إيلاف من القاهرة: في الوقت الذي أنجز مجلس النواب المصري التعديلات الدستورية، ولم تتبقَ&إلا الموافقة عليها في الجلسة العامة، لتكون جاهزة لطرحها في استفتاء شعبي أمام المصريين، أعلنت أغلبية قراء إيلاف رفضهم هذه التعديلات، التي تسمح&للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الاستمرار في حكم البلاد حتى العام 2034.

أشركت "إيلاف" القراء في القضية التي تحظى بزخم على المستويين المحلي المصري و الدولي، وطرحت عليهم السؤال التالي: "هل تؤيد التعديلات الدستورية في مصر لتمديد رئاسة السيسي؟" وخيّرتهم بين "نعم" و"لا".

شارك القراء في الاستفتاء، وقررت الأغلبية وتقدر بـ 62 بالمائة معارضتها للتعديلات، بينما انضمت أقلية تقدر بـ38 بالمائة &إلى صفوف المؤيدين للتعديلات في مصر.

هناك حالة من الجدل في مصر، ما بين مؤيد ومعارض للتعديلات الدستورية، لكن الغالبية تلتزم الصمت، وتتوارى أصوات المعارضة، إلا في قليل من الأحيان.

وحظيت التعديلات بموافقة أغلبية مجلس النواب المصري، وقال النائب في البرلمان، محمد الغول، إن دستور 2014، وضع بحسن النوايا، معتبرًا انه&دستور مشوه جاء بعد إدخال تعديلات كثيرة على دستور الإخوان.

وأضاف أن من وضعوا الدستور من أعضاء لجنة الخمسين كانوا منقسمين على أنفسهم، وكل طرف أو فئة تريد الحصول على مكاسب خاصة. الفنانون كانوا يريدون أفضل شيء لهم، والاقتصاديون وكذلك والسياسيون وممثلو المرأة، ولذلك خرج الدستور في شكل مشوه لا يعبر عن دولة مصر العريقة.

وأوضح لـ"إيلاف"، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي افتتح مجموعة كبيرة من المشروعات القومية الكبرى، مشيرًا إلى أنه يخشى أن يأتي آخر فيتم إيقاف هذه المشروعات أو أن يتم عدم استكمالها، لاسيما أن هذه المشروعات ليست نتيجة سياسات موضوعة من قبل الوزارات، بل هي مشروعات صادرة عن مؤسسة الرئاسة، ومنها العاصمة الإدارية الجديدة والإسكان الاجتماعي أو مشروع مائة مليون صحة أو المليون فدان، وغيرها.

وأضاف أن مصر لم تعبر إلى مرحلة دول المؤسسات والسياسيات، لاسيما أن المسؤولين لدينا مازالوا يتعاملون بمنطق أنه يجب هدم ما بناه السابق وبناء مشروعات جديدة.

وقال إنه يجب أن يتم منح الرئيس عبد الفتاح السيسي الفرصة لإكمال بناء ما بدأه من مشروعات اقتصادية وخطط استراتيجية وبنية تحتية، خشية أن يأتي رئيس آخر فيتم هدم هذه المشروعات ويبدأ من جديد، فتخسر مصر كثيرًا، ويجب أن يتم ما بدأه حتى يتحمل المسؤولية عنه أمام الله وأمام الشعب. وتابع: "والله على ما أقول شهيد، لا أبغى نفاقًا أو رياءً، ولا أبغى سوى أن تبنى مصر لأبنائنا وأحفادنا".

وفي ما يخص عودة مجلس الشورى، قال الغول، إن السواد الأعظم من دول العالم لديها غرفتان للبرلمان، مشيرًا إلى أن بحث كثيرًا في أسباب إلغاء مجلس الشورى من قبل لجنة الخمسين، ولكنه لم يجد مبررًا قويًا.

ولفت إلى أن عودة مجلس الشورى، الذي يضم الخبراء والحكماء، مهمة جدًا للديمقراطية في مصر، مشيرًا إلى أن هؤلاء الخبراء وضعوا دساتير للدول الأخرى، وساهموا في نهضة علمية أو اقتصادية لتلك الدول، ومن العيب ألا تستفيد مصر من خبرات أبنائهم وعلمائها الأفذاذ".

وأعلن المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب الغد، موسى مصطفى موسى، موافقته على التعديلات الدستورية، معتبرًا أنها "من الأمور المشروعة". وقال إن الظروف الراهنة والمستجدات السياسية واستقرار الأوضاع في البلاد تتطلب إعادة النظر في الدستور.

