توقعت أغلبية قراء "إيلاف" إعدام "المجاهدين" الأوروبيين العائدين إلى بلدانهم، إلا أن التوجه الأوروبي هو دراسة كل حالة على حدى، وتصميم البرامج الكفيلة بإعادة دمجهم بعد محاكمتهم.، على الرغم من أن ثمة تباين بين الدول الأوروبية حيال هذا الموضوع.

إيلاف من بيروت: فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب دول الاتحاد الأوروبي حين طالبهم بتسلم نحو 800 من مقاتلي داعش الذين تحتجزهم القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شرق الفرات، وحين قال إن الدول الأوروبية مسؤولة عن استعادة هؤلاء &وعائلاتهم، مهدداً بإخلاء سبيلهم إن لم تبادر إلى استعادتهم. وهكذا، أشعل ترمب جدلًا أوروبيًا محتدمًا، خصوصًا أن الدول الأوروبية تميل جديًا إلى رفض طلب ترمب بحجج مختلفة. لكن، إذا أعيدوا، "أي مصير تعتقد يمكن التعامل معه بشأن مقاتلي داعش العائدين الى بلدانهم؟".

هذا كان سؤال "إيلاف" في الاستفتاء الأسبوعي، الذي شارك فيه 867 قارئًا، أتت إجاباتهم على الشكل الآتي: اختار 232 قارئًا منهم خيار "سجن مؤبد"، بنسبة 27 في المئة؛ واختار 462 قارئًا منهم خيار "إعدام"، بنسبة 53 في المئة؛ واختار 173 قارئًا منهم خيار "إصلاح"، بنسبة 20 في المئة.

التحقيق الجنائي وتقييم المخاطر

تختلف الاستجابة بين دول الاتحاد الأوروبي لهذه الأزمة، لكن القاسم المشترك هو التعامل سيكون بحسب التحقيق الجنائي وتقييم المخاطر، إلى جانب توفير برامج إعادة تأهيل وإعادة اندماج سواء داخل السجون أو خارجها. ومن بين الإجراءات المتبعة فرض قيود على الحركة، وسحب جواز السفر أو رفض إصداره، بحسب تقرير نشرته "بي بي سي".

ذكر التقرير أن دول الاتحاد الأوروبي الست تتبنى سياسة "كل حالة لها خصوصيتها"، بالنسبة إلى الأطفال العائدين، وأغلبهم ولد في العراق وسوريا بعد عام 2012.

أغلب العائدين إلى بريطانيا يواجهون تحقيقًا أمنيًا مباشرًا لمعرفة ما مروا به وتحديد حجم الخطر الذي يمثلونه وإمكانية إعادة الاستقرار الآمن لهم. وفي حال عدم ارتكابهم أي جريمة يتم وضعهم في برامج مكافحة التشدد التي تتضمن مراقبة مكثفة ودعم من متخصصين نفسيين.

وقالت وزارة الداخلية البريطانية إن نحو 400 عادوا، وأغلبهم أقدم على ذلك في مراحل مبكرة من الصراع، وتم التحقيق معهم لدى عودتهم، وجاء التقييم في صالح عدد كبير منهم بأنهم لم يعودوا يمثلون تهديدًا للأمن القومي.

وقال وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد إن عددًا من الإجراءات متاح لـ "وقف أولئك الذين يمثلون تهديدًا من العودة لبريطانيا ومن بينها سحب الجنسية البريطانية".

توجهات أوروبية مختلفة

أما فرنسا، عكس باقي دول الاتحاد الأوروبي، فتسمح بعودة حاملي جنسيتها لمحاكمتهم على جرائمهم في المنطقة، شرط توفير محاكمة عادلة لهم، بحسب تقرير البرلمان الأوروبي. وأبدت الحكومة الفرنسية أخيرًا استعدادها لنقل المزيد من مقاتلي التنظيم من العراق وسورية.

العائد إلى ألمانيا يواجه تحقيقًا جنائيًا، وكان المدعون يميلون إلى الحصول على مزيد من الأدلة قبل بدء التحقيق عندما يتعلق الأمر بالنساء. لكن تغير الأمر منذ ديسمبر 2017، عندما أعلن أن الرجال والنساء المشتبه في انضمامهم لتنظيم الدولة في الخارج لن يواجهوا معاملة مختلفة.

ويتعرض العائدون إلى بلجيكا للاعتقال والتحقيق وأولئك المشتبه في تورطهم في عمليات تجنيد وغسيل مخ يتم إرسالهم إلى وحدات متخصصة حيث يفصلون عن باقي المساجين.
وفي الدانمارك، أخيرًا، يضم برنامج التعامل مع العائدين توفير مرشد وإمكانية الحصول على وظائف وتعليم وسكن واستشارة نفسية ورعاية صحية، وذلك بحسب خبراء في المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في لاهاي.

غوانتانامو أوروبي

وهكذا، على الرغم من توقع أغلبية قراء "إيلاف" أن يواجه هؤلاء العائدون حكم الإعدام، يبدو أن الخيار الأوروبي يميل إلى الإصلاح، ولو من طريق السحن مددًا طويلة. من هنا، يكتب فارس بن حزام في "الحياة" اللندنية أن "أخطر ما تبحثه دول أوروبية هذه الأيام أن تقيم معسكراً خارج دولها، لتسجن وتحاكم العائدين من بؤر الإرهاب. دوائر القرار تدرس جدياً فكرة إيجاد غوانتنامو أوروبي لا يخضع لقوانينها، وهذه درجة متدنية جداً من الانحدار الأخلاقي، وإذا طبقت فستكون صدمة إنسانية تخالف كل شعارات حقوق الإنسان، وخاصة أنها دول تلاحق منطقتنا بهذه المفاهيم، وغير ذلك أن واشنطن استوعبت ضرر تجربة غوانتنامو وتسعى منذ سنوات إلى إغلاقه تماماً".

بحسب بن حزام، الورطة الأوروبية متباينة من دولة لأخرى، فلكل دولة من كبارهم رأي للتعامل مع سجنائهم في سورية، ومنها فرنسا، إذ تتمنى أن يبقوا هناك أو ينقلوا إلى العراق، بما أن البلدين أرض التنظيم، فيحاكموا ويعدموا، ويطوى الملف بلا مضاعفات داخلية.&

تقول أحلام أكرم في مقالة نشرتها "إيلاف" بعنوان "ماذا فعلت عرائس الجهاد لأوروبا والعالم؟" إن "القاعدة نجحت في فتح صراع الحضارات بين الشرق والغرب، لكن داعش نجحت في فتح صراع دولي أكبر وأعمق، وأجبر الغرب على الخوف على الديمقراطيات، والتساؤل حول مدى الحقوق &المستندة إلى قيم الحضاره الغربية، وهل من الممكن إحداث توازن &بين الحريات الممنوحة وقيود وإعادة صياغة &لكل القوانين ستعمل عليها الدول؟"