الدار البيضاء: طالب أحمد لحليمي علمي، مندوب التخطيط المغربي ( بمثابة وزير التخطيط) ، الحكومة بإعطاء مزيد من الأكسجين للاقتصاد المغربي وإنقاذه من الاختناق عبر انتهاج سياسة اقتصادية توسعية تعتمد على تثمين الروح الوطنية للمغاربة وقدراتهم الذاتية في المجال الاقتصادي.&
وخفف لحليمي من التخوفات التي تربط بين السياسات الاقتصادية التوسعية للحكومة وبين ارتفاع مخاطر التضخم. وقال لحليمي، مساء أمس خلال تقديمه للموازنة التوقعية لسنة 2019 بالدار البيضاء، "يجب أن نتنفس وننفس الاقتصاد"، مضيفا "يجب خلق التفاؤل وتحفيز الشركات على استعمال القدرات الإنتاجية غير المستخدمة. صحيح أن ذلك سيولد بعض التضخم، لكن هذا التضخم لن يقتلنا، بل هو أمر جيد، لأنه سيمكن الحكومة من استعمال التضخم لتمويل الدين الداخلي، الذي ناهز حاليا 60 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي".
&وأضاف لحليمي "هذا لا يعني أننا سنصبح متمردين ضد التوافق العالمي"، مشيرا إلى أن أميركا نفسها اليوم أصبحت تتبنى "القومية الاقتصادية" في ما أصبح المسؤولون في أوروبا يدعون بدورهم إلى وقفة تأمل.
وحذر لحليمي من استمرار التوجه الانكماشي الذي يعرفه الاستثمار في المغرب في الفترة الأخيرة. وقال &إن "تقليص وتيرة نمو الاستثمار لن يكون إلا تعبيرا عن سياسة مقيِّدة. ومن شأنه أن يحد من النمو &المستقبلي الممكن لبلادنا. وسيشكل قطيعة مؤسفة مع الخيار الإرادي المعتمد منذ سنوات 2000 من طرف المغرب في هذا المجال، حيث بلغ معدل الاستثمار بين 30 في المائة و33 في المائة. وأشار إلى أن العهد الجديد الذي انطلق مع تولي العاهل المغربي الملك محمد السادس حكم البلاد &في 1999 شكل قطيعة مع الماضي حيث فتح المجال أمام المشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص في مجالات الاستثمار، وإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي وسعت مجال المشاركة إلى الشرائح الدنيا للمجتمع المغربي، مشيرا إلى أن الديمقراطية والإشراك والتشاور تساهم في انخراط الجميع في أوراش التنمية.
غير أن لحليمي &انتقد اقتصار هذه السياسات على قطاعات معينة ، وعدم وجود رؤية شمولية تربط بينها. وقال "هكذا أصبحنا اليوم نسمع حديثا عن ضرورة إحداث تقارب بين مختلف السياسات القطاعية"، مشيرا إلى أن ما يصبو إليه شخصيا هو الحديث عن التخطيط الاستراتيجي بدلا عن ذلك.
وأوضح لحليمي أن الدراسات التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط في هذا الإطار تبين أن "المغرب يتوفر على عدد كبير من فرص التنويع في منتوجات قريبة من البنية الحالية للإنتاج الوطني والتي تتوفر على إمكانات التنافسية وخاصة في الفروع المعتمدة على الحبوب والفواكه والخضر والنسيج الصناعي والكيمياء وصناعة الآلات والتجهيزات وتشمل، حسب التقديرات الأولية 3500 منتوج جديد". وأضاف أن "توفير الدعم والتأطير والتمويل والتشجيع اللازم للمقاولات الصغرى سيمكنها من أن تساهم في تحسين الطابع المركب ونمو الاقتصاد الوطني، وبالتالي في تقليص مستوى الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الحالية".
وأشار إلى أن أكبر إشكالية يواجهها المغرب تكمن في التمويل، وقال ان معدل الاستثمار ناهز 33 في المائة من الناتج الخام الداخلي، في حين أن معدل الإدخار لم يتجاوز 27 في المائة من الناتج الخام الداخلي، وبالتالي فإن المغرب ظل مضطرا للجوء إلى المديونية لتمويل الفارق، الشيء الذي نتج عنه ارتفاع مستوى الدين العمومي الكلي للاقتصاد المغربي (دين الخزينة الحكومية زائد دين المؤسسات والشركات العمومية) إلى 82.2 من الناتج الداخلي الخام في سنة 2018، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يناهز 82.5 في المائة &سنة 2019.&
ودعا لحليمي إلى ضرورة إعادة التوجه نحو تعبئة الادخار الوطني كبديل للمديونية في شقيها الداخلي والخارجي لتمويل التنمية، مشددا على "استعجالية الزيادة في الادخار التي يجب البحث عنها بمختلف الطرق". وقال "إنها مسألة اقتصادية واجتماعية ومؤسساتية"، معتبرا أن قضية النمو تقع في صلب هذه المسألة، سواء من حيث إشكالية فك ارتباط النمو الاقتصادي في المغرب بتقلبات الموسم الفلاحي، او من حيث استهداف نموذج تنموي يكون فيه النمو الاقتصادي قويا وفي نفس الوقت مصحوبا بانخفاض الفوارق.
&