إيلاف من لندن: فيما تخلى العراق عن مطالبته بتعديل اتفاقية عام 1975 لرسم حدود البلدين المائية اليوم فقد أعلن البلدان اتفاقهما على إنشاء منافذ حدودية جديدة وإقامة مدن صناعية مشتركة والتعاون.
&
ووصف بيان عراقي إيراني مشترك عن مباحثات الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال زيارته الحالية للعراق مع المسؤولين العراقيين، يتقدمهم رئيسا الجمهورية برهم صالح والحكومة عادل عبد المهدي، الزيارة بأنها "نقطة تحوّل في بناء شراكة استراتيجية وتطوير العلاقات بين البلدين في جميع المجالات على أساس التعاون العميق وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين.

العراق يلتزم باتفاقية الجزائر 1975

وبالنسبة لشط العرب الذي يشكل الحدود المائية العراقية مع إيران، فقد أشار البيان المشترك إلى أنّ البلدين أكدا "عزمهما الجاد على تنفيذ اتفاقية الحدود وحسن الجوار بين العراق وإيران المؤرخة في 13 يونيو 1975 والبروتوكولات والاتفاقات الملحقة بها، بحسن نية وبدقة، ولذا قرر الطرفان البدء بعمليات مشتركة لتنظيف وكري شط العرب بهدف اعادة قناة الملاحة الرئيسية (التالوك) وفق اتفاقية 1975 المذكورة والبروتوكول المعني بذلك في اسرع وقت.

وأشار إلى أنّه لذلك تبقى منصة العمية منصة عراقية كما كانت، دون ان يؤثر ذلك على مباحثات الطرفين في تحديد الحدود البحرية بين البلدين.

وكان العراق طالب في وقت سابق بتعديل اتفاقية الجزائر الموقعة بين البلدين عام 1975 خاصة وان الحدود بين البلدين ظلت احدى القضايا التي تسببت في اثارة الكثير من النزاعات بينهما.&

وكان الجانب الإيرانى قال عام 2007 إن التسوية الحدودية المتفق عليها بين إيران والعراق المعروفة باتفاقية الجزائر اتفاق رسمى ووثيقة دولية لا يمكن تغييرها.&

ووقعت اتفاقية الجزائر عام 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه إيران محمد رضا بهلوي وباشراف رئيس الجزائر آنذاك هواري بومدين.&

وكان قد تم عام 1937 عندما كان العراق تحت الاحتلال البريطاني توقيع اتفاقية تعتبر ان نقطة معينة في شط العرب غير خط القعر هي الحدود البحرية بين العراق وإيران، لكن الحكومات المتلاحقة في إيران رفضت هذا الترسيم الحدودي واعتبرته صنيعة امبريالية.&

وفي عام 1969 أبلغ العراق الحكومة الإيرانية أن شط العرب كاملا هو مياه عراقية ولم يعترف بفكرة خط القعر لكنه في عام 1975 ولاخماد الصراع المسلح للاكراد بقيادة مصطفى بارزاني الذي كان مدعوما من شاه إيران، قام العراق بتوقيع اتفاقية الجزائر مع إيران، وتم الاتفاق على اعتبار منتصف النهر في شط العرب هو خط الحدود بين إيران والعراق وتضمن الاتفاق كذلك وقف دعم الشاه للحركات الكردية المسلحة في شمال العراق.

لكنه بعد الثورة الإيرانية عام 1979 ووصول خميني إلى قيادة البلاد وتولي صدام حسين رئاسة العراق، حيث تمزيق الاتفاقية من قبل صدام وبدأت في عام 1980 الحرب العراقية الإيرانية واستمرت 8 سنوات.&

إيران تقدر للعراق عدم التزامه بالعقوبات ضدها

وأشار البيان الذي أعلنه المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة العراقية الثلاثاء وتابعته "إيلاف"، إلى أنّ "العراق ثمن موقف الجمهورية الاسلامية الإيرانية في مساعدته في محاربة الارهاب كونها أول المسارعين إلى تقديم الدعم اللوجستي والاستشاري، والوقوف معه في حربه ضد الارهاب".&

وقد أشاد الطرف الإيراني بقرار العراق "بأنه لن يكون جزءا من منظومة العقوبات على إيران، فيما عبّر الجانب الإيراني عن موقفه الثابت تجاه دعم العملية السياسية في العراق والتي تمثل جميع ابناء البلاد، وسيادته الوطنية، ووحدة أراضيه وجميع الاجراءات التي يتخذها في مواجهة الارهاب".

