دبي: انطلقت صباح اليوم في دبي فعاليات الدورة السابعة للقمة العالمية للحكومات، بمشاركة أكثر من 4000 شخصية من 140 دولة، بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء ومسؤولون يجتمعون بهدف العمل على تطوير الممارسات الحكومية وتبادل التجارب والخبرات واستشراف التحديات المستقبلية وضمان مستقبل أفضل للشعوب.

العولمة والثورة الرابعة

وافتتحت أعمال القمة العالمية للحكومات بكلمة حول "الجيل الرابع للعولمة"، ألقاها البروفيسور كلاوس شواب المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس".

وأكد البروفيسور شواب أن القمة العالمية للحكومات باتت توأماً للمنتدى الاقتصادي العالمي، مشيرا الى انه يجب أن ننتقل إلى العولمة التي تتماشي مع العالم الحديث والثورة الصناعية الرابعة.

وظائف المستقبل تعتمد على التخيل والإبداع

من جهته، قال محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل الإماراتي خلال الجلسة الافتتاحية من القمة إن 45 في المئة من الوظائف ستتغير في ⁧‫المستقبل، لافتا الى أنّ البقاء للوظائف القادرة على التخيل والابداع.

وأضاف الوزير القرقاوي أنه "في العام 2030 سيكون حجم اقتصاده حوالي 80.5 تريليون دولار، لذا لا بد من أن نعلّم أبنائنا على الخيال والإبتكار والتصميم من أجل تحويل الخيال إلى واقع".

التكنولوجيا قوة خفية

من جانبه، أوضح توني روبنز الخبير العالمي في القيادة خلال جلسة بعنوان كيف يصنع القادة؟ أن دولة الإمارات تمكنت ⁧‫من التحول الجذري من دولة صحراوية إلى إحدى أفضل دول العالم، منوها بأن التكنولوجيا قوة خفية يجب التعامل معها بحذر والاستفادة من جانبها الجيد

وتشهد القمة العالمية للحكومات في دورتها السابعة أكثر من 200 جلسة موزعة على سبعة محاور رئيسية، بالإضافة إلى عقد 16 منتدى. ويشارك فيها نحو 600 متحدث من المسؤولين الحكوميين و الخبراء والمفكرين والقادة والإداريين و أكثر من 30 منظمة دولية وأممية، إلى جانب أكثر من 120 رئيساً ومسؤولاً في شركات عالمية بارزة.

وستصدر القمة أكثر من 20 تقريرا تشكل مرجعية عالمية لشؤون العمل الحكومي المستقبلي تتضمن أرقاما ومعطيات وخلاصة دراسات تساعد صناع القرار والمسؤولين على رسم استراتيجيات استشرافية.

استشراف مستقبل التكنولوجيا

وتشهد القمة مشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات والمسؤولين ونخبة من المفكرين ورواد الأعمال ليقدموا خلاصة خبراتهم وتجاربهم ضمن 7 محاور رئيسية تستشرف مستقبل التكنولوجيا وتأثيرها على حكومات المستقبل، ومستقبل الصحة وجودة الحياة، والبيئة والتغير المناخي، والتعليم وسوق العمل ومهارات المستقبل، والتجارة والتعاون الدولي، والمجتمعات والسياسة، والإعلام والاتصال بين الحكومة والمجتمع.

كما تشهد مشاركة شخصيات قيادية بارزة من الإمارات، حيث يتحدث الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، في جلسة رئيسية يستعرض خلالها 7 متغيرات رئيسية ستشكل مدن المستقبل.
ويتحدث الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي، في جلسة رئيسية بعنوان "مسيرة حكمة"، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي في جلسة رئيسية حول "زيارة البابا إلى الإمارات عهد جديد للأخوة الإنسانية". وتشارك الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان في جلسة رئيسية بعنوان "اختيار المستقبل الذي سنورّثه".

تجارب ناجحة

واستقطبت القمة أبرز الشخصيات العالمية صاحبة التجارب الناجحة في مختلف القطاعات الحيوية، حيث تستضيف في جلسات حوارية خاصة وكلمات رئيسية بول كاغامي رئيس جمهورية رواندا، وإيبسي كامبل بار نائبة رئيس جمهورية كوستاريكا، ويوري راتاس رئيس وزراء جمهورية أستونيا، الذين يمثلون الدول الثلاث ضيوف شرف القمة العالمية للحكومات.

