مدريد: رفض النواب الإسبان الأربعاء الموازنة الأولى التي قدمها رئيس الحكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز الذي وصل إلى السلطة منذ ثمانية أشهر، ما قد يُرغمه على الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

وصوّت غالبية النواب (191 نائباً من أصل 350) لصالح تعديلات من شأنها عرقلة الموازنة، قدّمها خصوصاً الحزب الشعبي (يمين) وحزب المواطنة (سيودادانوس) الليبرالي والحزبان الاستقلاليان الكاتالونيان، الأمر الذي من شأنه اسقاط النصّ حتى قبل التصويت عليه.

وغادر سانشيز مجلس النواب بعد بضع دقائق من التصويت، من دون الإدلاء بأي تصريح.

وكان رئيس الحكومة الاشتراكي المدعوم من 84 نائبا اشتراكيا (من 350) وعد لدى وصوله إلى السلطة في حزيران/يونيو 2018 بالدعوة سريعا إلى انتخابات قبل أن يغير رأيه ويقرر تقديم موازنة في محاولة للبقاء في السلطة حتى انتهاء ولاية الهيئة التشريعية عام 2020.

لكن بعد رفض الموازنة، يبدو احتمال الدعوة إلى انتخابات مبكرة أكبر حتى لو أن سانشيز يمكنه بشكل مبدئي تمديد الموازنة السابقة والبقاء في الحكم.

وتحدثت الصحف عن موعدي 28 نيسان/ابريل و26 ايار/مايو تاريخ الانتخابات الاوروبية القادمة والبلدية والمحلية، لإجراء الانتخابات المبكرة.

وقالت وزيرة المالية ماريا خيسوس مونتيرو "سبق ان سمعتم مرات عدة (...) أنه في حال لم تمضِ الموازنة قدماً، سيتمّ تقصير ولاية الهيئة التشريعية. لكن موعد (الانتخابات المبكرة) حصراً من صلاحية رئيس" الحكومة.

"مذكرة حجب ثقة واقعيا"

واعتبر رئيس الحزب الشعبي بابلو كاسادو أن هذه النكسة "تشكل نهاية رحلة سانشيز على رأس الحكومة" متحدثاً عن "مذكرة حجب ثقة بحكم الأمر الواقع" عن الاشتراكي الذي وصل إلى الحكم في حزيران/يونيو بعد حجب الثقة عن رئيس الحكومة السابق ماريانو راخوي الذي ينتمي إلى الحزب الشعبي.

وتأتي هزيمة سانشيز غداة بدء محاكمة تاريخية ل 12 من القادة الاستقلاليين الكاتالونيين المتهمين في محاولة انفصال كاتالونيا عن مملكة اسبانيا في 2017.

ونفت النيابة العامة الاسبانية الاربعاء ان تكون محاكمة الانفصاليين الكاتالونيين لدورهم في محاولة الانفصال في 2017 "سياسية"، كما قال الدفاع في اليوم الثاني من جلسات الاستماع.

وستستأنف المرافعات التي توقفت ظهرا، الخميس باستجواب المتهم الرئيسي، نائب الرئيس الكاتالوني السابق، أوريول جونكويراس. وتطلب النيابة انزال عقوبة السجن به 25 عاما بتهمة التمرد والاستيلاء على اموال.

وقال المدعي العام للمحكمة العليا خافيير تساراكوتسا "اننا لا نحاكم النزعة الاستقلالية، ولا المشروع السياسي السيادي الذي هو موضوع هذه المحاكمة، بل الأحداث الخطيرة التي وقعت خصوصا في ايلول/سبتمبر وتشرين الاول/أكتوبر 2017 .

ووترت هذه المحاكمة كثيرا العلاقة بين حكومة سانشيز والاستقلاليين الكاتالونيين. وكان نواب هؤلاء الاخيرين (17) هم من اتاحوا لسانشيز رئاسة الحكومة عندما دعموا مذكرة حجب ثقة ضد راخوي وبدونهم لم يعد يملك اغلبية.

وقطعت المباحثات بينهما الجمعة، حيث استمر دعاة استقلال كاتالونيا في المطالبة باستفتاء تقرير مصير في الاقليم الامر الذي يعد خطا أحمر بالنسبة للحكومة الاسبانية.

ورأى المحلل انتونيو باروزو ان "ثمن الانعطافة المعتدلة بدا غاليا جدا" بالنسبة للاستقلاليين الذين تخوفوا من أن "يتهموا بالخيانة" من قبل قواعدهم اذا دعموا سانشيز.

اليمين في طليعة الاستطلاعات

ومنذ ايام قليلة تبنت حكومة سانشيز خطابا انتخابيا متهمة اليمين والاستقلاليين الكاتالونيين بالتصويت معا ضدها.

وقال سانشيز الجمعة "ان اليمين والاستقلاليين سيصوتون ضد الميزانية الاجتماعية. هم يريدون الشيء ذاته : كاتالونيا تعيش في وضع مواجهة واسبانيا أيضا (..) انهم يخشون الحوار".

واشارت عدة استطلاعات آخرها الاربعاء الى تقدم الحزب الشعبي (يمين) وحزب المواطنة (ليبرالي) وحزب فوكس (يمين متطرف) والى قدرتهم على تشكيل اغلبية وطنية جديدة، وذلك كما فعلت هذه الاحزاب الثلاثة لطرد الاشتراكيين من الحكم في معقلهم في الاندلس (جنوب) في كانون الثاني/يناير.

وتظاهر عشرات الآلاف الأحد في مدريد بدعوة من اليمين واليمين المتطرف للمطالبة بالدعوة إلى انتخابات مبكرة متهمين سانشيز ب "الخيانة العظمى" بسبب حواره مع الاستقلاليين الكاتالونيين الامر الذي اثار حفيظة حتى داخل حزبه الاشتراكي.

ويضيف المحلل باروزو "ان قيام اغلبية يمينية ممكن لكن ليس مؤكدا" مشيرا الى ان "المفاوضات لتشكيلها لن تكون سلهة لان فوكس (يمين متطرف) لن يسهل الامر".