التهديد الأميركي بضرب سوريا له تأثيراته السلبية في لبنان خصوصًا لجهة الانتخابات المرتقبة فيه، ويبقى السؤال هل يحتمل الوضع في المنطقة مواجهة عسكرية شاملة بين معسكري الشرق والغرب؟

بيروت: اندفعت المنطقة بما فيها لبنان، عبر سوريا إلى قمة المواجهة الكبيرة سياسيًا وعسكريًا بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب وحلفائه بتوجيه ضربة عسكرية كبيرة الى أهداف للجيش السوري وحلفائه، تحت ذريعة استخدام السلاح الكيميائي في بلدة دوما في الغوطة الشرقية القريبة من دمشق، تعقيبًا على مدى تأثير تلك الضربة العسكرية على لبنان.

يشير الكاتب والإعلامي عادل مالك في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن ما جرى في مجلس الأمن الدولي منذ يومين يعكس حالة التجاذب التقليدية القائمة بين المعسكرين الشرقي والغربي وبالتحديد بين موسكو بوتين وواشنطن ترمب، لذلك هذا الانقسام في مجلس الأمن الدولي وتمنّع دولة ولو واحدة مع استخدامها حق الفيتو من شأنه أن يعطل أي قرار له فاعلية معينة، لكن الذي يجري حاليًا، يذكرنا بما فعله الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن عندما تخطى قرار مجلس الأمن الدولي وتوجه بحرب ضد العراق، ومن مفارقات الأزمة بين واشنطن وموسكو، أنه جرى التذكير بما أسمي بأزمة الصواريخ الكوبية العام 1961، عندما وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جون كيندي إنذارًا واضحًا إلى موسكو لكن الرئيس الروسي ميخائيل غورباتشوف تراجع في اللحظات الأخيرة وأمكن تفادي وقوع مواجهة نووية بين المعسكرين الشرقي والغربي، والملاحظ أنه مجرد إثارة هذه المخاوف من جانب إدارة ترمب يشير إلى مخاطر معينة مع وجود أقصى اليمين الى جانبه، الذين يذكرون بسياسات المحافظين الجدد الذين برزوا في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الإبن.

وما يجري حاليًا هو أن ترمب قد يتخطى الكونغرس الأميركي بطرفيه الديموقراطي والجمهورية لذلك الأمر قد يتخطى مجلس الأمن الدولي ويوجه ضربات على الأرجح ستكون محدودة، ضد بعض المواقع العسكرية والإستراتيجية في الجغرافيا السورية.

ويلفت مالك إلى أن كافة المعطيات تؤكد أن الوضع لا يتحمل مواجهة عسكرية شاملة بين الشرق والغرب، أي بين روسيا من جهة والولايات المتحدة الأميركية مدعومة من بعض الدول الأوروبية وأكثر تحديدًا فرنسا وبريطانيا.

وبحسب مالك فإن أغلب الظن أن الأمور ليست مرجحة لتصعيد كبير، إنما ارتبط ترمب بتوجيه ضربات الى سوريا، من دون تحديد حجم هذه الضربات لكي يقول إن هنالك عملية تأديب للنظام في سوريا كلما استخدم نوع من الأسلحة المحرمة وهنا الحديث عن الأسلحة الكيميائية، وفي المقابل يدحض المندوب الروسي مدعومًا بوزير الخارجية الروسية، "المزاعم" الأميركية أن لا القوات الروسية أو السورية استخدمتا الأسلحة الكيميائية.

الوضع حتى الساعة يتابع مالك، يراوح مكانه لكن هناك جو انتظار لضربة ما يوجهها ترمب لسوريا لعدم السماح للنظام في سوريا أن يتصرف على هواه بحسب تعبير ترمب.

التأثير على لبنان

بالنسبة للضربة المنتظرة ضد سوريا هل سيكون لها تأثير على لبنان وبالتحديد على الانتخابات النيابية المرتقبة؟ يجيب مالك أن كل ما يجري على المسرح السوري يلقى تأثيرًا تلقائيًا على لبنان، وبخاصة نحن في لبنان في فترة انتخابية سريعة العطب تتأثر بأي تطور على الحدود القريب منها والبعيد، فكيف إذا كانت الحدود المتاخمة بشكل مباشر مع لبنان، حتمًا سيكون لأي تطور عسكري، بغض النظر عن طبيعته، تأثيراته المحددة على الواقع اللبناني في هذه الأجواء الانتخابية، ولا نملك سوى التمني بألا تتطور هذه المضاعفات لتحدث تغييرات أساسية، وألا تنعكس على إمكانية تغيير موعد الانتخابات في الـ 6 من مايو المقبل، نظرًا لارتباط لبنان مجلسًا وحكومة وشعبًا بهذه الانتخابات، ويعوّل عليها كثيرًا.

والأجواء في سوريا تؤثر على مسار هذه الانتخابات، خصوصًا مع الضربة الأميركية المتوقعة. والضربة الأميركية لسوريا من المرجح أن تحدث تغييرًا في مسار الانتخابات في لبنان.

حزب الله

ماذا عن حزب الله هل سيشارك في الضربة الأميركية ضد سوريا أم سينأى بنفسه؟ يجيب مالك أن مساهمة حزب الله في كل ما جرى في سوريا أثارت الإهتمام سلبيًا وإيجابيًا، ومن خلال معلومات محدّدة يشير مالك إلى أن وحدات معينة من انصار حزب الله غادرت الأراضي السورية وعادت الى لبنان، والدافع الى ذلك أكثر من احتمال ويبقى الإحتمال الأول اعطاء الإنطباع أن حزب الله لم يعد له من وجود ضروري على الأراضي السورية، ثانيًا ترجيح كفة المطالبين في لبنان التي تطالب حزب الله بالعودة الى لبنان.

ولكن يبقى أن حزب الله لن يتخلى عن المعركة في سوريا إذا ما وجد أن هناك ضرورة عسكرية واستراتيجية لذلك.