باريس: الجميع هنا يؤيدون الانتفاضة"، هذا ما يقوله أفراد من الجالية السودانية الصغيرة في باريس، معبرين عن تأييدهم حركة الاحتجاج ضد نظام عمر البشير الحاكم منذ عام 1989.

ويقول جودة عبد الكريم البالغ من العمر 32 عاماً، وهو يجلس في مقهى "أسياف"، ملتقى أبناء الجالية السودانية في الدائرة الثامنة عشرة في شمال باريس، "أيام هذه الحكومة باتت معدودة". ويعيش نحو عشرين ألف سوداني في فرنسا، وفقاً لأرقام وزارة الداخلية.&

ويضيف السوداني المقيم في المنفى وهو ينتقل بين مقاطع الفيديو التي تصور التظاهرات المناهضة للرئيس السوداني على صفحته على فيسبوك "حركة الاحتجاج تزداد قوة. الجميع تقريبا ضده. حتى بعض من هم في السلطة بدأوا يعبرون عن معارضتهم له".

بدأت حركة الاحتجاج في السودان في 19 ديسمبر بعد قرار الحكومة زيادة سعر الخبز ثلاث مرات في حين يعاني البلد من ركود اقتصادي.

وسرعان ما تحولت التظاهرات إلى احتجاجات ضد الرئيس السوداني الذي يبلغ الخامسة والسبعين ويقود البلاد بقبضة من حديد منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً فيما يخطط للترشح لولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية العام المقبل ويؤكد أنه لن يستسلم أمام التظاهرات.

ويقول جودة عبد الكريم الذي يؤكد أنه فر من نظام يتهمه بأنه "فاسد" في عام 2012 بعد أن رفض مواصلة العمل لدى إحدى كبار الشخصيات، "نحن بحاجة إلى نظام يعتني بالجميع. نحتاج إلى نظام جديد مع أشخاص جدد، شباب".

ويضيف "سيتظاهر الناس لأنه من الأفضل الموت في الشارع بدلاً من الموت من الجوع في بيوتهم". قُتل 24 شخصاً منذ بداية الاحتجاجات وفق الأرقام الرسمية في حين أحصت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية 40 قتيلاً على الأقل، من بينهم أطفال وعاملون طبيون.

ويقول عبد الكريم "أشارك المعلومات على تويتر أو فيسبوك لدعم الحركة، هذا كل ما يمكنني القيام به".

"عنف شديد"

يقول بدوره محمد التيجاني، "أنا واثق أنه سيرحل لأن التظاهرات قوية جداً. كل يوم يمر يزداد اتساع حركة الاحتجاج". ويضيف الرجل البالغ من العمر 66 عاما وسط ضجيج مطعم "توني" حيث يلتقي العديد من المهاجرين السودانيين، "من الضروري للغاية القول إن الحكومة تلجأ إلى العنف المفرط".

ويضيف الناشط الشيوعي السابق، "أعز صديق لي في السجن منذ 20 يوماً لأنه نظم تظاهرات". نظمت في باريس عدة تجمعات في ساحة الجمهورية وأمام السفارة السودانية "تضامنا مع الانتفاضة الشعبية في السودان". كما وُجهت نداءات للتظاهر في ستراسبورغ أو ليل أو أنجيه أو تور.

ويقول أماد ويلينغوي الذي يعمل بائعاً في متجر للهواتف المحمولة، إن البشير الذي صدرت بحقه مذكرتا توقيف عن المحكمة الجنائية الدولية بشبهة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في إقليم دارفور غرب السودان، لن يترك السلطة "بدون ضمانات قوية مثلاً بأنه لن يخضع للمحاكمة".

ورغم قناعته بأن "لدى البشير ميليشيات للدفاع عن النظام"، فهو يعتقد أن "هذه الانتفاضة مختلفة لأن مشاعر الغضب تغلي في صدور الناس منذ فترة طويلة" ولأن "كل السودانيين يعرفون أحدا مشاركاً في الانتفاضة".

ويقول سعد عبد الكريم وهو لاجئ من دارفور الذي يشهد نزاعاً منذ عام 2003، "المشكلة ليست في البشير. نريد تغيير النظام بأكمله". خلَّف النزاع في دارفور 300 ألف قتيل و شرد 2,5 مليون شخص حسب الأمم المتحدة.