لندن: في اكتوبر الماضي نزل مئات آلاف الاشخاص الى شوارع لندن للمطالبة باستفتاء جديد حول بريكست، لكن قبل بضعة أسابيع فقط على موعد هذا الانفصال التاريخي المرتقب في 29 مارس يبدو أن هذه الحركة تفقد زخمها.

ومثال على ذلك، تعديل ينص على إجراء مشاورة من هذا النوع يدعمه نواب من كل الأحزاب، تم التخلي عنه في نهاية يناير بسبب امتناع زعيم حزب العمال جيريمي كوربن عن تأييده الذي لا بد منه لتمرير النص.

واعترف بول باترز العضو في مجموعة "بيست فور بريتن" التي تنشط لإبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي "عشنا أوقاتا صعبة". وأضاف أن إمكانية إجراء استفتاء جديدة تبقى ضعيفة طالما أن كوربن لم يغير موقفه من المسألة.

رسميا، لا يستبعد حزب العمال هذا الخيار، خصوصا في غياب انتخابات تشريعية مبكرة. لكن جيريمي كوربن المشكك في الوحدة الأوروبية، لا يبدو مستعدًا للقيام بخطوة من هذا النوع.

وهذا ما لم يتردد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في الإشارة إليه الأربعاء في بروكسل.

وقال متوجها إلى البريطانيين الراغبين في البقاء في الاتحاد: "كنت دائما معكم من أعماق قلبي". وأضاف "لكن الوقائع جرت وفي هذه المرحلة، الموقف المؤيد لبريكست الذي تتبناه رئيسة الوزراء (تيريزا ماي) وزعيم المعارضة يستبعد هذه الإمكانية".

لكنّ بول باترز وأصدقاءه لا ينوون الوقوف عند هذا الحد، وإن كان الوقت يضيق مع اقتراب موعد بريكست المقرر في 29 مارس.&

وهم يرون أنه بقدر ما تقترب بريطانيا من موعد خروجها من الإتحاد بدون اتفاق، تزداد فرص الحصول على أغلبية في البرلمان لتنظيم هذا الاستفتاء.

وهذا السيناريو لبريكست بدون اتفاق تخشاه الأوساط الاقتصادية، أصبح أكثر احتمالا منذ رفض النواب البريطانيين في يناير الاتفاق الذي توصلت إليه المفوضية الأوروبية ولندن بشأن بريكست.

وقال ادريان ماكمينامين المسؤول في حملة "بيبل فوت" إنه "ليست هناك أغلبية حاليا في البرلمان تؤيد" مبادرة من هذا النوع. لكنه أضاف "لا أتوقع وجود هذه الأغلبية طالما لم تستنفد كل الخيارات".

- "ليس الوقت المناسب" -

دخلت هذه المنظمة التي تسعى من أجل تنظيم استفتاء جديد، الحملة العام الماضي. واستقر عدد من المجموعات المناهضة لبريكست التي تحصل على تبرعات سخية بما في ذلك من الملياردير جورج سوروس، في مكاتب مشتركة بالقرب من البرلمان.

وخلال أشهر نجح هؤلاء في تحويل فكرة هامشية الى فرضية تناقش على نطاق واسع حاليا، وتتطرق إليها رئيسة الحكومة باستمرار وإن كان ذلك لمجرد معارضتها.

وفي مجلس العموم البريطاني، تلقى الحركة تأييد أكثر من مئة من أصل 256 نائبا عماليا. وقال أحدهم لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته "الآن ليس الوقت المناسب" لخوض حملة من أجل استفتاء جديد.

في صفوف المحافظين، يدعم أقل من 12 نائبا علنا إجراء تصويت جديد. والذين يجرؤون على إعلان ذلك يواجهون سيلا من الانتقادات الحادة على شبكات التواصل الاجتماعي.

أما الرأي العام فهو متقلب جدا حسب السؤال المطروح، على حد قول الاستاذ في جامعة ستراثكلايد جون كورتيس. وقال إن حوالى ثلثي الراغبين في البقاء في الاتحاد يوافقون على إجراء تصويت جديد، مقابل ما بين ثمن وربع مؤيدي بريكست.

والصعوبة الأخرى حسب كورتيس هي أن الحركة التي أطلقها مؤيدو البقاء في الاتحاد تبدو منحازة، مشيرا إلى أن الذين يخوضون الحملة من أجل ذلك، يريدون خصوصا عكس نتيجة الاستفتاء الذي جرى في يونيو 2016 وقرر فيه 52 بالمئة من البريطانيين مغادرة الاتحاد الأوروبي.

وأضاف: "لا أعتقد أن هناك نائبا محافظا واحدا (مؤيدا لبريكست) انضم إليهم".

ويؤكد نائب محافظ مؤيد للبقاء في أوروبا لوكالة فرانس برس أن بين أربعين وخمسين من زملائه يمكن أن يدعموا استفتاء جديدا إذا كان عليهم الاختيار بين التصويت مجددا والخروج بلا اتفاق.

وأضاف "لكن يجب أن تكون الظروف قد وصلت إلى هذا الحد".