إيلاف من برلين: تم في زيورخ السويسرية يوم 27 فبراير الماضي افتتاح مشروع مبنى"دفاب هاوس" الذي شارك في بنائه ثمانية أساتذة جامعيين من جامعة زيورخ، يتخصصون في العمارة والأنظمة الروبوتية. تساهم في المشروع شركتان للبناء هما "إيمبا" و"إيفاغ" السويسريتان.&

بيت ذكي فريد

ذكرت مصادر جامعة زيورخ أن "دفاب هاوس" هو أول مبنى في العالم تبنيه الروبوتات، وتنتج أجزاؤه بالكامل بواسطة جهاز الاستنساخ الثلاثي الأبعاد المجسم.

وضع خطة البناء الرقمية الأساتذة في أقسام جمعة زيورخ الذين سبق لهم أن صمموا الروبوتات التي تحيك بنى حديدية شبكية للجدران والسقوف الزوايا ثم تملؤها بالإسمنت. وتولى التصميم الداخلي والديكور الفنان السويسري هـ. ر. &غايغر، لكن الكومبيوترات والروبوتات هي التي صنعت قطع الأثاث والديكور في مختبرات جامع زيورخ.

&

بيت ذكي وصديق للبيئة

&

في البيت الذكي، يكفي نداء من الساكن بصوته كي تنفتح الأبواب أو تنسدل الستائر أو تسخّن الغلاية الماء وتحضر الشاي. يدور السرير على فصل بأربعة اتجاهات، وكافة المقاعد والمناضد قابلة للرفع أو الخفض كما في أفلام الخيال العلمي.

يتألف البيت الذكي الفريد من ثلاثة طوابق تم بناؤها على شرفة مبنى شركة "نيست" المتخصصة في البناء الرقمي في زيورخ، والتي شاركت في المشروع. يعتبر كل طابق "وحدة" متكاملة تختلف في البناء والتصميم عن الوحدات الأخرى. يقول المهندسون إنهم لم يصنعوا البيت أفضل وأريح للسكن فحسب، وإنما أطول عمرًا و أكثر ما يكون بيئية.

أفآق واسعة&

ذكر البروفيسور ماتياس كولر، المهندس المعماري المتخصص في البناء الرقمي، انه تم الاقتصاد كثيرًا في الإسمنت المستخدم في البناء، كما تم استخدام الخشب الصناعي الذي انتجته أجهزة الطباعة المجسمة، حيثما أمكن.

أضاف كولر أن آفاق البناء الرقمي هائلة، والتطور التقني كاف، لكن العالم ما يزال متأخرًا في استخدام الأتمتة والروبوتات في البناء. وتم الاتفاق الآن مع عدة شركات سويسرية للبناء على اعتماد تقنيات بناء بيت "دفاب هاوس" من الآن فصاعدًا في بناء العديد من المجمعات السكنية.

سينتقل الناس خلال شهرين للعيش في بيت "دفاب هاوس"، وهم ضيوف تقنيون من شركات البناء سيجربون العيش في البيت الذكي. وتولت شركة "الكهرباء الرقمية" السويسرية تزويد البيت بالطاقة البديلة وبنظام ذكي يربط بين كافة الأجهزة الكهربائية المستخدمة في البيوت.

&

الذكاء الاصطناعي صمم ونفذ البيت من الداخل والخارج

&

زود المهندسون سقف المبنى بالألواح الضوئية التي تنتج الكهرباء بكميات تفوق حاجة سكان البيت، وبغض النظر عن حالة الطقس. ويتولى نظام تحكم ذكي تنسيق الاستهلاك ويضمن عدم حدوث أية أزمات في الطاقة.

تحدث كولر عن طريقتين للاقتصاد في الطاقة في "دفاب هاوس": الأولى هي استغلال حرارة الماء في المجاري لتسخين الماء في الحمام عند الاستحمام، والثانية هي عودة الماء الحار إلى السخّان في الحال عند عدم استخدامه، وعدم تركه في أنابيب المياه كي يبرد.

هذا ليس اقتصادًا في الطاقة فحسب، لأن عدم ترك المجال أمام المياه، سواء في المجاري أو في أنابيب مياه الشرب، للركود يقلل من مخاطر نمو وتكاثر البكتيريا والطفيليات في الماء أيضًا.

على القمر أو المريخ

يريد أساتذة البناء في جامعة زيورخ من "دفاب هاوس" معرفة مدى كفاءة وثبات الأبنية التي تبنيها الروبوتات من دون تدخل البشر. ويتصور العلماء على هذا الأساس إمكانية أن تقوم الروبوتات ببناء بيوت على الجبال أو في الصحراء، وربما على القمر أو المريخ، من دون تدخل الإنسان.

هذا يعني إرسال مركبات فضائية إلى القمر تنقل روبوتات البناء كي تقوم ببناء المحطات السكنية هناك بانتظار وصول رواد الفضاء إليها.

أضاف البروفيسور كولر، رئيس المشروع، أن عملية البناء استخدمت أربع تقنيات للبناء في أن واحد، ولذلك فهي تمتلك المستقبل. وسيكون مشروعه القادم هو بناء فنار كامل للإضاءة باستخدام التقنيات الرقمية الأربع.&

يؤكد استاذ المعمارية أن سر سرعة البناء يكمن في التعاون بين الأقسام المختلفة في الجامعة مع شركات البناء، وفي النجاح سلفًا في تجربة بناء مختبر صغير داخل الجامعة استخدمت فيه أنظمة البناء الرقمي الأربعة.

أربع تقنيات

استخدم السويسريون أربعة أنظمة بناء رقمية في المشروع، بينها نظام "ميش مولد" الذي نال جائزة الدولة السويسرية للابتكار في عام 2016. وهو نظام يستخدم روبوتًا ارتفاعه متران ويحمل اسم "إن سيتو فابريكاتور"، يستطيع بناء الجدران المستقيمة والمقوسة من الإسمنت من دون تدخل الإنسان. وينتج الروبوت شبكات الحديد بشكل جدران ثم يصب الإسمنت في داخلها.&

معروف أن روبوت "ميش مولد" يفصّل قضبان الحديد بحسب الشكل المطلوب مثل خياط ماهر، وهذا يقتصد في الوقت والمال بالنسبة إلى شركات البناء. وهو يختصر عمليتي صب الإسمنت والتسليح في عملية واحدة، ولا يتطلب الأمر بعد الانتهاء من صب الإسمنت على قضبان الحديد غير تعديلات "تجميلية" على المظهر الخارجي للقطعة الإسمنتية المصبوبة.

&

تشبيك الحديد وصب الإسمنت في عملية واحدة

&

بعد أن أنجز "إن سيتو فابريكاتور" الدور الأول من العمارة، تولى روبوت أخر اسمه "سمارت سلاب" بناء السقوق من ألواح الإسمنت الخفيف، لكن الصلب جدًا في آن. وجرى انتاج ألواح السقوف سلفًا من قبل روبوت آخر يستخدم تقنية الاستنساخ الثلاثية الابعاد.

استخدمت تقنية رقمية أخرى ثالثة في بناء واجهة الطابق الأول تحمل اسم "سمارت داينمك كاستنغ". وينفذها روبوت يغطي واجهات المبنى بالمواد العازلة ثم يصقلها ويزودها بالديكورات والأقواس...إلخ المصنعة من المواد البيئية الجديدة.

وترك العلماء للطابقين العلويين نظام "سباتيال تيمبر فابريكيشن"، وهو روبوت يبني الغرف من الخشب، وتم تصميمه في مختبرات جامعة زيورخ التقنية.
&