بغداد: أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير الأربعاء أن السلطات العراقية تحاكم الأطفال المشتبه في صلتهم بتنظيم الدولة الإسلامية، وفق آلية تشوبها "عيوب كثيرة"، مستخدمة اتهامات أو اعترافات حصلت عليها تحت التعذيب.

يستند التقرير الشامل الذي أعدته المنظمة الحقوقية إلى مقابلات مع 29 طفلًا عراقيًا، من المحتجزين الحاليين أو السابقين لدى الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، إضافة إلى أقارب وحراس سجون ومصادر قضائية.

كان العراق أعلن في ديسمبر 2017 دحر تنظيم الدولة الإسلامية، لكنه لا يزال يجري محاكمات لمتهمين بالانتماء إلى التنظيم المتطرف، من رجال ونساء وأطفال، بينهم أجانب، وفق المنظمة.

وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن "التدقيق في الأطفال والتحقيق معهم ومحاكمتهم كمشتبه فيهم من قبل السلطات العراقية وحكومة إقليم كردستان، هو أمر تشوبه عيوب كثيرة، وغالبًا ما يؤدي إلى احتجاز تعسفي ومحاكمات جائرة".

لفتت إلى أن العديد من الأطفال اعتقلوا في المخيمات أو عند حواجز تفتيش استنادًا إلى أدلة ضعيفة، وأنهم تعرّضوا للضرب والصعق بالكهرباء، ومنعوا من التواصل مع أقربائهم أو توكيل محام، وأجبروا على الاعتراف بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية حتى وإن لم يكونوا كذلك.

ونقلت المنظمة عن طفل يبلغ من العمر 14 عامًا اعتقلته قوات الأمن الكردية (الأسايش)، قوله "كانوا يضربونني في كل أنحاء جسدي باستخدام أنابيب بلاستيكية. أولًا قالوا لي إنه يجب أن أقول إنني كنت مع داعش، فوافقت".

ورغم أن تنظيم الدولة الإسلامية كان يجنّد الأطفال على نطاق واسع، ويخضعهم لعملية غسل أدمغة، ويجبر بعضهم على تنفيذ عمليات إعدام، قال معظم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم لم يقاتلوا أبدًا في صفوف التنظيم. حوكم هؤلاء من دون محامين، في جلسات استماع لم تتخط عشر دقائق، أجريت باللغة الكردية التي لا يفهمها الفتيان الذين يتكلمون العربية. وكانت الأحكام في إقليم كردستان تراوح بين ستة وتسعة أشهر.

لكن المحاكم الفدرالية في بغداد أصدرت أحكامًا تصل إلى السجن 15 عامًا، وتضع الأطفال في سجون مع البالغين، ما يشكل انتهاكًا للمعايير الدولية، وفق المنظمة الحقوقية. قال أحد الشبان (17 عامًا) الذي قضى تسعة أشهر في سجن فدرالي، إن "التعذيب كان يوميًا. لقد تعرّضنا للضرب كل يوم، جميعنا".

حتى بعد إطلاق سراحهم، لا يعود هؤلاء الفتية إلى منازلهم، خوفًا من اعتقالهم مجددًا أو من عمليات انتقام عشائرية. وقال فواز (16 عامًا) الذي اختار العيش في مخيم بدلًا من العودة إلى دياره بعد إطلاق سراحه، "لقد عانت عشائر أخرى في القرية من داعش، وهي ترى أسرتي داعشية". أضاف "بمجرد معرفتهم أنني في القرية، سيأتون ويأخذونني".

وقدرت منظمة هيومن رايتس ووتش، أنه في نهاية العام 2018، احتجزت السلطات العراقية وحكومة إقليم كردستان نحو 1500 طفل لشبهة الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وأدانت مئات الأطفال، بينهم 185 أجنبيًا على الأقل، بتهم متصلة بالإرهاب.

في هذا الإطار، قالت مديرة المناصرة في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش جو بيكر "يبدو أن معاملة العراق وحكومة إقليم كردستان القاسية للأطفال أشبه بالانتقام الأعمى، وليس بالعدالة، لجرائم داعش".

ودعت المنظمة الحكومتين إلى التوقف عن اعتقال الأطفال بتهمة الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية، والإفراج عن جميع القاصرين، ما لم يكونوا متهمين بجرائم عنف.

&