القدس: يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إنقاذ العلاقات مع دول مجموعة فيشيغراد اثر نزاع يتعلق بدور بولندا في المحرقة تطور الى الغاء مشاركتها في قمة كانت مقررة في اسرائيل وسط تساؤلات حول سياسة الدولة العبرية إزاء الاتحاد الاوروبي.

وبعد الغاء القمة، التقى نتانياهو الثلاثاء في القدس رؤساء وزراء سلوفاكيا والجمهورية التشيكية والمجر كل على حدة قبل مأدبة غداء مشتركة.

وقال لرئيس الوزراء السلوفاكي بيتر بيليغريني الذي يرأس حاليا المجموعة "هناك أمور كثيرة جدا تربط بيننا ويجب أن أقول لكم إننا نتعاون في مجالات الأمن والدفاع والاستخبارات".&

إلى جانب نظرائه السلوفاكي والمجري فيكتور اوربان والتشيكي اندريه بابيش، شدد نتانياهو على العلاقات المميزة والمصالح المشتركة في مواجهة التهديدات الإستراتيجية وإيران والهجرة.

ورغم وضع القدس المتنازع عليه، أبلغ رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان نتانياهو قرار حكومته إنشاء ممثلية تجارية في المدينة تتمتع بوضع دبلوماسي. كما ان سلوفاكيا ستفتح مركزا ثقافيا.

من جانبها، افتتحت تشيكيا مكتبا تمثيليا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من دون صفة دبلوماسية لكن رئيسها ميلوش زيمان يعتبر ذلك خطوة اضافية لنقل السفارة التشيكية الى القدس.

وأعرب أوربان عن أمله في أن تعقد قمة فيشيغراد في القدس مستقبلا،وفقا لترجمة تصريحاته من خلال مكتب نتانياهو.

وأعلنت وارسو الثلاثاء أنها تنتظر اعتذارات من الحكومة الإسرائيلية بعد اتهامها بمعاداة السامية ما دفعها إلى الانسحاب من القمة التي كانت ستعقد في القدس.

وقد يؤدي النزاع إلى تقويض محاولات نتانياهو إقامة علاقات أعمق مع الدول الأربع في المجموعة كجزء من استراتيجيته لبناء تحالفات مع الدول التي تقدم دعمًا قويًا لإسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي.

وكثيرا ما ينتقد نتانياهو ما يسميه "الموقف المنافق والمعادي" للاتحاد الأوروبي في إشارة الى انتقاده سياسة اسرائيل حيال الفلسطينيين.

وكانت قمة مجموعة فيشيغراد التي تضم المجر وبولندا وسلوفاكيا وتشيكيا في القدس ستشكل انجازا لجهود رئيس الوزراء الاسرائيلي.

لكن المسألة الحساسة للغاية عن دور البولنديين في المحرقة، أثارت مجددا التوتر بين بولندا وإسرائيل بعد مشكلة الأسبوع الماضي حول تصريحات أدلى بها نتانياهو بهذا الصدد.

وأوضح مكتب رئيس الوزراء أن "نتانياهو تحدث عن بولنديين وليس الشعب البولندي أو دولة بولندا"، ومع ذلك قررت وارسو تخفيض مستوى تمثيلها في القمة الى وزير الخارجية.

لكن تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد إسرائيل كاتس الاحد اثارت غضب وارسو وصبت الزيت على النار بعد أن قال إن "العديد من البولنديين تعاونوا مع النازيين".

واقتبس كاتس قولا لرئيس الوزراء الاسبق اسحق شامير جاء فيه ان البولنديين "رضعوا معاداة السامية مع حليب أمهاتهم".

وبعدها، سارع رئيس وزراء بولندا ماتوش مورافيتسكي الى إلغاء مشاركة بلاده في قمة القدس، واصفاً تعليقات كاتس بأنها "عنصرية".

وتعترف بولندا بمثل هذه الجرائم، لكنها تصر على عدم وجود أي شكل من التعاون المنتظم مع النازيين.&وتأجلت القمة إلى النصف الثاني من العام بناء على طلب بولندا ،بحسب سلوفاكيا.

عدم تقدير الثمن

هذا التوتر الجديد في العلاقات بين بولندا وإسرائيل يلي أزمة كبيرة العام الماضي بسبب قانون بولندي مثير للجدل تعتبره إسرائيل والولايات المتحدة محاولة ضمنية لمنع الناجين من المحرقة من مناقشة جرائم البولنديين ضدهم.

أدى ذلك الى قيام بولندا بتعديل هذا القانون الذي يهدف، في نظرها، الى الدفاع عن صورة البلاد والبولنديين ابان الحرب العالمية الثانية. وأعلن البلدان اعادة العلاقات الى طبيعتها.

وتسببت علاقات نتانياهو مع رئيس الوزراء المجري الذي زار اسرائيل في تموز/يوليو الماضي بانتقادات داخل اسرائيل بعد اتهامه باثارة المشاعر المناهضة لليهود في بلاده.

واثار اوربان انتقادات عندما شن حملة قوية على الملياردير اليهودي الاميركي من اصل مجري جورج سوروس المولود في بودابست ومؤسس منظمة "اوبن سوسايتي" التي تمول العديد من المنظمات غير الحكومية في المجر والعالم.

ودافع نتانياهو عن اوربان مخاطبا اياه "لقد دافعتم عن اسرائيل مرارا في المنتديات العالمية (...) ونحن نقدر ذلك بشدة وهذا امر مهم".

وكان نتانياهو ذكر خلال لقاء مع قادة دول فيشيغراد في اجتماع مغلق في بودابست العام 2017 بمطالب الاتحاد الأوروبي بما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. وقال امام مذياع كان مفتوحا وسمعه الصحافيون "هذا جنون مطبق ويتعارض مع مصالح اوروبا".

وقال جوناثان راينولد من جامعة بار ايلان في اسرائيل ان استراتيجية نتانياهو "تقتضي العمل مع دول وسط وشرق اوروبا، مجموعة فيشيغراد، للتخفيف من الضغوط التي تمارسها دول اخرى من الاتحاد الاوروبي".

وأضاف رينولد "أعتقد أنه يبالغ بما يحصل عليه منها، كما انه يسيء تقدير الثمن لان الشتات اليهودي" لا يثق ببعض هذه الدول.