إيلاف من تونس: لم يستفق التونسيون بعد من هول الصدمة التي أصابتهم اثر وفاة اثر وفاة 12 رضيعا في مركز توليد حكومي نتيجة تعفن جرثومي بحسب تحقيق أولي، لم يقنع الغاضبين.

وفي آخر مستجدات الحادثة التي اخذت منحى سياسيا، دعا رئيس البرلمان التونسي، رؤساء الكتل البرلمانية للاجتماع بشكل طارىء حول موضوع وفاة الرضع في مستشفى الرابطة الحكومي.

وكان الرئيس الباجي قائد السبسي، قد دعا الاثنين وزير الصحة المستقيل بسبب الحادثة، عبد الرؤوف الشريف، للحضور في اجتماع مجلس الأمن القومي، في مؤشر على خطورة الموضوع خاصة بعد ظهور دعوات للاحتجاج في الشوارع ضدّ تقاعس المسؤولين في القطاع الصحي.

وبالفعل، احتشد نحو مئتي شخص أمام المسرح البلدي في العاصمة التونسية، مساء الأحد، احتجاجاً على وفاة 11 رضيعاً في قسم الرضع وطب التوليد بمستشفى الرابطة.

ورفع المحتجون شعارات منددة بـ"الاستهتار بصحة المواطنين" و"وأد المستقبل"، محملين المسؤولية للحكومة والأحزاب السياسية الحاكمة التي توانت عن إصلاح قطاع الصحة.

والتف عشرات التونسيين حول نشطاء المجتمع المدني الذين حضروا الوقفة، رافعين صناديق كرتونية، في إشارة رمزية إلى تلك التي سلمت فيها إدارة المستشفى الأطفال.

وأغضبت صور الصناديق الكرتونية التي سلمت فيها ادارة المستشفى الرضع المتوفين لأولياءهم، التونسيين. وتحسّر كثيرون بألم على ما آلت اليه الأوضاع وتفشي ظاهرة الاستهتار بالأرواح والافلات من العقاب.

وطلب "مجلس الأمن القومي" من وزير الصحة تقديم تقرير مفصّل مع تحديد مسؤوليات كافة الأطراف المتداخلة في حادثة وفاة 11 رضيعا في قسم الرضع بمستشفى الرابطة خلال يومي 7 و8 مارس الجاري.

واوضحت وزيرة الصحة بالنيابة التي تم تعيينها بعد استقالة الوزير، سنية بالشيخ، أنه من بين العشرين رضيعا الذين يرقدون في قسم التوليد توفي يوما الخميس والجمعة 11 منهم، تراوح أعمارهم بين سبعة وثمانية أشهر بالاضافة الى رضيع آخر توفي الأحد صباحا.

وأكدت في مؤتمر صحافي الاثنين ان أسباب الوفيات ناجمة وفقا للمعاينات الاولية عن "تعفن جرثومي في المحيط الاستشفائي"، نافية فرضية استعمال دواء منتهي الصلاحية.

وبينت الوزيرة أنه قد تم أخذ عينات من الماء والهواء من فضاء قسم الرضع بمستشفى الرابطة ومن المخبر الذي أُعدّ داخله المستحضر الغذائي.

وأفادت الوزيرة بوجود شكوك حول المستحضر الغذائي الذي تم منحه للأطفال الرضع في مستشفى الرابطة بالعاصمة، مشيرة الى أن هذا المستحضر هو خليط بين الأدوية يتم إعداده في مخبر بالمستشفى.

وقالت إن" حوالي 20 رضيعا تناولوا هذا الخليط الذي تم اعداده يوم 4 مارس الجاري".

وذكرت أنه قد تم أخذ عينات من الأطفال الرضع لاجراء التحاليل الطبية في ثلاث مخابر طبية تحت اشراف لجنة تحقيق متكونة من مديرين ومسؤلين في مختلف الأقسام الطبية.

وكشفت الوزيرة في تشخيصها للمشاكل التي يواجهها قطاع الصحة في تونس أن "قطاع الصحة برمته في حالة طوارئ"، وتابعت "هناك اشكاليات في قطاع الصحة ككل... أبناء القطاع اطلقوا في العديد من المرات صيحات فزع".

وقالت بن الشيخ إن الوضع الحالي لقطاع الصحة سببه "تراكمات لسنوات" والكل يتحمل مسؤوليته في هذا الامر، مطالبة ب"الاصلاح لاعادة ثقة" التونسيين والذين يعملون في قطاع الصحة العام.

وقدم وزير الصحة السابق عبد الرؤوف الشريف استقالته السبت اثر الحادثة التي هزت الرأي العام التونسي، وسرعان ما قبلها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد الذي وعد "بمحاسبة كل تقصير إن ثبت".

وفتحت وزارة الصحة تحقيقا في أسباب الوفيات السبت لتحديد المسؤوليات، ويتم منذ ذلك تاريخ رفع عينات من القسم الذي يرقد فيه الرضع للتحليل في مخابر مختصة لتحديد السبب الاساسي لهذا التعفن.

وفي موازاة ذلك باشرت النيابة العامة في تونس تحقيقا قضائيا في الحادثة غير المسبوقة.

وفي تونس 166 مستشفى و2100 مركز صحي وفقا لاحصاءات رسمية.

وكشف تقرير نشر في 2016 شاركت في انجازه الجامعة العامة للصحة (نقابة) أن "خدمات الصحة العمومية تشهد تراجعا منذ العام 1990 ولا تلبي طلبات المواطنين".

إلى ذلك، دبّجت غالبية الصحف اليومية صفحاتها الأولى بموضوع وفاة الرضع بمستشفى الرابطة.

وكتبت صحيفة "لوتون" الناطقة بالفرنسية "هناك مشكلة في قطاع الصحة في تونس وهي مشكلة حقيقية (...) ماذا يمكن ان نستخلص من هذا؟".

وعنونت صحيفة "المغرب": "كارثة وطنية...عرفنا الضحية ولم نعرف الجاني" منددة "بفساد دمر كل شيء".

وانتقد رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية في البرلمان سهيل العلويني قطاع الصحة في تونس ووصفه ب"المهمل" في تصريح لاذاعة محلية خاصة.