فيما وصل إلى بغداد اليوم الرئيس الإيراني روحاني في أول زيارة له من نوعها لها، حيث يحشد البلدان لإنجاحها، فقد أشار إلى أن لدى بلاده الكثير من الاحتياجات التي يمكن تأمينها من العراق.

إيلاف: لدى وصوله الى بغداد فقد استقبل وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم الرئيس الايراني حسن روحاني في مطار بغداد الدولي، حيث توجه فورا الى منطقة الكاظمية في ضواحي العاصمة الشمالية لزيارة مرقد الامامين الكاظميين، قبل استقباله الرسمي من قبل الرئيس العراقي برهم صالح في قصر السلام.&

قال روحاني للصحافيين في طهران لدى توجهه الى بغداد "إن الموقف الأخوي الإيراني تجاه العراق لن ينسى، وإن علاقتنا مع بغداد لا يمكن مقارنتها بعلاقات هذا البلد مع المحتلين كأميركا".. واشار الى ان إیران "لدیها الكثیر من الاحتیاجات یمكن أن تؤمنها من العراق، ولدینا خطط مهمة خلال هذه الزیارة، وبالنسبة إلينا فإن مسألة التنقل بين البلدين تحظى بأهمیة خاصة، ونحرص علي تطویر طرق المواصلات بین إیران والعراق"، في اشارة الى اهتمام بلاده بإنشاء خط للسكة الحديد مع العرا، كما نقلت عنه وسائل إعلام إيرانية الاثنين تابعتها "إيلاف".

وأوضح الرئیس روحاني أن "بناء منشآت صناعیة مشتركة یحظى باهتمام البلدين كما ان قضايا البیئة الغبار هی واحدة من القضایا التی یمكن اتخاذ تدابیر مشتركة بشأنها".. منوها بأن رجال الأعمال الايرانيين سيكونون موجودین في هذه الزیارة، "وسوف نعقد اجتماعاً اقتصادیاً وسنلتقي أیضًا زعماء العشائر والسیاسیین في العراق".

وعبّر روحاني عن أمله في أن تكون زيارته هذه الى العراق في مصلحة الشعب الإيراني وتطویر العلاقات بین البلدین حيث ستجري محادثات فعالة في جمیع مجالات الصحة والتجارة والاستثمار والنقل والسیاحة والأمن".

أضاف روحاني "ربما لا يفهم الغربيون أن أحد طموحات الشعب العراقي هو زيارة مشهد في ايران (تضم ضريح الامام الرضا) وأحد تطلعات الشعب الإيراني إلى السفر إلى كربلاء (لزيارة مرقد الامام الحسين) وهذا هو الحب الذي نراه اليوم".

واوضح الرئيس الايراني قائلًا "اليوم تبلغ قيمة علاقاتنا الاقتصادية مع العراق حوالي 12 مليار دولار، بينما يمكننا بسهولة زيادة هذا الرقم إلى 20 مليار دولار في السنوات المقبلة، خاصة ان إيران والعراق توفران العديد من احتياجاتهما من بعضهما البعض".

اضاف انه في مسألة العبور الى البلدين "نهتم بربط السكك الحديدية الوطنية الإيرانية بالعراق، كما إننا حريصون على البدء في العمل على أساس اتفاقية الجزائر لعام 1975 بين البلدين في أقرب وقت ممكن، لأن اليوم فقط السفن الصغيرة والمتوسطة الحجم يمكن ان تمر هناك، ولكن إذا تم تنفيذ التوسعة من النهر، فسيكون من الممكن مرور السفن التي تزيد على 20 الف طن" في اشارة الى الملاحة في شط العرب الذي يشكل حدودا مائية بين العراق وايران.

وعن السياسات الاميركية في المنطقة ثال روحاني إن "الأميركيين يسعون دائمًا إلى إقناع إيران بحماية مصالحهم والحفاظ على نظام مغتصب صهيوني وخلق اختلافات بين دول المنطقة بينها العراق".

زيارة رسمية لثلاثة أيام
وقال مكتب الرئيس الايراني ان زيارة حسن روحاني الى العراق ستستمر ثلاثة ايام تلبية لدعوة رسمية من رئيسي الجمهورية برهم صالح والحكومة عادل عبد المهدي اللذين سيجري معهما محادثات مهمة حول العلاقات الثنائية والتعاون الاقليمي بينهما.

واشار الى ان روحاني سيلتقي ايضًا رئيس واعضاء مجلس النواب، وسيشارك في الملتقى التجاري بمشاركة القطاعات الحكومية والخاصة الايرانية والعراقية، ويلتقي مع سائر كبار المسؤولين العراقيين وعدد من النخب السياسية والاجتماعية، فضلا عن اللقاء مع المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني إضافة إلى زيارة العتبات المقدسة في النجف وكربلاء.

من جهته توقع زير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الموجود في بغداد منذ السبت، واجرى مباحثات مع نظيره العراقي محمد علي الحكيم الإعلان عمّا وصفها بـ"أخبار سارة" بشأن تيسير الاجراءات ذات الصلة بتأشيرات الدخول بين البلدين .. واشار في تصريح له الى انه خلال المفاوضات التي جرت امس بين وفدي البلدين تم التوصل الى تفاهمات تتعلق بتاشيرات الدخول بالتزامن مع زيارة الرئيس روحاني الى العراق.

واوضح ظريف قائلا "لقد اقترحنا على العراقيين ان يتم بشكل متبادل الغاء التأشيرات بين البلدين او اصدارها مجانا او كحد ادنى خفض قيمتها".. مضيفا ان "المفاوضات مستمرة، ونتطلع الى الاعلان عن اخبار سارة اليوم في هذا الخصوص".

