تمكن دونالد ترمب من استمالة عدد كبير من الناخبين الأميركيين خلال حملته الانتخابية عام 2016 عبر رفعه شعارات شعبوية تضع أميركا ومصلحة شعبها أولًا وقبل أي شيء.

إيلاف من نيويورك: عناوين ترمب لاقت استحسان شريحة واسعة من القاعدة، خصوصًا في الولايات المعروفة باسم (حزام الصدأ)، التي كانت تشهد ركودًا اقتصاديًا، مع إقفال العديد من المصانع وفقدان الآلاف لفرص العمل، فصبّت أصواتها لمصلحة المرشح الجمهوري، وأوصلته إلى البيت الأبيض، لكن بعد عامين وجد العديد من ناخبي ترمب أنفسهم أمام واقع مر.

مليون دولار خسائر في عام واحد
من بين هؤلاء يبرز اسم بات لابلانك، المواطن الأميركي الذي يقطن في ولاية ميتشيغان، ويرأس مجلس إدارة شركة EBW &للإلكترونيات.&

لابلانك أُعجب بالمشاريع التي أعلن ترمب نيته تنفيذها، فمنحه صوته في ولاية لم يكن أحد يتوقع فوز الرئيس الحالي فيها. وعوضًا من أن يعود انتصار 2016 بالفائدة عليه، خسر في شهر ديسمبر من العام الفائت حوالى ستين ألف دولار، ويتوقع أن تبلغ خسائره في عام 2019 ما يقارب مليون دولار، بحسب ما أعلن خلال حديث مع شبكة "سي إن إن"، وذلك بعدما كانت "نيويورك تايمز" سلطت الأضواء على قضيته في البداية.

سياسة ترمب أوقعتهم في مأزق
ساهمت الحرب التجارية التي أعلنها ترمب على الصين في تدهور أوضاع لابلانك وآخرين يعملون في قطاع التصنيع. فالضرائب التي فرضتها الإدارة على البضائع الصينية أوقعتهم في مأزق، فهم عاجزون عن رفع الأسعار على مصانع السيارات التي تشتري بضائعهم بسبب اتفاقيات تلزمهم بدفع غرامة مالية في حال نقضها.

الهجرة إلى المكسيك وكندا
من جانبه، لم يجد رئيس الشركة، كوري ستيبي، الذي صوّت هو الآخر لمصلحة ترمب حرجًا في القول إن ما يحدث يحفز على الخروج من الولايات المتحدة الأميركية، وبناء معامل في كندا أو المكسيك، محذرًا من إمكانية مواجهة عمال مصنعه الذي يفوق عددهم المئتين ظروفًا صعبة.

قرارات ترمب بفرض الضرائب على الصين ستدفع بلابلانك إلى إعادة حساباته في 2020، فخيبة الأمل التي يواجهها دفعته إلى القول: "لم أحسم خيار التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة".

المستفيدون
لاري كوكر، رئيس شركة "أغريتك إندستريز" لتصنيع المعادن، وأحد ناخبي ترمب أيضًا، قال لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه يشعر بالإحباط، فزيادة الضرائب على واردات الصلب والفولاذ دفعته إلى محاولة شراء الفولاذ المحلي، لكنّ القابضين على شؤون هذا القطاع عمدوا إلى الاستفادة من قرار ترمب إلى أقصى حد، عبر زيادة الأسعار بنسبة وصلت إلى خمسة وعشرين بالمئة.

مؤيد رغم الخسارة
من جهته، يحاول توم سلاغ، مالك شركة تعنى بصناعة الأثاث، استيعاب الفكرة، والبقاء على موالاته للرئيس ترمب، من دون أن يخفي في الوقت نفسه الخسارة التي نزلت به.&

وقد أدت الضرائب الأخيرة إلى رفع التكاليف بنسبة عشرة بالمئة، مما ساهم في خسارته فرصة تجهيز فندق في منطقة غراند رابيدز، بعدما عرض منافسه الصيني أقل من نصف السعر الذي قدمه، واضطر كذلك إلى تخفيض مكافآت الأعياد التي يقدمها عادة إلى عمال مصنعه.

يبقى السؤال المطروح هل عادت سياسة ترمب التجارية بالنفع على المصانع الأميركية؟، ففي حين يقول ترمب إن الغاية من فرض الضرائب، خصوصًا على الواردات الصينية، هي إنعاش الشركات الأميركية المصنعة، يقول سلاغ نفسه إنه اضطر إلى البحث عن موردين في فيتنام وماليزيا والهند، بعد تقليص شراء السلع الصينية، لتجنب الرسوم الجمركية، لأن ما يحتاجه، إما غير متوافر في الولايات المتحدة، أو أن ثمنه سيكون باهظًا".