ربما يكون برنارد لويس سيد قطب الاستعمار الجديد، سيظل الغرب ينظر إلينا لمدة مائة سنة قادمة على الأقل بنظارة هذا الرجل، فما كتبه عن المنطقة هو الأساس الأيديولوجي للسياسات والقرارات الغربية الحالية تجاه دولنا. هذا رأي هاني عسل.

إيلاف من دبي: تحت عنوان "برنارد لويس.. ارقد في سلام!"، ودفاعًا عن هذا الكاتب والباحث والمستشرق والأكاديمي والمفكر السياسي البريطاني الأميركي، كتب هاني عسل في "الأهرام" قائلًا إنه مات، لكن أفكاره لن تموت. وبحسبه، لم يبالغ الراحل إدوارد سعيد عندما اتهمه بالانحياز ضد العرب والمسلمين، وبأنه "لا يفهم الشرق الأوسط جيدًا كما يتصور، ومع ذلك، سيظل الغرب ينظر إلينا لمدة مائة سنة قادمة علي الأقل بنظارة هذا الرجل، فما كتبه عن المنطقة هو الأساس الأيديولوجي للسياسات والقرارات الغربية الحالية تجاه دولنا، ولم يبق منه سوى القليل جدًا الذي لم يتحقق عمليًا".

سيد قطب الاستعمار الجديد

بحسب عسل، ارتبط اسم وفكر لويس، أو سيد قطب الاستعمار الجديد، "بالمصائب التي حلت بعالمنا العربي، منذ حرب العراق في عام 2003، ومرورًا بموجات الخراب العربي التي بدأت ياسمينًا في تونس، وانتهت حنظلًا وصبارًا في سوريا واليمن وليبيا، وأفلتت منها مصر، ولو مؤقتًا".

ينسب عسل في مقالته إلى لويس في كتابه "الإيمان والسلطة" عن شعوب الشرق الأوسط، قوله: "إما أن نأتي لهم بالحرية، أو أن نتركهم يدمروننا، وقال في سياق آخر موجهًا نصائحه إلي القادة الغربيين: كن قاسيًا.. أو اخرج، فوضع بذلك اللبنة الأولي في مخططات غزو المنطقة العربية ونهب ثرواتها وتقسيمها إلي دويلات طائفية صغيرة، تحت مسمي نشر الديمقراطية تارة، وتحت مسمي محاربة الإرهاب تارة أخرى، كما تُنسب إليه مجموعة شهيرة من الخرائط التي تظهر فيها دول كبري في المنطقة وقد أصبحت عشرين جزءًا، بما فيها مصر والسعودية وسوريا والعراق والسودان، وقد تحقق من هذه الخرائط حتى الآن حرفيًا ما جرى في العراق والسودان وسوريا، أما مصر تحديدًا فظهرت على خريطة سايكس بيكو 2 مقسمة إلى أربع دويلات، دولة تضم سيناء وشرق الدلتا تحت النفوذ الإسرائيلي، وثانية مسيحية عاصمتها الإسكندرية، وثالثة نوبية في الجنوب عاصمتها أسوان وتشمل أراضي من السودان، ودولة رابعة إسلامية عاصمتها القاهرة".

في كتابه "الإسلام والغرب"، يقول لويس إن بريطانيا صنعت "جميلًا للمصريين بفك رموز الهيروغليفية، وهو ما يثبت أن بريطانيا لم تكن لها أي أغراض استعمارية في مصر!"

أبو الفوضى الخلاقة!

يقول عسل إن لويس انحاز بحكم تنشئته اليهودية وحبه الشديد لدولة إسرائيل إلى الغرب، وأيد تدخلاته لفرض الحرية والديمقراطية على الشعوب العربية والإسلامية، "فكانت آراؤه السند الذي ارتكن إليه تيار المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، وتحديدا فريق الصقور وعلي رأسهم جورج بوش الابن ونائبه ديك تشيني وبول وولفويتز وغيرهم، وتعد نظرية الفوضي الخلاقة لكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة أحد منتجات هذا الفكر".

لويس كان أول من اشتق مصطلحات لم تكن معروفة في الغرب: الأصولية الإسلامية، والإسلام المسلح؛ وأول من تحدث عن "صراع الحضارات" قبل صامويل هانتنغتون للتعبير عن الصراع القديم المتجدد بين الإسلام والمسيحية، وله آراء إيجابية في الإسلام بشكل عام، لكنه لا ينكر خطره علي الغرب، ففي مقال "ترخيص بالقتل"، تنبأ بهجمات 11 سبتمبر 2001 عندما قال إن أيديولوجية «الجهاد» التي يطرحها أسامة بن لادن ستهدد الغرب.

في عام 2002، كتب في وول ستريت جورنال مقالته الشهيرة: "وقت الإطاحة"، شرعن فيها مبدأ قلب الأنظمة. قال: "إن الإطاحة بنظام ربما يكون أمرًا خطرًا، لكن أحيانًا خطورة اللا فعل تكون أسوأ من الفعل نفسه، لذلك وصف بأنه العقل المدبر وراء غزو العراق، ثم كانت أفكاره الأساس الأيديولوجي للتوجه الأميركي نحو تأليب الشعوب علي أنظمتها وبدء ما يعرف باسم الربيع العربي".

يختم عسل مقالته: "ارقد في سلام يا بروف، فمنطقتنا تستعد لتمكين أجيال ترى الانتماء للوطن والتضحية من أجله نفاقًا وتطبيلًا وموضة قديمة، وخيانته وابتزازه وشتمه حقًا بطولة ونضالًا!"

 مقالة هاني عسل منشورة على الرابط:

https://bit.ly/2INTvLK