القاهرة: طالبت منظمات نسائية الحكومة والبرلمان المصريين، بإلغاء تجريم الإجهاض وكافة العقوبات المرتبطة بهذا الاجراء، واعتبرت استمرار تطبيق قانون العقوبات على السيدات اللواتي يعتمدن هذه العملية انتهاك لحقوقهن.

في ظل رفض القانون المصري الإجهاض تحت أية أسباب، أطلقت 14 منظمة نسائية وحزب سياسي والعشرات من الشخصيات العامة، حملة بعنوان "أوقفوا القهر.. أيادينا ملطخة بدماء النساء"، للمطالبة بـ"الحق الكامل للنساء في الإجهاض الآمن باعتباره جزء لا يتجزأ من الحق في الصحة الجنسية والإنجابية وفق تعريف منظمة الصحة العالمية".

انتقاد قانون العقوبات
واعتبرت المنظمات وفي مقدمتها، مؤسسة قضايا المرأة، ومركز البيت العربي للبحوث والدراسات، ومؤسسة حواء للثقافة والفنون، أن ما جاء في قانون العقوبات المصري من مواد حرمت النساء بشكل قاطع من وصولهن إلى حقوقهن في الإجهاض الأمن هو صناعة الدول الاستعمارية الكبري والتي حاولت استنزاف الموارد البشرية للمستعمرات من اجل أهدافها الاستعمارية .

وأضافت في بيان لها، حصلت "إيلاف" على نسخة منه، إن قانون العقوبات الذي تم التصديق عليه عام 1937 جرم كافة أشكال الإجهاض وعاقب المرأة وكل من قدم لها المساعدة من اجل إنهاء الحمل، بالحبس لمدة تراوحت من يوم حتى السجن المشدد وفق المواد 261 و262 و263 و264 من القانون.

وهو ما يعد مخالفة صريحة للدستور المصري والذي أقر المساواة ما بين الجنسين في الحقوق والواجبات، فالقانون بتلك المواد رسخ التمييز ما بين الرجال والنساء بحرمانهن من الوصول للإجهاض المأمون كجزء من الحق في الصحة الجنسية والإنجابية.

عمليات الاجهاض مستمرة
ولفتت إلى أن تجريم الإجهاض بكافة أشكاله لم يقف حائلا أمام ممارسة الإجهاض غير المأمون في ظروف بالغة السوء يدفع ثمنها الآلاف من النساء اللاتي يتعرضن لخطر الموت خاصة الفقيرات والريفيات والحاصلات على قسط ضئيل من التعليم، وسط صمت الجميع وعدم التصدي للانتهاكات التي تتعرض لها النساء نتيجة ممارسة الإجهاض غير المأمون، ما بين الابتزاز المالي والجنسي وإتباع الطرق الشعبية لإنهاء الحمل وغياب معايير الرعاية الصحية اللاحق للإجهاض داخل المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الصحية الأولية يجعل أيادينا جميعا ملطخة بدماء النساء. 

آداب مهنة الطب
وأشارت إلى أن هناك تناقض كبير ما بين تجريم الإجهاض في القانون وما جاء في لائحة آداب مهنة الطب والتي أقرت الحق في إنهاء الحمل عندما يعرض حياة الأم للخطر، جعل الأطباء والعاملين في مجال الصحة الإنجابية عاجزين عن تقديم الخدمات الصحية الواجبة في حالات الإجهاض والرعاية الصحية اللاحقة له خشية التعرض للعقوبة الجنائية، الأمر الذي انعكس على غياب التدريب والخبرة لغالبية الأطباء والعاملين بمجال الصحة الإنجابية في تقديم خدمة الإجهاض المأمون والرعاية اللاحق له باعتباره عملا جرمه القانون.

واعتبرت المنظمات النسائية أن الاستمرار في تطبيق القوانين المقيدة لحق النساء في الإجهاض الآمن هو انتهاك لحق المرأة في التحرر من التعذيب وسوء المعاملة.

المطالب
ورفعت المنظمات ست مطالب إلى الحكومة والبرلمان المصريين، طالبت فيها بإلغاء تجريم الإجهاض وكافة العقوبات السالبة للحرية من قانون العقوبات المصري المتعلقة بحق النساء في الإجهاض.

إضافة إلى الاعتراف بحق النساء في الإجهاض الآمن بما يحمي حقوقهن الجنسية والإنجابية والنفسية وتضمينه بقانون المسئولية الطبية على إن يشمل حق النساء اللاتي يعرض الحمل حياتهن للخطر وتشوهات الأجنة والاغتصاب والسفاح القربي.

وطالب المنظمات بالتوقيع على بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا؛ والمعروف باسم خطة عمل مابوتو.

الإجهاض الآمن
ولفتت إلى ضرورة توفير خدمات الإجهاض الآمن في المستشفيات الحكومية والخاصة والعيادات ومراكز الرعاية الصحية الأولية بأسعار مقبولة بما يضمن حصول النساء من كافة الفئات المجتمعية على الخدمة.

إعداد برنامج
وشددت على ضرورة البدء في إعداد برنامج متكامل للتوعية بالحقوق الجنسية والإنجابية للفتيات تشارك فيه بشكل تكاملي (الصحة ، التعليم ، الثقافة ، الشباب ، الإعلام ، التضامن، ومنظمات المجتمع المدني ) ويعمل على تقديم المعلومات وكافة الخدمات التي تحمي وتصون حقوق النساء الجنسية والإنجابية بالمدارس والجامعات والمراكز الصحة الأولية، والمستشفيات، والمراكز والنوادي الرياضية، ووسائل الإعلام المختلفة.

وإعداد برنامج تدريب وتأهيل بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية يشمل الأطباء والعاملين بمجال الصحة الجنسية والإنجابية بحق النساء في الإجهاض الأمن وطرق تنفيذه والأدوات والإجراءات التي تضمن سلامة صحة النساء الجسدية والنفسية وفق المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية.

رأي الدين
من جهته قال الدكتور علي عبد الباقي، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا، إن الشريعة الإسلامية لا تحرم الإجهاض على الإطلاق، مشيرًا إلى أنه الإسلام يرحم الإجهاض إذا أكمل الجنين 120 يومًا في بطن أمه، ونفخ الروح فيه.

وأضاف لـ"إيلاف" أن الإسلام وضع شرطًا محددًا للإجهاض، وهو وجود خطورة على حياة الأم، وهذا هو العذر الوحيد المقبول والمسموح به في الشريعة والقانون.

ولفت إلى أنه يجوز الإجهاض قبل إكمال الجنين 120 يومًا في بطن أمه، لأية أسباب أخرى يقرها الطبيب المعالج للأم، أو خشية ولادة طفل يعاني من التشوهات إذا أكدت التحاليل والأشعة الطبية ذلك.

استطلاع
وحسب استطلاع للرأي أجرته الحملة، لعينة عشوائية شملت 150 سيدة من محافظات القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، وكفر الشيخ، والفيوم، فإن 30% من العنف الأسري ضد المرأة بسبب الحمل غير المرغوب فيه.

وكشف الاستطلاع عن تعرض 45% من نساء العينة لإيذاء بدني من الشريك للتخلص من الحمل، و37% أجبرن على الحمل من أجل استمرار العلاقة مع الشريك، و18% انتهت علاقتهن مع الشريك نتيجة إجبارهن على الحمل أو إجبارهن على الإجهاض، مشيرًا إلى أن 98% من النساء اللاتي أجرين عمليات إجهاض بالفعل تعرضن لأشكال مختلفة من العنف الأسري.