وأضاف ان الطرفين اجريا مباحثات هامة في أجواء أخوية وودية وبنّاءة، وأعربا عن رغبتهما في تطوير العلاقات السياسية والامنية والاقتصادية والصحية والتجارية والثقافية والعلمية والتقنية وغيرها.&

وأكدا على عمق الترابط التأريخي والشعبي والثقافي والديني والجغرافي بينهما. وأبدى الجانب الإيراني استعداده لتزويد الجانب العراقي بما لديه من خبرات علمية وتقنية وبحثية، وقابله الجانب العراقي باستعدادات مماثلة لتطوير إمكانيات وعلوم وخبرات البلدين.

مكافحة الارهاب

وبين أن الجانبين بحثا جملة من القضايا الاقليمية والتحديات المشتركة ومحاربة الارهاب والتعاون من أجل تعزيز أمن واستقرار المنطقة وبناء شراكات اقتصادية تعود بالنفع والرفاه على شعوبها.. كما تطرقا إلى أمن المنطقة ودورهما الأساسي في ازدهارها الاقتصادي ورقيها التجاري، وشددا على أن إرساء الأمن في المنطقة هو مسؤولية ابنائها. وأكد البلدان على عزيمتهما الراسخة لمكافحة الارهاب والجرائم المنظمة العابرة للحدود والتي تهدد الامن والسلام في المنطقة، كما شددا على توظيف جميع الجهود للقضاء على الارهاب سياسياً ومالياً وفكرياً.

مذكرات تفاهم

وأوضح أن الطرفين تباحثا في جملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك وتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات عدة، منها: النفط والتجارة والصحة والنقل لإنشاء السكك الحديدية بين الشلامجة والبصرة، وتسهيل التأشيرات لرجال الاعمال والمستثمرين لكلا البلدين. كما ناقشا مسودة اتفاقية امنية على ان تقدم رسميا إلى القنوات الدبلوماسية لتمريرها واتخاذ الاجراءات الادارية والقانونية بشأنها من دون الافصاح عن تفاصيلها.

منافذ حدودية جديدة ومدن صناعية مشتركة

وأكد الجانبان على أهمية إنشاء منافذ حدودية جديدة بينهما، واقامة مدن صناعية مشتركة وتنفيذ النقل المباشر للبضائع بين البلدين دون تفريغها في الحدود الدولية بينهما. وتناول الطرفان إجراءات انتقال القوى العاملة الماهرة بين البلدين والتعاون الصحي والعلاجي والتعليمي والطبي وتجارة الادوية وتسهيل تسجيل شركات الادوية بين البلدين.

وأشارا إلى أنّهما سيسعيان، ويؤكد الجانبان على سعيهما لمضاعفة التبادل في مجالات التجارة والاستثمار والاقتصاد والخدمات الفنية والهندسية والصناعية، بما يعزز التنمية في البلدين والمنطقة.&

وفي هذا المجال، أعرب الجانب الإيراني عن دعمه لاعمار العراق من خلال تقديم الخبرات ومشاركة الشركات الإيرانية في المجالات المذكورة اعلاه، وقد رحب الجانب العراقي بمشاركة الشركات الإيرانية والمستثمرين الإيرانيين في هذا الصدد وطالب بتسهيلات مقابلة لعمل الشركات ورجال الأعمال العراقيين في إيران بما يحقق المصالح المشتركة.

تأشيرات الدخول لرعايا البلدين

وأضاف البيان المشترك ان البلدين ناقشا سبل تسهيل منح التأشيرات لرعايا البلدين لأغراض السياحة والزيارة والتجارة والسياحة العلاجية والزيارات الدينية، كما تم الاتفاق في هذا الصدد على تسهيل منح التأشيرات لرجال الاعمال في كلا البلدين.&

وأعلن الطرف الإيراني إلغاءه رسوم التأشيرات للمواطنين العراقيين، اعتباراً من تاريخ 1 أبريل 2019، كما أعلن الطرف العراقي المعاملة بالمثل بالتزامن مع الطرف الآخر.

ووصل الرئيس الإيراني إلى بغداد صباح االاثنين في زيارة رسمية تستغرق 3 ايام، وحل في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) الثلاثاء لزيارة مرقدي الامام الحسين واخيه العباس وتفقد قنصلية بلاده هناك.

وتعول إيران على العراق الذي تعتبره رئتها الاقتصادية في التخفيف من آثار الحصار الاقتصادي الاميركي القاسي عليها، اثر الغاء واشنطن لاتفاقها النووي مع طهران.