إيلاف من دبي: تنزلق الأزمة في فنزويلا إلى الأسوأ، بعد تدخل القوى الخارجية في الصراع على السلطة بين نيكولاس مادورو، رئيس السلطة الفنزويلية، وزعيم المعارضة خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيسًا موقتًا للبلاد.

سارع الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الاعتراف بزعيم المعارضة رئيسًا انتقاليًا، وتبعته كندا وكولومبيا والبيرو والإكوادور والباراغواي والبرازيل وتشيلي وبنما والأرجنتين وكوستاريكا وغواتيمالا وبريطانيا. في المقابل، أيدت تركيا وروسيا والمكسيك وبوليفيا شرعية مادورو.

سألت "إيلاف" قراءها سؤالها الأسبوعي: "كيف ترى الموقف في فنزويلا على هامش التجاذب الروسي الأميركي؟"، طارحة ثلاثة إجابات. أجاب عن السؤال 462 قارئًا، اختار منهم 122 قارئًا جواب "عودة للحرب الباردة"، بنسبة 27 في المئة، واختار 279 منهم جواب "تقاسم مناطق النفوذ"، بنسبة 60 في المئة، بينما اختار 61 منهم جواب "معارك ثأرية"، بنسبة 13 في المئة.

سؤال واحد

يدمج المراقبون الجوابين الأول والثاني، أي عودة الحرب الباردة وتقاسم مناطق النفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا، ويقولون إن الأخطر بالنسبة إلى الولايات المتحدة هو ما تم تداوله عن التفكير الروسي في إقامة قواعد عسكرية في فنزويلا، بعدما رصدت واشنطن أربع طائرات روسية إستراتيجية في كراكاس التي لا تبعد&عن الشاطئ الأميركي أكثر من 1500 كيلومتر، ما تعتبره واشنطن تحديًا لأمنها الحيوي، وما يكرر أزمة الصواريخ الكوبية في ستينييات القرن الماضي.

ثمة ما يعزز فرضية التقاطع الدولي، أو الصراع على النفوذ الدولي بين جباري القرن الحالي، إضافة إلى تصريحات أميركية بإمكانية التدخل العسكري في فنزويلا بعدما قيل عن إرسال 5000 جندي أميركي إلى كولومبيا، ما يشي بتوتر دولي حاد، خصوصًا بسبب رفض روسيا والصين هذا التوجه.

وكان الكرملين حذّر من العواقب السلبية لأي تدخل عسكري أجنبي في شؤون فنزويلا. وقال دميتري بيسكوف، السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، الثلاثاء: "أما بالنسبة للتدخل العسكري لبلدان ثالثة في الأزمة الفنزويلية، فقد حذرنا منذ البداية من النتائج السلبية للغاية حتما لأي إجراءات متهورة من هذا القبيل".

تغيير الحكم؟

إلى ذلك، اتهم فاسيلي نيبينزيا، مندوب روسيا الدائم في مجلس الأمن، الإدارة الأميركية بـ"جر مجلس الأمن إلى ألعابها القذرة بهدف تغيير الحكم في فنزويلا".

وأشار إلى أن الدول التي أعربت عن تأييدها للرئيس مادورو لا تحمي نظامه بل تدافع عن القانون الدولي، مؤكدًا أن مادورو يحظى بدعم معظم مواطني بلاده.

ونسبت سبوتنيك الروسية في نسختها العربية إلى الخبير بالشؤون الدولية طارق عبود قوله: "إن السلوك الأميركي تجاه فنزويلا لا يتوافق مع القانون الدولي، لأن القوانين الدولية لا تتعاطى مع أزمات الدول بهذه الطريقة، فهناك قوانين تحكم العلاقات البينية بين الدول".

عن خيارات مادورو تجاه المهلة المحددة من قبل الغرب لإجراء انتخابات رئاسية في فنزويلا أو الاعتراف بغوايدو رئيسًا موقتًا، قال العبود: "من الطبيعي أن يتجاهل مادورو المهلة المحددة لأنه يعلم جيدًا أنها حرب تخاض من قبل أوروبا وأميركا".

وقال إن هذه المهلة تعد بمثابة إسقاط لحكم مادورو من خلال التهويل باندلاع حرب وخلق أزمة سياسية في البلاد ممكن أن تدفع لتكرار سيناريو العراق واليمن وسوريا&وليبيا، على حد قوله.

مسألة وقت

قال جورج فاليرو، السفير الفنزويلي لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، إن التدخل العسكري الأميركي في بلاده مسألة وقت، وأن ملايين الفنزويليين مستعدون لمقاومة طويلة الأمد.

وأشار إلى أنه من المحتمل أن تواجه الولايات المتحدة المصير الذي واجهته في فيتنام، وأن الفنزويليين مستعدون لاستخدام كافة أنواع الأسلحة لصد الحملة الأميركية. أضاف: "الولايات المتحدة تقوم بكافة الاستعدادات العسكرية للقيام بحملة ضد فنزويلا، ونتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بحملة عسكرية ضد بلادنا للقضاء على النظام الديمقراطي القائم في كاراكاس، لكن شعبنا سيواجه هذا التدخل الخارجي، ونأمل من جميع شعوب العالم دعم فنزويلا&من أجل السلام".

وأشار إلى وجود 8 قواعد عسكرية أميركية في كولومبيا، وأن واشنطن ستحاول البدء بحملتها العسكرية ضد فنزويلا انطلاقا من الأراضي الكولومبية.

تبادل الثأر

الحكومات غير الليبرالية هي بوضوح بين الدول القليلة التي لا&تزال في معسكر مادورو. قالت فريدة غيتس، من صحيفة "بوليتيكو": "انظروا إلى من يساعد مادورو: الصين وروسيا وتركيا وكوبا ونيكاراجوا. إنهم لا يريدون رؤية نجاح ثورات ديمقراطية، وفي حالة الصين وروسيا، لا تريدان&خسارة المليارات التي تدين لهما بها فنزويلا".

إنه تجاذب فعلي في النفوذ بين الدولتين القويتين، الولايات المتحدة وروسيا. لكن، إلى جانب هذا الأمر، لا يستبعد بعض المراقبين أن يكون التدخل الأميركي الوشيك في فنزولا، الحديقة الخلفية لواشنطن، هو رد الاعتبار الأميركي بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب القوات الأميركية من سوريا، بعد دخولها شرعيًا وفعليًا في المدار الروسي، بعدما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوريا&حديقة خلفية لموسكو.

تبادل العمليات الثأرية قد لا يقتصر على صراع مادورو - غويادو، كما يقول المراقبون، فأين تتوجه سهام الثأر بعد فنزويلا؟