أيّدت الدول الأعضاء كافة في الأمم المتحدة، باستثناء الولايات المتحدة، وضع ميثاق عالمي غير ملزم حول الهجرة، مبدية وحدتها إزاء هذا الملف، الذي أدى إلى انقسامات في أوروبا ويوتر العلاقات بين واشنطن ودول أميركا اللاتينية.

إيلاف من واشنطن: أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش أن "المهاجرين هم محرك خارق للعادة للنمو"، مشيدًا بهذا "الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ونظامية". أضاف إن الميثاق "غير ملزم، لكنه خطوة غير مسبوقة لزيادة التعاون الدولي".

واستمرت المفاوضات حول الميثاق التي رعاها سفيرا المكسيك وسويسرا، 18 شهرًا. وسيتم التصديق رسميًا على الميثاق خلال مؤتمر دولي مقرر تنظيمه في المغرب في منتصف ديسمبر 2018.

يشتمل الميثاق على سلسلة من المبادئ، بينها الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق الأطفال والاعتراف بالسيادة الوطنية وغيرها، كما يحوي فهرسًا للإجراءات لمساعدة الدول على التصدي للهجرات في مستوى تحسين الإعلام وإجراءات لتحسين إدماج المهاجرين وتبادل الخبرات.

وقال السفير المكسيكي خوان كاماشو "إن الميثاق العالمي لا يفرض شيئًا على أحد، بل يقترح حلولًا". وكان رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة السلوفاكي ميروسلاف لاجاك قال في افتتاح المفاوضات: "ليس لدينا خيار بقبول أو رفض الهجرة. هي قائمة وتحدث في كل مكان من العالم".

وأضاف "يمكن أن نسلك سلوك النعامة، وأن نقول سنهتم بالأمر غدًا وإيكال الأمر لأجيال لاحقة، عند قيام أزمة أخرى، أو أن نتحرك ونخطط ونعد نظامًا، ونستجيب لهذه الظاهرة العالمية بحل عالمي".

وبحسب غوتيريش فإن 60 ألف مهاجر قضوا منذ عام 2000 في البحر أو الصحراء أو غيرهما، ولم يعد ممكنًا الاستمرار في عدم التحرك. والوثيقة التي تقع في نحو 25 صفحة ترمي إلى "زيادة التعاون بشأن الهجرات الدولية في أبعادها كافة"، ومحاربة تهريب البشر.

احتجاز قصر
ينص الميثاق على الحفاظ على "سيادة الدول" مع الاعتراف "بأنه لا يمكن لأية أمة أن تواجه منفردة ظاهرة الهجرة". ويضيف "من المهم أن توحدنا الهجرة بدلًا من أن تقسمنا".

وبحسب راعيي النص فإن 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، التي عادة ما تتصارع بشأن ملف الهجرة، "تحدثت بصوت واحد" أثناء المفاوضات. وبالنسبة إلى القصر، وفي وقت تشهد فيه الولايات المتحدة إشكالية أطفال فصلوا عن أسرهم الذين دخلوا بشكل غير قانوني الأراضي الأميركية، أقر الميثاق بإمكانية الاحتجاز، لكن باعتباره "وسيلة أخيرة".

وكانت منظمة العفو الدولية طالبت بأن ينص الميثاق على عدم التسامح التام إزاء احتجاز الأطفال. من جهته طالب رئيس الاتحاد الدولي للصليب الأحمر فرنسيسكو روكا بـ "إزالة العوائق التي تمنع تمكين المهاجرين الضعفاء من الحصول على المساعدة الإنسانية والخدمات الأساسية".

وانسحبت واشنطن في نهاية 2017 من إعداد الميثاق، مؤكدة أنه يتضمن قواعد تتعارض مع سياسة الهجرة الأميركية. ويتحدث الميثاق عن "تفهم متبادل" لظاهرة الهجرة وضرورة أن تؤدي إلى "تقاسم المسؤولية" و"توحيد الرؤى".

فصل 20 إجراء ملموسًا، مثل جمع المعلومات وتوفير أوراق هوية للمهاجرين، الذين لا يملكونها، ومكافحة التمييز ومنح عناية خاصة للنساء والأطفال وتمكين المهاجرين من الخدمات الاجتماعية. ويقدر عدد المهاجرين في العالم بـ 258 مليون نسمة، أي 3.4 بالمئة من سكان الكرة الأرضية.

وأشادت لويزا أربور الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للهجرة بإعداد الميثاق الجديد الذي يمكن أن يترجم في المستقبل، برأيها، إلى "مزيد من الآليات المتينة". وأضافت إن الوثيقة تشكل "منصة انطلاق للقيام بما هو أفضل بكثير".