إيلاف من دبي: استبعدت غالبية قراء "إيلاف" خروج مؤتمر وارسو، المزمع عقده في بولندا في منتصف شهر فبراير المقبل، بقرارات تمهّد إلى توجيه ضربة عسكرية إلى إيران.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عقد مؤتمر دولي في العاصمة البولندية وارسو، مؤكدًا أن بلاده تعتزم استضافة قمة دولية تركّز على الشرق الأوسط، وتحديدًا إيران، في بولندا.

قال بومبيو إن القمة ستعقد يومي 13 و14 فبراير لـ"التركيز على الاستقرار في الشرق الأوسط والسلام والحرية والأمن في هذه المنطقة، وهذا يشمل عنصرًا مهمًا، وهو ضمان ألا يكون لإيران تأثير مزعزع للاستقرار". ودعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولون عرب إلى حضور المؤتمر.&

في هذا الإطار، سألت "إيلاف" قراءها: "ما الذي يحتمل أن يتخذه مؤتمر وارسو الدولي الذي دعت واشنطن إلى عقده حول إيران؟"، طرحت جوابين اثنين للسؤال: الأول، "تشديد الحصار والعقوبات"، وقد اختاره 329 قارئًا من أصل 464، بنسبة 71 في المئة؛ والثاني، "عمليات عسكرية ضاربة"، اختاره 135 قارئًا، بنسبة 29 في المئة.

تشديد الضغوط

قالت وكالة "أسوشييتد برس" الجمعة إن دول الاتحاد الأوروبي عازمة على إلغاء مؤتمر وارسو بسبب مخاوف من أن يكون جزءًا من توجّه أميركي لزيادة الضغط على إيران. ونقلت الوكالة عن دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي تساؤلات حول المخطط الحقيقي للمؤتمر، مشيرين إلى أن تنظيمه تمّ في وقت قصير للغاية، وأن إيران غير مدعوة.

يبذل الاتحاد الأوروبي جهودًا مكثفة للحفاظ على الاتفاق النووي الموقع مع إيران في يوليو 2015، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في العام الماضي.

ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرًا تحدثت فيه عن عزم الاتحاد الأوروبي على صدّ الاندفاعة الأخيرة المعادية لإيران في واشنطن، وعن مواجهة محاولة الولايات المتحدة إشراك أوروبا في حملتها للضغط على إيران، بعدما أكد مسؤولون أن وزراء من دول عدة في الاتحاد الأوروبي لن يحضروا على الأرجح قمة بولندا. وقال دبلوماسي أوروبي إن الاتحاد الأوروبي لن ينضم إلى تحالفٍ معادٍ لإيران.

فالأكيد إذًا أن الهدف من حشد الولايات المتحدة حلفاءها في وارسو هو تشديد الضغوط على إيران، على شكل عقوبات جديدة متشددة، تزيد خناق الحصار على الاقتصاد الإيراني المنهك. وهذا ما تراه أوروبا اليوم غير ملائم، مفضلة أن تخطو خطوات سلمية إضافية، بالعودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشكل منفرد.

الإيرانيون يعرفون

ورغم استبعاد قيام واشنطن بعملية عسكرية ضد طهران، غير أن الإعلان عن تنظيم المؤتمر بحد&ذاته أثار غضب إيران، ودفع بمسؤوليها إلى إطلاق تصريحات عنيفة ضد أميركا وبولندا والدول الأوروبية.

بينما اعتبرت الخارجية الإيرانية أن عقد هذه القمة "عمل عدائي" تقوم به واشنطن، قال نواب في البرلمان الإيراني إن قمة وارسو تهدف إلى حشد القوى الدولية ضد نظام طهران. كما أصدرت الخارجیة الإیرانیة بيانًا ذكرت فيه بأنها استدعت القائم بالأعمال في السفارة البولندیة لدی طهران، ویتشخ أونلت، وأبلغته احتجاج إیران علی تنظیم مؤتمر وارسو.

وطوال الأشهر الماضية، وضع الإيرانيون كل جهودهم في سبيل إقناع الأوروبيين بعدم مجاراة إدارة ترمب، التي انسحبت من الاتفاق النووي، ورغم التصريحات السياسية التي صدرت من لندن وباريس وبرلين، غير أن المؤشرات الأخيرة تؤكد وبوضوح أن دول الاتحاد الأوروبي بدأت تفقد الأمل من هذا الاتفاق.

