الرباط: في عمل مشترك بين الشاعر والإعلامي محمد بلمو والمسرحي والسيناريست عبد الإله بنهدار، تصدر قريبا عن دار أبي رقراق للنشر وبدعم من وزارة الثقافة المغربية، مسرحية "حمار رغم أنفه"، بغلاف يحمل توقيع الفنان العربي الصبان، رسام الكاريكاتير المغربي المعروف .

واستنادا لبيان صحافي تلقى موقع "إيلاف المغرب" نسخة منه،تضمن الكتاب شهادات مكتوبة لبعض النقاد والمهتمين بالشأن المسرحي، وضمنهم الناقد محمد أبو العلا، الذي يقول "في مساحة يمكن وسمها بال"مابين"، بين السينما والمسرح، المسرح والمسرح داخل المسرح، الصمت و الكلام، الواقع والحلم، الفقر ووهم ترف كاذب، يقيم هذا المنجز الباذخ"، حسب توصيفه.

تبخيس الذات والآخر في قالب ساخر

ويضيف أبو العلا قائلا إن هذا "هو ما يضعنا منذ البدء، إزّاء متخيل ساخر نؤثث فضاءه قرائيا على الأقل، عبر ما يقترحه علينا النص من تقطيع و إرشاد ركحي وتمسرح جلي، في انتظار عرض تشي علاماته اللسانية والبصرية، محكيه وشخصياته المراوحة بين تذويت و أنسنة كائن "الحمار"، بما يحمله من حمولة قدحية متداولة على حساب الوداعة والجلد، وبين تسفير هذه الحمولة باللعب نحو الذات الإنسية قدور و عباس، بتحريكهما على أربع داخل حظيرة/ دويرية، بل داخل فرو بهيمي، يشي بنية اقتراف لعبة اختبار مشتركة لقياس درجة اهتزاز القيم، حد تبخيس الذات والآخر في قالب ساخر تكشف عنه الأسامي".

نفحة كافكاوية

وبدوره، اعتبر الطاهر الطويل الكاتب والإعلامي، أن أهمية هذا النص " تكمن في كونه يعتمد ــ على المستوى التقني ــ المزاوجة بين التقطيع السينمائي والمشهدية المسرحية. أما على مستوى النوع والخطاب، فيمكن أن ندرجه ضمن "الكوميديا السوداء"، باعتباره يتوسل بالمواقف الهزلية والمفارقات الساخرة من أجل انتقاد الواقع، وبالتالي فالكوميديا ليست هدفا في حد ذاته لدغدغة مشاعر المتلقي، بل تتغيى أساسا استنهاض وعيه وإثارة السؤال والموقف لديه".
ومن وجهة نظر الطويل فإن هذا النص تتسيده نفحة كافكاوية، حيث تحاول إحدى شخصيات العمل التحول إلى شخصية حمار، لكنه حمار ناطق، كوسيلة لخلق الغرابة والإدهاش، طمعا في المال الذي يتحقق من وراء وجود حمار ناطق، لكن الشخصية المذكورة لا تقوى على الاستغراق في لعب ذلك الدور رغم إغراءاته، إذ ترجع إلى طبيعتها البشرية، رغم أن أقرب المحيطين بتلك الشخصية ـــ ومن موقع الطمع ـــ يتوسلون إليها البقاء في لبوس الحمار/ الناطق."

"زواج" بين جنسين إبداعيين

ويعتقد عبد الحق ميفراني، الكاتب والشاعر "إننا أمام نص درامي لافت، يحتاج لكتابة ثانية قادرة على التقاط عمقه الفني والإبداعي، والأكيد أنه يشكل وسيط "مصالحة" بين الجمهور وفرجاته. وإذا ما كتب لهذا النص أن يتحول الى مادة "مصورة وممسرحة" في الآن نفسه، فإننا حينها يمكننا أن نكون أمام تجربة متميزة ومتفردة في العالم العربي، في بحثها على "زواج" أكثر من "عرفي" بين جنسين إبداعيين، وأيضا في محاولتها خلق أرضية حوار حول قضايانا اليومية والتي نراها يوميا في أشكال وصيغ متنوعة. ولعل قدرة شخصية "قدور" على تجاوز منطق اللعب واقترابه من عمق التحول الى "هوية" ثانية، تعبير على هذه الرغبة في الانتقال من التعبير على حالات منفصلة أو قضايا صغيرة مجتمعية الى جوهر النص الدرامي الذي يعبر عنه "حمار رغم أنفه".
وتأسيسا على ذلك، يستخلص ميفراني قناعة مفادها أننا إزاء تحول نوعي في بنية الكتابة ذاتها وهي تحاول أن تبني نصا جديدا مستفيدة من دينامية إبداعية لمبدعين، غامرا معا في "سينمسرح" لا لكي يعبرا عن سخرية سوداء بل لكي ينبهان إلى مآل ما نعيشه اليوم أمام هذا الزلزال المدوي لتسويق خطاب جديد، لا يعبر بالمرة عن هذا الواقع المر، والذي لم يتغير بالمرة.