تقدمت النقانة في عصر صبغته المعلومات والبيانات ومنصاتها بصبغة عالية القيمة، لكن اثمن كان الخصوصية. فهل انتهى عصر الخصوصيات؟

لا يستطيع القضاء أن يحكم بالعدل من دون معلومات وافية عن القضية التي ينظر فيها. وفي عام 1749، بادر البريطاني جون فيلدنغ وأخوه غير الشقيق هنري فيلدنغ إلى تأسيس أول قوة بوليسية محترفة في لندن والعالم، من أبرز مهامها جمع المعلومات، بما في ذلك أوصاف مجرمين مشتبه بهم ومواصفات ساعات ثمينة لمنع إعادة بيعها في حالة سرقتها. وسرعان ما أصبح جمع المعلومات ركنًا مركزيًا في عمل الشرطة في أي بلد. 

بالمفردات المطلقة

تاريخيًا، كان جمع المعلومات عملية شاقة تتطلب حوارات لا تُحصى، كثير منها قد يكون بلا فائدة، وساعات من المراقبة، وبحثًا في الوثائق والافادات، وأكوامًا من العمل الورقي الرتيب. 

اليوم، تغيرت العلاقة بين المعلومات والجريمة من ناحيتين: ناحية مطلقة وأخرى نسبية. بالمفردات المطلقة، ينتج الأشخاص معلومات قابلة للبحث والتنقيب أكثر من السابق. فالهواتف الذكية تتعقب وتسجل حركات الأشخاص ومع من يتصلون وكم استغرق الاتصال. 

تكشف تطبيقاتهم معلومات شخصية مثل آرائهم السياسية وما يحبون قراءته ومشاهدته وكيف ينفقون مالهم، ومن المتوقع أن يستمر في النمو حجم هذه المعلومات التي ينتجها الأشخاص دون علمهم.

لرصد حركات مشبوه وأحاديثه، لا تحتاج الشرطة إلى تعيين عناصر لمراقبته على مدار الساعة بل تكفي مصادرة هاتفه وفك شفرته. وإذا كان يقود سيارة فإن سيارات الشرطة وأضواء الشارع وساحات وقوف السيارات التي تسجل أرقام السيارات آليًا قادرة على رصد كل حركاته.

بالمفردات النسبية

الفجوة بين تكنولوجيا المعلومات والسياسات ذات العلاقة أوسع الآن من أي وقت مضى، ذلك أن أغلبية قوانين الخصوصية كُتبت لعصر الخدمات البريدية وخطوط الهاتف الأرضية. وتوفر المحاكم بعض الحماية للمواطنين وحرمة بيوتهم واوراقهم الشخصية. 

لكن، مثل هذه الحماية لا تتوافر للبيانات المحفوظة في الهاتف المحمول عمن اتصل ومتى اتصل. ويجري تطوير تقنيات للتعرف الوجهي والصوتي يمكن تركيبها في السيارات الخاصة حيث تجمع المعلومات وتبثها إلى مركز مراقبة متاح تحت تصرف الأجهزة الأمنية. 

لا يرى بعضهم ضيرًا في ذلك، قائلين إن فايسبوك وواتسآب يتجسسان علينا، وان "الخصوصية ماتت". يقول بعض آخر إن الخصوصية لم تمت، لكن مثل هذا الموقف اليائس يعجل بموتها. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إكونوميست". الأصل منشور على الرابط:
https://www.economist.com/technology-quarterly/2018-05-02/justice