ناشدت السفارة البولونية في لبنان اللبنانيين عدم إطلاق النار على طيور اللقلق الأبيض التي تعبر سماء بلادهم، كي تصل سالمة إلى بلدانها في أوروبا، فهل ينقذ إقفال موسم الصيد أرواح هذه الطيور من رصاص الصيادين؟.

إيلاف من دبي: "السفارة البولونية في لبنان وجمعية الأرض – لبنان ترجوان&اللبنانيين بالسماح لطيور اللقلق بعبور سماء لبنان والعودة إلى أرض بولونيا للتكاثر بأمان".

هذا نص الرجاء البولوني للبنانيين – الصيادين – الذي يتكرر في مثل هذا الوقت في كل عام، علّ اللبنانيين يعون أهمية طير اللقلق بالنسبة إلى الشعب البولوني، والخطر الذي يهدده في أثناء مرور أسرابه في الأجواء اللبنانية في مسار هجرته من أفريقيا إلى أوروبا.

طائر تراثي بولوني
في الواقع، يهاجر 62 نوعًا من الطيور إلى بولندا في ربيع كل عام، وتمر هذه الأنواع جميعها في سماء لبنان. وتتركز هذه الهجرة في شهري مارس وأبريل، وفي شهري سبتمبر وأكتوبر حين تعود الطيور المهاجرة إلى مشتاها الأفريقي.

أشهر هذه الطيور المهاجرة هو طائر اللقلق الأبيض، الذي يمثل للشعب البولوني طائرًا أسطوريًا، يدخل في القصص الشعبي في تلك البلاد، إذ هو من يأتي بالأطفال إلى الوالدين، بحسب الحكاية المتواترة، التي تقصّ على أطفال بولونيا.

يتعامل البولونيون مع مسألة هجرة طائر اللقلق بالكثير من العناية، فيصلحون أعشاشها في قرميد منازلهم، وينتظرون إيابهم من أفريقيا بفارغ الصبر، ويسيّرون الدوريات في الغابات بحثًا عن أي طائر من هذه الطيور قد أصيب في خلال الطيران أو مرض وسقط ليأووه، وليعرضوه على أطباء بيطريين يتبرعون بعلاجه، قبيل إعادته إلى بيئته البرية.

اللقلق الأبيض يعتبر طائرًا أسطوريًا بالنسبة إلى الشعب البولوني

يهتم البولونيون بشكل مكثف بمسار رحلة هجرة هذه الطيور، في بولونيا وفي خارجها. ومن هذا المنطلق، وجدوا أن الكثير من طيور اللقلق تنفق في الأجواء اللبنانية، بعدما تتعرّض لنيران الصيادين، على الرغم من القانون الذي يمنع صيدها.

كرواتيون أيضًا
ليس البولونيون وحدهم من ناشد اللبنانيين العفو عن طائر اللقلق وعدم قتله. ففي أبريل 2017، وجّه الكرواتيون رسالة مشابهة، حتى إن مواطنًا كرواتيًا يُدعى ستيبان فوكيتش، معروفا بعنايته بهذا الطائر، وجّه كتابًا مفتوحًا إلى رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، طلب منه المساعدة على حماية أرواح اللقلق الأبيض، الذي يعبر سماء لبنان، وروى له فيها قصة الثنائي اللقلقي كليبيتان ومالينا، اللذين يهتم بهما، بعدما وجد مالينا، أنثى اللقلق، مصابة بطلق ناري في جناحها، حرمها الطيران والهجرة.

كتب فوكيتش: "مع اقتراب الخريف، يسافر كليبيتان إلى جنوب أفريقيا لتمضية فصل الشتاء هناك، لكن في نهاية مارس يعود إلى حبيبته مالينا في كرواتيا. وكان هذا يحدث بانتظام خمسة عشر عامًا. إن رحلة 14000 كيلومتر التي يجتازها محفوفة بالمخاطر، وهذه الأيام العشرة التي ننتظره فيها بفارغ الصبر هي اللحظات الأكثر توترًا في حياتي".

أضاف: "على الرغم من أنّ كليبيتان يتعرّض لخطر العواصف والجوع والعطش خلال رحلته، فالجزء الأخطر من الرحلة هو مسافة 200 كيلومتر الممتدة فوق لبنان. في الواقع، في كل عام، يقتل نحو مليوني طائر مهاجر في هذا الطريق الجوي، بعضها يموت لمتعة الصيادين، والبعض الآخر للأكل أو للبيع".

أرسل فوكيتش إلى عون في طي الرسالة ريشة من جناح كليبتيان، هي التي خط بها الرسالة نفسها، في إشارة رمزية إلى المعاناة التي تواجهها الطيور المهاجرة في سماء لبنان.

الموسم انتهى
في 13 فبراير الماضي، أعلن وزير البيئة اللبنانية فادي جريصاتي أن موسم الصيد البري الذي إفتتح في 1 سبتمبر 2018 يقفل في 15 فبراير، وأنه تم إقفال باب استقبال طلبات رخص الصيد لهذا الموسم، مناشدًا الصيادين التزام وقف ممارسة الصيد البري ابتداءً من 16 فبراير لغاية فتح موسم الصيد البري المقبل، والقوى الأمنية وحراس الأحراج التشدّد في قمع أي ممارسات للصيد البري قد تحصل خارج موسم الصيد الرسمي، وتنظيم محاضر ضبط بالمخالفين وإحالتهم على المراجع المختصة.

أشار جريصاتي إلى أن وزارة البيئة ادعّت في العام الماضي لدى المدّعين العامين البيئيين المعنيين في كل محافظة على عدد كبير من الصيادين، الذين اصطادوا قبل فتح موسم الصيد البري، أو الذين خالفوا أنظمة الصيد خلال الموسم، بصيدهم أنواع طيور أو حيوانات محمية، ممنوع صيدها، أو بتخطيهم أعداد الطرائد المسموح بصيدها خلال رحلة الصيد الواحدة، أو بممارسة الصيد بوساطة الشباك والأشراك والأنواع الكاشفة أو غيرها من وسائل الصيد الممنوعة.

فهل يحفظ إقفال موسم الصيد اللبناني قبل موعد مرور اللقلق أرواح هذه الطيور المهاجرة، فتصل سالمة إلى مهاجعها في بولونيا وكرواتيا ودول أوروبية أخرى؟... هذا ما يأمله الناشطون البيئيون في لبنان وبولونيا.
&