إيلاف من واشنطن: الشخص الوحيد الذي برز خلال الأيام الأخيرة بقدرة متميزة على الصمود بثبات ضد استغلال ترمب للسلطة هي ميغان برينان التي كادت تضيع في الوابل اليومي من تغريدات نظرية المؤامرة الذي يطلقه الرئيس الأميركي. فمن هي ميغان برينان؟ إنها مديرة بريد الولايات المتحدة البالغة من العمر 32 عاماً. 

وكما أفادت صحيفة واشنطن بوست أول مرة فان ترمب التقى برينان سرًا في البيت الأبيض في عدة مناسبات منذ أصبح رئيساً وطالبها بزيادة الاجور التي يتقاضها البريد على توصيل طرود شركة أمازون الى عناوينها. 

ولم تكن هذه اللقاءات السرية تمت بصلة الى الادارة المالية لخسائر الخدمة البريدية بل تردد أن برينان أبلغت الرئيس أن دائرة البريد تحقق ربحًا من توصيل الطرود يعوض عن الخسائر الكبيرة من توصيل الرسائل بخدمة الدرجة الأولى. 

كلا، هوس ترمب بشركة أمازون ليس مراناً على الضبط المالي بل عقاب سياسي. انه محاولة خفية لإيذاء وترهيب جيف بيزوس مؤسس أمازون ومالك صحيفة واشنطن بوست. 

وأي شيء يقال عن التغطية المتزلفة التي يراها ترمب على قناة فوكس نيوز يثير غضب الرئيس على ما يبدو. ولاحظ جون بوديستا الذي عمل 8 سنوات في ادارة بيل كلينتون وادارة باراك أوباما قائلا انه لا يتذكر لقاء واحداً عُقد خلال هذه السنوات الثماني في المكتب البيضاوي بين الرئيس ومدير الخدمة البريدية "وربما لهذا السبب سمعتُ معلقين يقولون ان سلوك ترمب غير مسبوق ولكن هناك بالطبع سابقة قوية هي قائمة الأعداء التي اعدها الرئيس السابق ريتشارد نيكسون". 

وكان فريق نيكسون يريد ضرب خصومه السياسيين بسلسلة من التدقيقات الضريبية وحرمانهم من المنح والعقود. وطلع ترمب بفكرة زيادة الاجور البريدية على الطرود لتكون طريقته المفضلة. 

ويعرف الجميع كيف انتهت قصة نيكسون. فان اللجنة القضائية في مجلس النواب صوتت لصالح محاكمة نيكسون في الكونغرس. وأيد ذلك أكبر عدد من الجمهوريين في الكونغرس. 

ويبدو الآن هؤلاء الجمهوريون الشجعان نقيض الانتهازيين الذين يتملقون ترمب في مجلس النواب. وعلى سبيل المثال نُقل عن عضو مجلس النواب الجمهوري مارك ميدوز قوله "اعتقد ان هذه القضية نابعة من خلفية ترمب بوصفه رجل أعمال وفهمه ديناميكيات الكلفة والمصروفات". 

وهذا كمن يقول ان نيكسون كان محامياً شاطراً ولا بد انه كان قادراً على ضبط المتهربين من الضرائب الذي صادف انهم كانوا اعداءه. 

جيف بيزوس صاحب ثروة طائلة ويستطيع الدفاع عن نفسه. ولكن هذا كان يصح ايضاً على غالبية الأشخاص المدرجة اسماؤهم على قائمة الأعداء التي اعدها نيكسون. وعلى غرار نيكسون فان ما يفعله ترمب اعتداء صارخ على المبادئ الدستورية. 

هبط الرئيس ترمب بمستوى منصب رئيس الولايات المتحدة بحيث أن ما كان مخالفة يُحاكَم عليها الرئيس في الكونغرس قبل ما يربو قليلا على جيل، بالكاد يستحق تغطية إخبارية كاملة اليوم. 

ولكن يُسجل لمديرة البريد الأميركي ميغان برينيان موقفها المبدئي. وربما عندما كانت تتعرض الى ضغوط ترمب في المكتب البيضاوي كانت تستوحي مدير البريد الأميركي الأول بنجامين فرانكلين الذي حين سُئل في نهاية المؤتمر الدستوري عن شكل الحكم في الولايات المتحدة وما إذا كان جمهورية أو ملكية أجاب بلا تردد "جمهورية إذا أمكن الحفاظ عليها". 

#ترجمة: عبدالاله مجيد