الرباط: قال محمود جبريل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي سابقاً، أن لا حل للازمة الليبية يلوح في الأفق القريب، مشيرا الى أن الأطراف الخارجية تشكل أكبر حاجز أمام الليبيين في التوصل إلى حل توافقي ينهي الصراع بين جميع الفرقاء.

وذكر جبريل، في مقابلة له مع "إيلاف المغرب" على هامش مشاركته اخيرا في الدورة الأربعين لموسم أصيلة الثقافي الدولي، إن الانتفاضة الليبية بدأت "ليبية محضة في 17 فبراير 2011، ثم تحولت إلى ظاهرة تتحكم فيها الأطراف الخارجية بالدرجة الأولى"، مؤكدا أن هذا الوضع كان "نتيجة انهيار الدولة بعدما انهار النظام".

وأضاف جبريل "الأطراف الخارجية ، من وجهة نظري، هي أكبر معوق ومعرقل لأي توافق بين الليبيين"، موضحا أن كل الأطراف الليبية المسيطرة على المشهد أصبحت "امتدادا لأطراف خارجية".

وزاد مبينا أن الأطراف الخارجية "ليست لها مصلحة واحدة ومنسمجة تجاه ليبيا، بل لديها مصالح متعارضة ومتضاربة"، ولفت إلى أنه "عندما يطرح شيء يتعارض مع مصلحة هذه الدولة أو تلك، تقف في مواجهة هذا الحل، وبالتالي هذا الأمر سيطول". 

وأبرز جِبْرِيل الذي حقق تقدما في النقاش بين الليبيين إبان إشرافه على المجلس الوطني الانتقالي، أن الحالة الوحيدة التي يمكن أن تنجح فيها ليبيا في تجاوز الوضع الذي تعيشه، هي "إذا جلس الليبيون فيما بينهم وحاولوا أن يصلوا إلى مشروع توافقي تباركه بعد ذلك منظمة الأمم المتحدة".

وأكد جبريل عدم ثقته في التوصل إلى اتفاق بين الليبيين من خلال منظمة الأمم المتحدة، حيث قال: "إن الأمم المتحدة في حقيقتها أطراف دولية متصارعة تحت مظلة ما سمي المجتمع الدولي أو الأمم المتحدة"، واسترسل موضحا أن هذا الأمر "جرب في أماكن أخرى، وللأسف دروس التاريخ المعاصر تخبرنا أن الأمم المتحدة منظمة تحت سيطرة دول معينة بمجلس الأمن بسبب امتلاكها حق الفيتو".

ولفت جِبْرِيل الى أن الحالة الليبية "هي حالة ولاية للأمم المتحدة منذ قرار 1973، فهناك ولاية من مجلس الأمن على ليبيا والأموال الليبية مجمدة ،؟وتصدير السلاح لليبيا ممنوع، وهذه القرارات منذ سنة 2011 وما زالت سارية إلى اليوم"، وأضاف "حتى لو نجحنا نحن الليبيين في أن نتوافق ونقيم نظاما، مجرد أن نحاول رفع هذه الولاية مرة أخرى ستكون معضلة حقيقية وتحتاج جهدا جهيدا لإتمامها".

وأوضح جبريل أن سبب اعتقاده بأن حل أزمة ليبيا بعيد المنال، هو "أن المشكلة الأكبر للحالة الليبية هي كونها الحالة الوحيدة في الانتفاضات التي شهدتها المنطقة العربية المصدرة للبترول"، وشدد على أن الصراع في حقيقته "ليس صراعا سياسيا وإنما هو صراع على الموارد المالية".

وأشار جبريل إلى أنه "طالما هناك موارد مالية، ستكون هناك أطماع دولية"، مبرزا أن انتشار السلاح بالإضافة إلى التركيبة القبلية للمجتمع الليبي يؤكد أن "الوصفة جاهزة لاستمرار الصراع، إلا إذا جلس الليبيون وتأكدوا ووصلوا إلى قناعة مفادها (ما حك جلدك مثل ظفرك)".

وبخصوص الأطراف الليبية الأقدر على تحقيق التوافق وإنجاحه، يعتقد رئيس رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي سابقاً، أن "السلاح عنصر أساسي ويمثل قوة فعلية لا بد أن تكون حاضرة على طاولة المفاوضات"، مبرزا أن الأطراف المؤثرة على الأرض من "حاملي السلاح سواء المليشيات أو الجيش بالمنطقة الشرقية، عنصر أساسي في معادلة إيجاد حل للأزمة.

وأضاف جبريل أنه إلى جانب حاملي السلاح، هناك "الشخصيات السياسية الفاعلة والوازنة التي لها تأثير على الأرض، بالإضافة إلى الشخصيات الاجتماعية مثل بعض شيوخ القبائل الذين ما زال لهم تأثير معين، هي التي تشكل القوى التي تمثل ميزان القوى على الأرض"، معتبرا أن بلوغ أي حل يمر عبر اتفاق هذه القوى الثلاث.

وانتقد جبريل نهج الأمم المتحدة في التعاطي مع الملف الليبي،و قال: "للأسف السيد برناردينو ليون، (رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، (من أغسطس 2014 إلى نوفمبر 2015) لما أتيحت له الفرصة ، والاستضافة المغربية، لم يشخص الواقع الليبي تشخيصا سليما"، وأفاد بأنه "خرج بفكرة أن الصراع القائم صراع على السلطة وكلما كبرنا قطعة الحلوى الكل سيكون سعيدا وتنتهي القصة"، وأردف قائلا: "أنت قدمت هيكلة لدولة وخلقت أجساما لدولة لم تخلق بعد"، مسجلا أن مشكلة ليبيا تكمن في "عدم وجود دولة وليس في اقتسام سلطات الدولة".