وأضاف لـ"إيلاف" أن التعديل في المرحلة الحالية أصبح مطلبًا شعبيًا، ويجب أن ينظر فيه مجلس النواب، ويدرس المواد التي تحتاج إلى التعديل ويجري حوارًا مجتمعيًا مع الخبراء والفقهاء ورموز المجتمع في كافة المجالات للوصول إلى الشكل النهائي للتعديلات المقترحة، وتتم&مناقشتها، ثم طرحها للاستفتاء الشعبي.

وذكر أن هناك حاجة ملحة إلى إعادة مجلس الشورى للعمل، وأن يكون اسمه مجلس الشيوخ على غرار ما هو معمول به في ذات الديمقراطيات العريقة، معتبرًا أن عودته تمثل&إضافة للحياة السياسية وليس انتقاصًا منها.

ولفت إلى أن من المواد التي تحتاج إلى تعديل ما يخص ميزانية التعليم والصحة، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك اهتمام بهذين القطاعين، وأن يولي الدستور اهتمامًا بالتعليم الفني، وليس التعليم الجامعي، وتتم&إعادة النظر في مجانية التعليم، لاسيما أن ميزانية الدولة لا تحتمل، وأن تتكلف الدولة بتعليم أبناء غير القادرين.

وعلى الجانب الآخر، تواجه التعديلات معارضة كبيرة، لكنها أصواتها خافتة، ووجّه المعارض المصري حمدين صباحي تحية لكل نائب أعلن رفضه تعديل الدستور، فيما قال محمد البرادعي، مؤسس حزب "الدستور": "التعديلات الدستورية باطلة، سواء تم رفضها كما يجب أو الموافقة عليها، لأنها تنسف أهم مبادئ الشرعية الدستورية مثل الفصل بين السلطات وتداول السلطة. هناك مبادئ دستورية آمرة لا يمكن الاستفتاء عليها أو تبييضها. هل يجوز مثلًا الاستفتاء على إباحة الرق أو التمييز العنصري؟!".

ودشنت شخصيات مصرية وأحزاب ومنظمات مدنية حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار "لا لتعديل الدستور"، وحملت توقيعات نحو 400 شخصية سياسية وعامة، من مختلف أطياف المجتمع.

وقال المشاركون في الحملة، إن "جوهر عملية تعديل الدستور المطروحة والهدف النهائي منها هو تمكين الرئيس الحالي من الاستمرار في الحكم أكثر من دورتين رئاسيتين، وذلك بالمخالفة لما أقره الدستور الحالي، وتركيز جميع السلطات في يده في آن واحد، وإحكام قبضة السلطة التنفيذية على كافة الهيئات القضائية، ما يعني القضاء على أي إمكانية للتداول السلمي للسلطة، وتجميد مشروع بناء الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة".

وأصدرت مجموعة من المنظمات الحقوقية بياناً تدين فيه التعديلات، وأعلنت "رفضها القاطع للتعديلات الدستورية المقترحة والمطروحة للنقاش أمام البرلمان". ووصفتها بأنها "انقلاب على أحد أهم المبادئ الدستورية التي ثار الشعب لأجلها في عام 2011 بشأن التداول السلمي للسلطة، حتى لا يتكرر سيناريو حسني مبارك وحكمه الذي امتد ثلاثين عامًا".

وتضم التعديلات التي يناقشها البرلمان، 12 مادة معدلة، بالإضافة إلى 8 مواد جديدة.

وتم تعديل المادة 140 فقرة أولى، لتكون مدة الرئاسة ست سنوات بدلًا من أربع، وجاء نصها: "ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين".

واستحدثت التعديلات مادة انتقالية مخصصة للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، تمنحه الحق في الترشح للرئاسة بعد انتهاء ولايته الرئاسية في 2022، لمدة ولايتين رئاسيتين أخريين مدة كل واحدة 6 سنوات، أي سيظل في الحكم حتى العام 2034، وجاء نصها كالتالي:

مادة انتقالية: "يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية إعادة ترشحه على النحو الوارد بالمادة 140 المعدلة من الدستور".

وتنص المادة 160 فقرة أولى، بتعيين نائب لرئيس الجمهورية، وجاء نصها كالتالي: "إذا قام مانع موقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته، حل محله نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر حلوله محله".