تونس: يرى المحلل في مجموعة الأزمات الدولية مايكل العياري أن الجزائر التي تشهد منذ 22 شباط/فبراير احتجاجات غير مسبوقة ضد ولاية خامسة للرئيس بوتفليقة، تواجه تحدي "ابتكار" مخرج سلمي للأزمة يمر أساسا عبر "احترام النظام الدستوري".&

- ماهو الدور الذي يلعبه الجيش وبعض مراكز النفوذ في الاحتجاجات؟
يقول بعض المحتجين إنهم يشعرون بوجود دعم ما للمتظاهرين. لكن ذلك لا ينفي الطابع العفوي للتظاهرات.

لم يتمّ الدفع في اتجاه هذه الاحتجاجات مباشرة، لكن هناك دعم لها من قيادات عسكرية أحيلت على التقاعد المبكر ومن عسكريين سابقين وعناصر رافضين لقرار حل إدارة الاستعلامات والأمن عام 2015.

هناك تسلسل هرمي يعمل على الإبقاء على الوضع الراهن، لا الجيش كمؤسسة، ولكن أشخاص داخل الجهاز الأمني يمكن ان يكون لهم تأثير.

هناك كذلك رجال أعمال لهم مكانة دولية يواجهون عوائق من الدوائر العليا في السلطة تحول دون تطوير أنشطتهم الاقتصادية، بالإضافة الى موظفين كبار ونقابيين مستقلين ومنظمات شبابية ومناضلين من أجل حقوق الإنسان.

ليست الاحتجاجات معادية للأمن او للجيش كما كان عليه الحال في الثورة التونسية (2010-2011) التي انطلق منها "الربيع العربي".

يمكن للجيش أن يقود مسارا انتقاليا محتملا كحل من الحلول. وفي إمكان الجنرال المتقاعد علي غديري أن يكون شخصية توافقية تجسد "القطيعة من ضمن الاستمرارية".

- هل خطر الانزلاق نحو العنف وارد؟

يتوقف الطابع السلمي أو العنفي للتظاهرات على طريقة تعامل قوات الأمن. إذا ردّت بطريقة مهنية كما حصل في الاحتجاجات الأخيرة حيث تدخلت فقط حين توجهت الحشود صوب المؤسسات الحكومية، فهناك أمل كبير ألا يلجأ المحتجون للعنف.

ويتواجه في القمة معسكران: من ناحية هناك من يدافع عن إبقاء الأمور على حالها ويدعم بوتفليقة وقيادات المؤسسات. وهناك المعسكر المقابل الذي يريد إعادة تنظيم المؤسسات في البلاد، ويرى أن الدولة تجزأت، وأصبحت قراراتها غير شفافة وعشوائية ولا يمكن تبين من يدير البلاد. & &

وهنا يكمن خطر حقيقي بظهور العنف إذا تواجه الداعمون والمناهضون للولاية الخامسة، أي بين الداعين "لإعادة هيكلة المؤسسة" والمدافعين عن بقاء الوضع الراهن على حاله.

ومن هذا المنطلق، فإن كل قطع مع الماضي يجب ان يكون تدريجيا وفي إطار احترام النظام الدستوري، وهي عملية لن تكون سهلة.

- إلام ستؤول الأمور؟

من الصعب التكهن بما ستؤول إليه الامور والسيناريوهات المحتملة. ما يحصل حاليا في الجزائر تجربة فريدة من نوعها.

على الجزائريين أن يبتكروا الحل لأنه لا يمكنهم الاستلهام من تجربة أخرى.

هناك إمكانية حصول انفتاح سياسي جزئي تستفيد منه الأحزاب السياسية على غرار الأحزاب ذات التوجه الإسلامي.

كما ان هناك احتمال ظهور دعوات لمجلس تأسيسي وانتقال يديره الجيش وتحديد حوار وطني.

توجد تطلعات للديمقراطية ومطالب بدولة القانون ولكنها قد تصطدم بنوع من الحذر من المضي فيها.

يدرك من يطالبون بالقطيعة جيدا أن كل فراغ سيكون كارثيا وينادون بمناقشة القطيعة والمحافظة على الاستقرار.

كل الاحتمالات واردة وتتوقف على ميزان القوى وقدرات التعبئة وطابعها السلمي أو العنيف.

توجد عوامل هيكلية تدفع نحو التحركات، وطالما لا يوجد حل متفاوض عليه، بتراجع بوتفليقة عن ترشحه أو بالوصول الى خلاصة عن عدم إمكانيته مواصلة الحكم، فإن الأمور يمكن أن تطول.