كشف رئيس مجلس القضاء العراقي الاعلى عن مقتل 67 قاضيا خلال السنوات الاخيرة على يد العناصر الارهابية مؤشرا مخالفة دستورية يرتكبها البرلمان باصراره على حصر الموافقة على تعيين القضائية العليا به داعيا الى تغيير القوانين بما يكفل مواجهة الفساد.

وقال رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان في كلمة خلال جلسة حوارية لمركز الرافدين العراقي للحوار في بغداد الثلاثاء بمشاركة دبلوماسية وأكاديمية وسياسية دولية ومحلية جرى خلالها مناقشة ملفات عدة أبرزها الفصل بين السلطات ومكافحة الإرهاب والفساد.

الارهاب واجه القضاة بالقتل

واكد رئيس مجلس القضاء الاعلى على ان القضاء العراقي لعب "دورا مشرفا وكبيرا في التصدي للارهاب بشجاعة عالية حيث قدم 67 قاضيا شهيدا في وقت كان عد القضاة في البلاد 500 قاض فقط".. مشيرا الى ان "المؤسسة الوحيدة التي استمرت بعملها بعد احتلال تنظيم داعش لمدينة الموصل منتصف عام 2014 هي المؤسسة القضائية في محافظة نينوى من خلال انتقال المحاكم الى مقرات بديلة لممارسة أعمالها".

واوضح ان القضاة العراقيين اصبحت لهم خبرة كافية في مجال مكافحة الإرهاب والقضاء عليه فضلاً عن توفر الإمكانية في تدريس ونقل وتصدير هذه الخبرة إلى دول العالم .

&وأـشر المسؤول القضائي على مجلس النواب مخالفة دستورية بأصراره على حصر الموافقة على تعيين المناصب القضائية العليا به .. واعتبر ذلك خرقٌ لمبدأ الفصل بين السلطات الذي نص عليه الدستور.. مشددا على ضرورة الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وقال القاضي زيدان &ان القضاء العراقي يعاني من عدم توفر الصورة القانونية الكاملة للبعض ممن يظهر في وسائل الإعلام ليعطي رأيا سلبيا ويتبنى موقفا في قضية هي ليست من اختصاص القضاء العادي لكنه مع ذلك يتعدى إلى انتقاد المؤسسة القضائية.

مكافحة الفساد تتطلب تعديل قانون مكافحة الارهاب

وعلى صعيد مكافحة الارهاب دعا رئيس مجلس القضاء الاعلى الى "مراجعة قانون مكافحة الإرهاب وفق متطلبات المرحلة الحالية كونه كان قد شرع بسبب ظروف المرحلة السابقة ولوجود بعض المصطلحات التي تؤدي إلى نهايات مفتوحة".

واعتبر ان "الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة بل ان الفساد لا يقل خطراً عن الارهاب على البلد"..

واشار الى ان "مكافحة الفساد تحتاج الى قوانين جديدة ".. منوها الى ان الكثيرين يرفعون شعار استقلال القضاء في برامجهم الانتخابية لكنهم هم من يخرقون ذلك ويوفرون غطاء للفاسدين".

واكد ان "للقضاء دور مهم في مكافحة الفساد ويسعى لتطويره ولا يقتصر هذا الدور على القضاء فقط بل لهيئة النزاهة حصة في ذلك من خلال جمع الأدلة لتتم محاكمة المفسدين".. داعيا الى "تطوير إمكانيات المحققين في هيئة النزاهة وأدواتهم والتعاون مع الجهات الرقابية الأخرى".

حاجة العراق لقوانين جديدة

وعن حاجة العراق الى قوانين جديدة قال القاضي فائق زيدان "مازلنا نعمل بالنصوص القانونية التي شرعت عام 1969 ونحتاج الى نصوص جديدة تواكب المرحلة".. مضيفاً "بعد تولينا ادارة مجلس القضاء الاعلى شكلنا لجنة من كبار القضاة لمراجعة جميع القوانين وإعداد نصوص جديدة بدلاً عن القديمة وفق متطلبات المرحلة الحالية".

