لندن: هدد الحزب الشيوعي أحد مكونات تحالف سائرون بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اليوم بالإنسحاب من التحالف على خلفية تحالفه مع ائتلاف الفتح الانتخابي المدعوم بالحشد الشعبي ملوحًا بامكانية انتقاله إلى المعارضة.

وأشار الحزب في بيان صحافي تلقت "إيلاف" نصه عقب اجتماع لمجلسه الاستشاري الجمعة بحضور اعضاء اللجنة المركزية ولجنة الرقابة المركزية وسكرتاريي المحليات في محافظات العراق وممثلي المختصات المركزية للحزب وعدد من الكوادر ان مشاركته ضمن تحالف سائرون او في اي تشكيل حكومي مرتبط بمطالب الحزب الاساسية في التغيير والاصلاح وضمانات تحقيقها.. مشددا انه بعكس ذلك فأنه لن يشارك فيه وسيجد نفسه مضطرا إلى النظر في كافة الخيارات السلمية الاخرى المتاحة بما فيها الانتقال إلى المعارضة.

استقلال سياسي وفكري وتنظيمي

وشدد الحزب لاعضائه واصدقائه وجماهيره انه "حريص على استقلاله السياسي والتنظيمي والفكري وانه سيصون هذا الاستقلال مهما كانت الصعاب والإشكاليات والتعرجات السياسية". 

وأشار إلى أن "الاجتماع توقف باهتمام كبير عند آخر تطورات الوضع في العراق لاسيما المتعلقة بالعملية الانتخابية ومخرجاتها كذلك عند ماحققه تحالف سائرون من موقع متقدم في انتخابات مجلس النواب لسنة 2018 وما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة وقبله تكوين الائتلافات السياسية الضرورية لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر".

و دعا المجلس "السلطات الحكومية والقوى والأحزاب السياسية إلى العمل كل من موقعه وبحكم مسؤوليته إلى تجنيب بلدنا المنزلقات الخطرة والحيلولة دون ان تكون نتائج الانتخابات وما تولد عنها من غضاضات وطعون وشكاوي سبيلاً إلى اشاعة الفوضى وتعريض السلم الاهلي إلى الاهتزاز ولا سيما ان داعش والقوى الارهابية وكل القوى التي تريد سوءاً ببلدنا ما زالت تتربص به وتريد الحاق المزيد من الاضرار بشعبنا وبناه التحتية، ومنعه من معالجة جراحه والانطلاق على طريق البناء والاعمار ومعالجة الملفات الساخنة، ومنها الخدمات ومكافحة الفساد وتحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين".

التمسك بمشروع التغيير والاصلاح

وأكد ضرورة معالجة الاشكالات ذات العلاقة بالانتخابات بالطرق القانونية والدستورية وبكل شفافية ونزاهة بما يحفظ ارادة الناس وخياراتهم وتطلعهم إلى الاصلاح والتغيير. وجدد الحزب تمسكه " بمشروع التغيير والاصلاح في منطلقاته الاساسية الداعية إلى بناء دولة المواطنة ونبذ المحاصصة الطائفية والتصدي للفساد وحصر السلاح بيد الدولة وتقديم الخدمات للناس وتأمين البطاقة التموينية وتنويع الاقتصاد الوطني وضمان استقلالية القرار العراقي، واطلاق تنمية مستدامة عبر الاستخدام العقلاني لموارد البلد، النفطية منها أساسا".

وأوضح أن هذه المنطلقات هي حجر الزاوية في اطار تحالفه مع "سائرون" وستكون الآن وفي المستقبل كذلك اساساً لاي تعامل لنا مع التحالفات والائتلافات والتفاهمات المحتملة على طريق تكوين الكتلة الانتخابية البرلمانية الاكبر ومستحقاتها. وأضاف قائلا "يهمنا ان نؤكد لرفاق الحزب وأصدقائه وجماهيره ان الحزب حريص على استقلاله السياسي والتنظيمي والفكري وانه سيصون هذا الاستقلال مهما كانت الصعاب والإشكاليات والتعرجات السياسية".

