعادة دمج الحبال الشوكية المقطوعة لدى كلب وقرد، غير أنهما نشرا أدلة شحيحة موثوق بها عن تلك التجارب، وبيانات غير كافية عن النتائج.

تحدث المنتقدون كذلك عن أن العقبة الرئيسية التي تقف حائلًا أمام إتمام جراحات زرع الرأس هي عدم وجود آلية تتيح استعادة الروابط في الحبل الشوكي، وهو ما رد عليه كانافيرو بقوله: "حين يعاد وصل الحبل الشوكي، فإن 10 إلى 15 في المئة من الأعصاب تُستعاد في الواقع، وإن الحيوانات التي أجريت عليها التجارب استعادت بعضًا من حركتها".

من أبرز نقاط الانتقاد الأخرى وجود نقص حاد في أعضاء المتبرعين بالولايات المتحدة، فضلًا عن أن متوسط وقت انتظار إجراء عملية زرع كلية هو خمسة أعوام، وزرع الكبد 11 شهرًا وزرع البنكرياس عامان. كما نوه كانافيرو إلى أن الكلفة المتوقعة لأول عملية زرع رأس ستقدر بحوالي 100 مليون دولار أميركي!