نصر المجالي: دخل الاستقرار شهره الثاني في الشارع الأردني بعد اضرابات ومظاهرات احتجاجية على الأزمة الاقتصادية في نهاية مايو، مما أدى إلى استقالة حكومة هاني الملقي وتشكيل حكومة جديدة برئاسة عمر الرزاز لمواجهة الوضع الاقتصادي بخطط عملية قابلة للتنفيذ، ومشاريع استثمارية موثوقة المصادر والأهداف. 

 وكانت الإضرابات غير المسبوقة في تاريخ المملكة الهاشمية التي حافظت على أمنها وتوازنها بتفاهم ملحوظ بين الشعب ونظام الحكم على هامش (الربيع العربي) الذي تفجر بكل نتائجه الكارثية قبل نحو ثماني سنوات، قد اثارت قلق جيران الأردن الخليجيين والمؤسسات والهيئات الدولية.

ولمواجهة الأوضاع الاقتصادية المنهارة في الجوار الأردني الشقيق، بادر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى توجيه الدعوة لقمة رباعية عاجلة عقدت في مكة المكرمة، حيث قررت كل من السعودية والإمارات والكويت تقديم مساعدات بقيمة 2.5 مليار دولار للتخفيف من حدة الأزمة، بالإضافة إلى "وديعة في البنك المركزي الأردني، وضمانات للبنك الدولي لمصلحة الأردن، وبدعم سنوي لميزانية الحكومة الأردنية لمدة خمس سنوات، وبتمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية".

وقد توجه استفتاء (إيلاف) في الأسبوع الماضي إلى القراء لاستطلاع رأيهم في اسباب عودة الهدوء الى الشارع الأردني ؟، وذهبت ما نسبته 55 % من المشاركين (611) إلى القول إن الدعم الخليجي هو السبب، بينما رأت ما نسبته 32 % (364 مصوتا) أن حكمة الملك عبدالله الثاني ساهمت كثيرًا في عودة الهدوء وأعادت نسبة قليلة 13 % (141 قارئا) إلى قسوة الطقس في هدوء الشارع. 

وإلى ذلك، فإنه رغم أن الاضرابات والاحتجاجات كادت معروفة الأسباب وهي اقتصادية بامتياز، وفي مقدمتها رفض القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل، وارتفاع الأسعار، فإن جهات معادية للأردن وكل الإقليم ذهبت الى نسج الخيالات عن اسبابها خدمة لأغراض سياسية.

 وقد سعى الإعلام القطري والإيراني والسوري على مدى ايام الإضرابات من خلال تغطيات وتحليلات لإعطاء أبعاد أخرى للأزمة، كالقول إن ما شهده الأردن هو أبعد من الأزمة الاقتصادية الخانقة، ونقلت تلك الوسائل عبر تقاريرها ومراقبين في خدمتها اساسًا القول بمزاعم أن ما يجري لا ينفصل عن ضغوط خارجية تتعرض لها المملكة الهاشمية لتقديم تنازلات في ملفات إستراتيجية.