بحسب تقرير نشرته "العربية.نت"، عبّر مسؤولون في النظام الإيراني عن قلقهم حيال قمة وارسو. اعتبر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قمة وارسو "مؤتمرًا أمنيًا"، وعلق على إعلان بومبيو قمة بولندا بالقول: "هذا الذي يتحدث عن عقوبات وممارسة الضغوط في أعلى مستوى، وعندما يصل الأمر به إلى عقد ملتقى ومؤتمر، فهذا يدل على أنه فشل".

واعتبر نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري مؤتمر وارسو استمرارًا "للحرب الاقتصادیة الأمیرکیة على إیران، وهدف أميركا السعي إلى زرع اليأس في نفوس الإيرانيين".&

وانتقد كمال خرازي، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الإيرانية، ما وصفه بـ "التأخر المتكرر" للاتحاد الأوروبي في تفعيل القناة المالية الخاصة للتعامل مع إيران، المعروفة باسم (SPV)، رابطًا هذه العرقلة بالقمة المرتقبة في وارسو. وبالتالي، يعرف الإيرانيون أن الهدف الأساسي من وراء الحشد الدولي في وارسو هو إنهاك إيران اقتصاديًا بفرض المزيد من العقوبات.
&
الخطة مُعدّة سلفًا

في المقابل، قالت صحيفة "الراي" الكويتية إن خبراء أميركيين، وعددًا لا بأس به من المسؤولين في إدارة ترمب، يعتقدون أن إيران لا تفهم إلا لغة القوة، ولا بد من أنها سمعت من حلفاء الولايات المتحدة أن إدارة ترمب جدية في توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، ما يعني أن على طهران أن تعمل لتفادي استفزاز واشنطن، على الرغم من تواصل خطابها التصعيدي والتهديدي ضد الولايات المتحدة.

وبحسب "الراي"، تعتقد إدارة ترمب أن أي مواجهة مع الإيرانيين قد تؤدي إلى مواجهة بين الجنود الأميركيين المنتشرين في العراق وسوريا من ناحية، والميليشيات العراقية والسورية واللبنانية الموالية لإيران والمنتشرة في هذين البلدين أيضًا من ناحية ثانية.&

يقول أحد متابعي شؤون البيت الأبيض إن الإدارة أنجزت منذ فترة خطة لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، في حال اقتضت الظروف السياسية، لذلك عاد انتشار القوات الأميركية في مياه الخليج إلى معدلات مرتفعة لم يشهدها منذ فترة، بالتزامن مع إرسال واشنطن إحدى حاملات طائراتها التي يعتقد البعض أنه سيتم رفدها بفرقة ضاربة.

فهل يكون الانسحاب الأميركي من سوريا، وربما في وقت لاحق من العراق، تمهيدًا لتوجيه ضربة عسكرية أميركية إلى إيران في السنة الباقية من ولاية ترمب الأولى، قبل أن تغرق الولايات المتحدة في موسمها الانتخابي لعام 2020؟.

صيف ساخن

رأى ناشطون إيرانيون أن قمة وارسو هي شبيه مؤتمر "غوادلوب"، الذي عقدته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا الغربية في جزيرة غوادلوب بين 4 و7 يناير 1979، ونقشت فيه أزمة إيران قبل رحيل الشاه، قالوا إن قرار إطاحة الشاه اتخذ في هذا المؤتمر، وربما هذا ما يدفع البعض إلى التفكير في إمكانية أن يكون هذا المؤتمر تأسيسًا لحلف وارسو جديد، موجهًا هذه المرة ضد إيران.

وحذر علي خورّام، مندوب إيران السابق لدى المكتب الأوروبي للأمم المتحدة، من صيف ساخن عقب حشد أميركا مختلف دول العالم لمواجهة النظام الإيراني في قمة بولندا.

وفي تصريحات فسرتها وسائل إعلام إيرانية على أنها رد على تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي سخر من القمة، واصفًا إياها بـ "السيرك"، أكد خورام أن هذه القمة ليست مزحة، "وتأتي في إطار خطة الصيف الساخن التي تحدث عنها المتشددون الأميركيون". أضاف خورام: "هدف هذا التجمع إبلاغ العالم بالتحركات العدائية التي تريد الولايات المتحدة القيام بها".

وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قال في الشهر الماضي إن أميركا كانت تجهّز لصيف ساخن في إيران، "لكن إيران تمكنت من التغلب على المشروع الأميركي، الذي يهدف إلى تغيير النظام الإيراني، وأحذر الشعب من تكرار هذا المخطط في الصيف المقبل".