وأضاف "اعددنا النص الجديد لمشروع قانون العقوبات الذي يتضمن نصوصا عقابية لمكافحة الفساد من شأنها ان تقضي على الفساد فيما لو شرع وفق الرؤية القضائية المدروسة بعيدا عن التدخلات ونأمل الإسراع في ذلك" .. مبيناً ان مجلس القضاء قد رفع مشاريع قوانين الى البرلمان لتعديلها أو صياغتها بشكل صحيح .. مشددا على ضرورة الأخذ بوجهة نظر القضاء عند تشريع القوانين المتعلقة بالعمل القضائي.

عدد القضاة الحالي لايسد حاجة العراق

ولفت رئيس مجلس القضاء الاعلى الى ان "عدد القضاة العراقيين الحالي لا يكفي ولذلك هناك خطط لزيادتهم .. منوها الى انه يفترض ان يكون في العراق حاليا 2000 قاض .. مشيرا إلى أن "عملية إعداد القاضي معقدة جداً".

وفيما يخص النزاعات العشائرية وما يطلق عليها محليا "الدكة العشائرية" التي استفحلت خلال السنوات الاخيرة اقر رئيس المجلس بان "الدكة العشائرية تفاقمت وأصبحت تنمو في كثير من المناطق" .. موضحا ان "هناك مكاتب مختصة تدير هذه النزاعات وتملك عجلات واسلحة ولذلك فأن قسما من القوات الامنية لا تريد الاصطدام بها". واشار الى أن "المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب عالجت ذلك حيث قمنا بتوجيه المحاكم بالتعامل مع هذه الجريمة وفق قانون مكافحة الارهاب وهو ما اثار ارتياحا لدى شيوخ عشائر والمواطنين.

الزواج الالكتروني .. والانتخابات

وفي شأن آخر قال القاضي زيدان ان مجلس القضاء الاعلى يسعى لمواكبة التطور لذلك أنشأ عقد الزواج الالكتروني .. لكنه اشارمستدركا الى انه للأسف البعض تعاطى مع الامر في وسائل الاعلام بصورة خاطئة دون فهم الصورة الصحيحة للمشروع الذي يهدف إلى اختصار الإجراءات الإدارية فقط أما الصيغة الشرعية فيجب ترديدها اما القاضي".

وعن ملف الانتخابات واشراف القضاء عليها أوضح ان "القاضي يطبق القانون حتى لو لم يكن مقتنعا به وان دور القضاء قبل تعديل قانون الانتخابات تدقيق قرارات مجلس المفوضين وهو الصحيح وهو الدور الذي يمارس قبل الانتخابات الأخيرة .. منوها الى ان تشريع البرلمان لقانون يوكل مهمات للقضاء في هذا المجال ومنها إعادة العد والفرز اليدوي لاصوات الناخبين قد ادخله في مهمة هي ليست من اختصاصه.. وقال ان "هذه المهمة ليست من اختصاصنا لكننا ملزمون بتطبيق القانون ونحن ضد تعديل القانون وندعو إلى عدم تكرار هذه المهمة".

يشار الى ان مجلس القضاء الأعلى في العراق كان قد تأسس عام 1969 هو السلطة الإدارية العليا المختصة بشؤون السلطة القضائية في البلاد ويتشكل من رئيس المحكمة الاتحادية العليا رئيساً وعضوية كل رئيس ونواب محكمة التمييز الاتحادية ورؤساء المحاكم الاستئنافية الاتحادية ورئيس محكمة تمييز إقليم كردستان ونائبيه ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف القضائي. &

ثم تم في ايلول سبتمبر عام 2003 إعادة تأسيس مجلس القضاء ليكون مسؤولاً ومشرفاً على النظام القضائي في العراق وبشكل مستقل عن وزارة العدل حيث تصدرت ديباجة الامر بذلك العبارة التالية "ان السبيل إلى فرض حكم القانون هو نظام قضائي مؤلف من كادر مؤهل وحر مستقل عن التأثيرات الخارجية" فكان الهدف واضحاً من اعادة تشكيل مجلس القضاء هو تحقيق دولة القانون لكن العديد من القوى السياسية تتهم السلطة التنفيذية وخاصة خلال فترتي رئاسة نوري المالكي للحكومة بين عامي 2006 و2014 بتسييس القضاء ووضعه لصالح اهداف السلطة.