من شأن الغاء تاشيرة دخول الايرانيين الى العراق حرمانه من مبلغ يصل الى حوالى 50 مليون دولار سنويا، حيث يدفع الايراني مبلغ 40 دولارا مقابل الحصول على التأشيرة، فيدخل إلى العراق سنويا اكثر من 12 مليون ايراني، وخاصة خلال زيارة اربعينية الإمام الحسين في كربلاء التي يشارك فيها وحدها اكثر من 6 ملايين ايراني.

مشاكل الحدود وحقول النفط المشتركة تنتظر روحاني ببغداد
وتشير مصادر عراقية الى ان مشاكل الحدود البرية والبحرية وحقول النفط المشتركة وتعويضات حرب البلدين والعقوبات الاميركية ستكون على رأس الاولويات التي سيبحثها روحاني مع القادة العراقيين. &

ويقول رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في تصريحات خلال الاسبوع الماضي اننا "عازمون حسم ملفات استراتيجية مع الرئيس الايراني، كما عبّر عن أمله خلال اجتماعه في بغداد أخيرا مع نائب وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي "في ان تؤدي اللقاءات والزيارات المتبادلة بين البليدين الى حل القضايا العالقة، وفي مقدمتها حفظ حقوق العراق في مياهه الاقليمية".. مؤكدا استعداد العراق لبناء منطقة مشتركة مع ايران على غرار المنطقة الصناعية العراقية الاردنية التي اتفق البلدان في الشهر الماضي على انشائها على حدودهما.

تأتي زيارة روحاني للعراق فيما تظل مشاكل استراتيجية بين البلدين من دون حل منذ عقود عديدة خاصة اتفاقية الجزائر الموقعة بين البلدين عام 1975 والتي يطالب العراق بتعديلها، خاصة وان الحدود بين البلدين البالغ طولها 1400 كيلومترا ظلت احدى القضايا التي تسببت في اثارة الكثير من النزاعات بين البلدين.

لكن الجانب الايراني قال عام 2007 ان التسوية الحدودية المتفق عليها بين ايران والعراق المعروفة باتفاقية الجزائر اتفاق رسمي ووثيقة دولية لا يمكن تغييرها. وكانت &اتفاقية الجزائر وقعت عام 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه ايران محمد رضا بهلوي وباشراف رئيس الجزائر آنذاك هواري بومدين.

كما تشكل الحقول النفطية المشتركة بين العراق وايران، والبالغ عددها 23 حقلا، احدى المشاكل المهمة بين البلدين مع اتهامات عراقية لإيران باستغلال بعضها من طرف واحد.

وقد تفجّرت أزمة هذه الحقول في أواخر عام 2009 حين عبرت قوة ايرانية الحدود العراقية وسيطرت على حقل الفكة النفطي عند المنطقة الحدودية المشتركة للبلدين في شرق مدينة العمارة في جنوب العراق ورفعت العلم الايراني عليه.

وفي منتصف العام الماضي اعلنت وزارة النفط الإيرانية أن عائداتها من الحقول النفطية المشتركة مع العراق في غرب نهر كارون بلغت 5 مليارات دولار سنويًا خلال العامين الماضيين، وأفادت بأن الإنتاج من هذه الحقول المشتركة بلغ 300 ألف برميل يومياً.

من القضايا الشائكة الاخرى بين البلدين قضية تعويضات الحرب العراقية الايرانية التي اقرّها مجلس الامن الدولي ضد العراق والبالغة 110 مليارات دولار، والتي تهدد طهران بغداد بمقاضاتها دوليا، كلما طالبت بحقوقها في الحدود البرية والبحرية وحقول النفط المشتركة.

وفي منتصف العام الماضي طالبت نائبة الرئيس الإيراني معصومة ابتكار العراق بدفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت ببلادها جراء حرب الخليج الأولى ردا على التزام بغداد بالعقوبات الأميركية الجديدة ضد طهران.

وأشارت ابتكار الى انه "ينبغي إضافة التعويضات البيئية لحرب العراق والحرب الكويتية والأضرار التي لحقت بالخليج، وتقدر قيمتها بمليارات الدولارات". وقالت إن بغداد مطالبة بدفع 1100 مليار دولار كتعويضات عن تلك الحرب، وذلك حسب المادة 6 من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598.. مشيرة إلى أن طهران لم تطالب سابقا بدفع هذه التعويضات لأنها أخذت بعين الاعتبار الظروف الصعبة في الدولة المجاورة - العراق.

وردا على المطالبات الايرنية تلك قال الخبير القانوني العراقي طارق حرب إن العراق غير ملزم بموجب القانون الدولي بدفع تعويضات مالية إلى إيران عن الحرب التي دارت بين البلدين في الفترة 1980- 1988.

وأضاف حرب في بيان أن "قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 الذي صدر عام 1988 أوقف الحرب بين البلدين ولم يتطرق إلى أية تفاصيل خاصة بالتعويضات المالية سواء للعراق أو لإيران". وأكد أن "أية مطالبة سواء كانت من العراق أو من إيران لدفع تعويضات مالية جراء الحرب لا يوجد أي أساس قانوني لها".

وترى مصادر عراقية ان على العراق ان يستغل الظروف الصعبة الحالية التي تمر بها ايران في ظل العقوبات والحصار الاقتصادي الاميركي القاسي المفروض عليها للضغط على جارته الشرقية لاستحصال حقوقه منها، وتشير الى ان ذلك يستدعي وجود مفاوض عراقي &شجاع يضع مصالح بلاده قبل مصالح ايران.. متساءلة بالقول: ولكن هل يوجد مثل هذا المفاوض حاليا؟.