وتابع "لقد اسهم حزبنا في تشكيل تحالف سائرون من اجل بلوغ هدفه الاساسي المتمثل في مشروع التغيير والاصلاح الذي اعتمده في مؤتمره الوطني العاشر وان النجاح الذي حققه التحالف في الانتخابات الاخيرة، لم يأت بمعزل عن تبنيه هذا المشروع وخوضه العملية الانتخابية تحت رايته وبناء على ذلك فان ديمومة التحالف ترتبط باستمرار تبنيه للمشروع وبسعيه الملموس لوضع المشروع موضع التنفيذ.

الانتقال إلى المعارضة

وأشار الحزب إلى أنّه كذلك الحال بالنسبة إلى مشاركته ضمن سائرون في اي تشكيل حكومي مقبل فما لم يعتمد هذا التشكيل المطالب الاساسية لمشروع التغيير والاصلاح، ويتضمن برنامجه ضمانات لتحقيقها فان الحزب لن يشارك فيه وسيجد نفسه مضطرا إلى النظر في جميع الخيارات السلمية الاخرى المتاحة بما فيها الانتقال إلى المعارضة.

وقال "اليوم ونحن نمر في ظرف غاية في التعقيد وفي ظل تدخلات خارجية لم تتوقف يوماً في شؤوننا الداخلية، فمن الطبيعي ان تنشأ تباينات في مقاربات التعامل مع ما يستجد من قضايا.. وأضاف "ونحن اذ نقدرعالياً كل الاصوات والآراء التي ابدت حرصاً على الحزب نطمئن الجميع على انه لن يكون لا اليوم ولا غداً أسير اي تحالف مهما كبر وعظم دوره فالمنطلق كان ولا يزال خدمة الشعب وكادحيه والدفاع عن مصالحهم، وضمان استقلال بلدنا وسيادته وحريته في اتخاذ قراره".

وأكد أنه في كل هذه المسيرة السياسية الشائكة "سنحتكم في نهاية المطاف عند تحديد المسارات والتوجهات إلى تلك المنطلقات وإلى جماهير الحزب ورفاقه". وشدد على حاجة العر اق إلى التغيير والإصلاح.. موضحا انه من دونهما ستبقى الاوضاع تراوح في مكانها وقد تسوء اكثر وان من الضروري ان تصان ارادة التغيير التي عبرعنها المواطنون في الانتخابات الاخيرة، والتي نحذر من الالتفاف عليها والتراجع عنها". 

صدمة

وكان قد أعلن في مدينة النجف الثلاثاء الماضي عن تحالف اكبر الفائزين الاثنين في الانتخابات الاخيرة لتشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر وذلك بالاتفاق بين سائرون بزعامة الصدر والفتح بزعامة العامري المدعوم بالحشد الشعبي حيث لهما 101 مقعدا برلمانيا بحسب نتائج الاقتراع العام.

وكانت مصادر في التيار المدني المتحالف مع الصدر وفي مقدمته الحزب الشيوعي قد أكدت وجود صدمة بين اوساط التيار بعد اعلان تحالف سائرون والفتح. وأشارت إلى أنّ هناك ضغوطا إيرانية على الصدر لابرام تحالفه مع الحشد موضحة ان هذا التحالف كان متسرعاً. 

يذكر ان عناصر التيار المدني ظلوا يشاركون التيار الصدري في تظاهرات الاحتجاج التي كانت تنظم ايام الجمعة على مدى السنوات الثلاث الاخيرة للمطالبة بالاصلاح ومكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين واسترجاع اموال الشعب التي سرقوها بحسب الشعارات التي كانوا يرفعونها وينادون بها.

ضغوط إيرانية

جدير بالذكر ان الاعلان عن تحالف الصدر مع ائتلاف الفتح بزعامة العامري الذي يضم فصائل الحشد الشعبي قد اثار استغراب الكثير من القوى السياسية خاصة مع التحلفظات التي طالما أكد عليها الصدر في اوقات سابقة حول ممارسات وسياسات الحشد المدعوم إيرانيا ووصفها بـ"اوقحة".

وتقول مصادر عراقية ان ضغوطا وتهديدات إيرانية قد مورست على الصدر لاعلان تحالفه مع الحشد حيث اجرى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني صحبة مجتبى خامنئي نجل المرشد الاعلى الإيراني مباحثات في بغداد الاسبوع الماضي للتقريب بين القوى الشيعية الفائزة في الانتخابات واحياء التحالف الشيعي من اجل تشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر التي ترشح رئيس الحكومة العراقية الجديدة.