مؤشرات الأداء المالي ومستويات النمو لدول المنطقة

وضمن أعمال القمة العالمية للحكومات 2019 في دبي تم أمس استعراض المنتدى الرابع للمالية العامة في الدول العربية، السياسات المالية لدول المنطقة في جلسة حملت عنوان "إرساء أسس الإدارة للسياسة المالية في الدول العربية"، وتناولت مؤشرات الأداء المالي لدول المنطقة ومستويات النمو فيها مقارنة بمثيلاتها في دول العالم، إضافة إلى تأثير إنخفاض أسعار النفط على السياسات المالية للدول وما يصاحبه ذلك من تباطؤ اقتصادي يتطلب العمل بجدية على تحسين السياسات المالية واعتماد الأنظمة التكنولوجية لتعزيز الشفافية والثقة في الحكومات.

وخلال الجلسة التي تضمنها المنتدى في إطار القمة العالمية للحكومات، وحضرها عبيد بن حميد الطاير وزير الدولة للشؤون المالية، وكريستين لاغارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، وعدد من وزارء المالية ومحافظي البنوك المركزية في الدول العربية، تطرق جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي إلى السياسات المالية للدول العربية ونظرة عدم اليقين التي تصاحب الاقتصاد العالمي، لاسيما مع تباطؤ مؤشرات النمو في أغلب اقتصاديات العالم، وما يشهده الوضع الاقتصادي العالمي في ظل تعثر المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، علاوة على التداعيات المحتملة لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وغيرها من التحديات العالمية التي قد تواجهها دول المنطقة التي تحاول إنعاش اقتصاداتها من خلال إتباع سياسات إصلاحية طموحة.

انخفاض العجز

ولفت أزعور إلى أن معظم بلدان منطقتي "الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" على مدار السنوات الثلاث&الماضية، اعتمدت إجراءات خافضة للإنفاق ومعززة للإيرادات، مما أدى إلى انخفاض العجز في تلك الدول، لكن تلك الإصلاحات لم تكن دائماً مواتية للنمو، لكن ذلك لا يعني التخلي عن البرامج الإصلاحية لأن ما يمر به الاقتصاد العالمي يساعد دول المنطقة على إتخاذ خطوات إحترازية تجنبها الصدمات التي قد تنجم عن التقلبات الاقتصادية.

وأكد أن هناك تفاوتا كبيرا بين مستوى نمو اقتصاديات الدول العربية وبين حجم الدين الخارجي، وهو ما يزيد عجز الميزانيات وارتفاع نسبة البطالة وتقليص عدد الفرص الوظيفية، والتأثير على الميزان الخارجي، ما يدعو إلى العمل على إدخال مزيد من الإصلاحات وتشجيع الدول العربية على اتخاذ مجموعة من التدابير لتحسين السياسات المالية العامة.

زيادة الإيرادات الضريبية

وأشار أزعور إلى حاجة بعض الدول لزيادة الإيرادات الضريبية والعمل على تخفيض إعفاءات الشركات، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوسيع القاعدة الضريبية حتى تتمكن الحكومات من توزيع أكثر عدالة للعبء الضريبي، وهو ما يتطلب إعتماد الأنظمة التكنولوجية لتحسين نوعية الخدمات المالية، بما يسهم في تعزيز ثقة المواطن في الحكومات، وتحسين مؤشرات الشفافية الاقتصادية ومن ثم جذب مزيد من الاستثمارات.

وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي إنه ينبغي على صانعي السياسات المالية في دول الشرق الأوسط الأخذ في الاعتبار قيمة الزيادة المرجحة في تكاليف خدمة الدين، والعمل على تحسين جودة الإنفاق، واتخاذ إجراءات إضافية لزيادة الاستثمارات في رأس المال المادي، والعمل على دعم المؤسسات المالية من خلال رفع كفاءة العنصر البشري ليكون قادراً على إدارة المنظومة المالية بالشكل الذي يحقق مصالح الدول على الصعيد المالي والاستثماري، ويضمن ترشيد الدعم وتقليل النفقات وتعزيز الاستثمارات وغيرها من الأمور الحيوية التي تسهم في إنعاش اقتصاديات تلك الدول.

استقرار الدول

وأضاف أن صندوق النقد الدولي يسهم من خلال مكاتبه الإقليمية في تدريب الكوادر الاقتصادية عبر برامج متخصصة يعدها الصندوق تبعاً لاحتياجات كل دولة، ووفق أحدث المعايير الدولية وبتوظيف أحدث التقنيات في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي لاتجاهات الاقتصاد العالمي والدراسات التي يعدها في هذا الشأن يتم تحليلها في ضوء الأوضاع الراهنة التي يمر بها النظام الدولي مع الأخذ في الإعتبار استقرار الدول وقدرتها على تعزيز سياساتها المالية وتحقيق النمو المطلوب.