يعرف الجميع مخاطر تناول الملح الزائد على ضغط الدم والقلب والكلى والأنسجة الحية، لكن دراسة ألمانية جديدة ترجح أن يعزز الملح مخاطر الإصابة بأمراض الحساسية.&

إيلاف من برلين: تعتبر وزارة الصحة الألمانية الدهون والسكر والملح من "مخدرات" العصر الحديث المبتلي بالبدانة وأمراض القلب والسكري. وبعد مقترحات فرض ضريبتي الدهن والسكر على الصناعة الغذائية، تفكر وزيرة البيئة الألمانية جوليا كلوكنر الآن بفرض ضريبة الملح أيضاً.

بل توصلت الوزيرة إلى اتفاقات مع اتحاد صناعة الأغذية على ضرورة خفض محتويات الأغذية والمشروبات من السكر بنسبة 15%، وبخفضها في أغذية الأطفال بنسبة 20% حتى العام 2025. وفي مجال وجبات "البيتزا" المجمدة، وهي الغذاء الجاهز المفضل للألمان، تم الاتفاق على خفض الملح فيها إلى 1,25 غم لكل 100غم في نفس الفترة الزمنية.

وبعد العلاقة المعروفة لملح الطعام، كلوريد الصوديوم، بارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والدورة الدموية، وأمراض الكلى، تحدث العلماء الألمان من جامع ميونيخ التقنية عن علاقة ظاهرة لزيادة استهلاك الملح بارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض الحساسية المختلفة.

وكتبت الباحثة يوليا ماتياس في مجلة "ترانسليشونال ميديسن" أن فريق عملها توصل في التجارب المختبرية إلى أن ملح الطعام ينشط خلايا مناعية في جسم الإنسان تلعب دوراً رئيسياً في نشوء أمراض الحساسية.

ورجحت ماتياس، على أساس هذا الكشف، ان يجري تفسير زيادة انتشار أمراض الحساسية على المستوى العالمي في العقود الأخيرة. إذ انه من الواضح، من مختلف الدراسات العالمية، ان استهلاك الملح يتزايد من قبل السكان على المستوى العالمي. ولايمكن فصل هذه الظاهرة عن زيادة استهلاك وجبات الغذاء الجاهزة والمجمدة التي تحتوي عادة على كميات كبيرة من الملح التي تساعد على حفظها من التلف.

يحفز خلايا TH17 المناعية ضد الجسم

ومعروف ان الملح، حاله حال الكوليسترول، يعتبر من المواد المحيرة في الطب. فهو ضروري جداً لعمل الأنسجة وتبادل الماء والغذاء، لكنه ضار من جهة عند زيادته، كما أنه ضار أيضاً عند نقصانه، من جهة أخرى.

وتوصل فريق العمل، بقيادة يوليا ماتيس، إلى ان الملح يحفز نشاطا يحفز خلايا TH17 المناعية التي قد تطلق الأمراض المناعية الذاتية الممتدة بين الحساسيات والتعدد المتصلب. ويلعب كلويد الصوديوم هنا دوراً مهماً في تنشيط هذه الخلايا المناعية ضد خلايا الجسم نفسه.

أجرى فريق العمل تجاربهم المختبرية على أنسجة حية تبرع بها بعض الأفراد الأصحاء. وتوصلوا يضاً إلى أن الملح حفز عمل خلاياTH المناعية التي يربط العلم نشاطها الزائد بنشوء الحساسيات. وبوجود كلوريد الصوديوم تحولت خلايا TH غير المتمايزة إلى خلايا TH17.

بل إن نشاط الخلايا الأخيرة تصاعد أكثر عندما أضاف الأطباء المزيد من ملح الطعام إليها. وأثر ذلك زاد فرز المواد المناعية الذاتية مثل انترلويكن-4 وانترلويكن-13.

وكتبت كريستينا زيلينسكي، التي شاركت في البحث، ان الاشارات الصادرة عن أيونات الملح لعبت دوراً في فرز وتنشيط خلايا TH17". وفسر فريق العمل دور الملح في تنشيط هذا النوع من الخلايا المناعية على أساس تأثيره على عاملي النسخ NFAT5وانزيم SGK-1.

ملح أكثر في البشرة

للتأكد من نائج البحث حول دور الملح في تنشيط الخلايا المناعية TH17 فحص العلماء عينات من أنسجة بشرة مرضى يعانون من التهاب البشرة الحساسي (الاكزيما). وكانت النتيجة انهم عثروا في هذه النماذج على تركيز عالٍ لملح كلوريد الصوديوم يزيد 30 مرة عن تركيزه في أنسجة بشرة غير المصابين بالاكزيما.

ويقول العلماء الألمان انهم لايعرفون كيف ارتفع تركيز الملح في منطقة الأكزيما، لكنهم اعتبروا ذلك تأكيداً لنتائج الدراسة عن علاقة الملح بالخلايا المناعية. وذكرت يوليا ماتيس ان البشر منذ قرون يوصون بتقليل الملح بهدف تقليل آلام الأطفال المعانين من الاكزيما، لكن لا وجود لدراسات علمية تثبت هذه العلاقة.

ورجح الباحثون إمكانية تفسير سبب انتشار أمراض الحساسية في العقود الخمسة الأخيرة على أساس ارتفاع استهلاك الملح على المستوى العالمي.

الطعام الجاهز هو مصدر الملح لا الملاحة

تعليقاً على الدراسة حذرت الباحثة زابينه ايللينغر، من جامعة مونشنغلادباخ، من ان البشر يتلقون75-90% من الملح من خلال الأغذية المجمدة والجاهزة(خارج البيت)، في حين أنهم لايتلقون سوى10% من الملح من الملاحة وأثناء الطبخ (داخل البيت).

وأضافت البروفيسور، المتخصصة بالتغذية، ان البشر يتلقون الكثير من الملح من الخبز والأجبان والأغذية الجاهزة. وأشارت إلى ان صناعة الأغذية تعمد إلى رفع نسبة الملح في الأغذية بمثابة مادة ضد التلف السريع.

وتكشف احصائيات معهد التغذية الألماني ان الفرد الألماني الذكر يتلقى 10 غرامات من الملح يومياً، وأن الانثى الألمانية تتلقى8,4 غرامات يومياً، في حين ان المعدل الصحي لتناول الملح لا يزيد عن6 غرامات يومياً.

وتشير الإحصائية إلى ان ضغط الدم يرتفع عند نسبة30-50%من المعانين من ضغط الدم عند تناول الملح، وانهم يصنفون من قبل الطب كـ"حساسين للملح". ولايرتفع ضغط الدم عند غير المعانين من ارتفاع الضغط إلا بنسبة 10-20% منهم بتأثير تناول الملح.