تبحث المؤسسات الدينية والاجتماعية في مصر عن حلول سريعة لظاهرة &تعدي الزوجات على الزوج بالضرب وأحيانًا القتل، بعدما خرجت أخيرًا إحصائية صادمة من محاكم الأسرة والمراكز الدولية تكشف عن نسبة النساء اللاتي اعتدين بالضرب على أزواجهن، والتي بلغت 66%، ولفتت إلى أن أكثر من 6% من الرجال المتزوجين في مصر معرّضون للقتل من زوجاتهم باستخدام السكين!.

إيلاف من القاهرة: تعرّضت الأسرة المصرية للعديد من الكوارث الاجتماعية عقب ثورتي &25 يناير و30 يونيو. ولعل الأبرز حاليًا ظاهرة ارتفاع نسبة اعتداء الزوجات على أزواجهن، ووصولهن إلى قتلهم، حيث كشف مركز بحوث الجرائم التابع للأمم المتحدة في دراسة له حول نسب العنف داخل الأسرة في دول العالم، أن مصر تحتل المرتبة الأولى في نسب العنف في جميع دول العالم، حيث جاءت المرأة المصرية في صدارة الأكثر اعتداءً وضربًا للأزواج بنسبة 28%، تلتها أميركا بـ23 %، فبريطانيا 17 %، ثم الهند 11%. ووفقًا للدراسة فإن أكثر من 6.5% من الرجال المتزوجين في مصر معرّّضون للقتل من زوجاتهم.

أرقام مخيفة
أظهرت دراسة للمعهد القومي للبحوث الاجتماعية أن نحو ربع المصريات المتزوجات يضربن أزواجهن، وارتفعت النسبة في الوقت الحالي إلى 60 أو 66%.&

وكشفت الدراسة أن معظم الأزواج المضروبين يحمدون الله على تلطف زوجاتهم بهم، اللواتي يقمن بضربهم داخل البيت وبين جدران أربعة.&

أشارت الدراسة إلى أن الكثيرات ممن يعتمدن العنف في التعامل مع أزواجهم يرجعن ذلك إلى "عنفه هو"، إما بسبب تقاعسه عن القيام بواجبه تجاه الأسرة، أو لانفلاته السلوكي، وهناك دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية عن الزوجات مرتكبات جرائم القتل، تكشف أن 84.04% من النساء القاتلات متزوجات، وأنهن يقدمن على استخدام العنف ضد الرجال نتيجة لدوافع وانفعالات وصراعات مكبوتة عدة تجاه أزواجهن الضحايا، وتكون أشد أنواع العنف موجّهة إلى الأزواج.

المرأة المصرية تتصدر في ضرب زوجها

وفي بحث ميداني للمركز القومي للبحوث الاجتماعية حول العنف ضد الرجل، أظهرت النتائج أن 28% من الرجال يتعرضون للضرب من زوجاتهم، لكن هذه النسبة لا تمثل الحقيقة، إذ تبيّن أن كثيرًا من الرجال يرفضون الاعتراف بذلك؛ لأنه يقلل من رجولتهم.

جرائم &صارخة
وتنظر محاكم الأسرة في مصر مئات الدعاوى القضائية لنماذج وأمثلة صارخة لعنف الزوجات. من أبرز وأبشع الحوادث، تلك التي قامت فيها زوجة بقتل زوجها حرقًا أثناء نومه، وأخرى بسبب علاقة غير شرعية.

وفي دعوى قضائية منظورة أمام محكمة الأسرة في القاهرة، اعترفت زوجة بالتعدي على زوجها بسكين، مما أدى إلى تشوهات في وجهه وكسر في ساقه. بررت الزوجة ذلك بخيانة زوجها، وعدم إنفاقه عليها.&

وطبقًا لبيانات وإحصاءات قطاع الأمن العام في وزارة الداخلية، فإن 90% من حالات قتل الزوجة للزوج سببها الأول الخيانة الزوجية، والسبب الثاني هو سوء معاملة الزوج للزوجة.

الأزمة الاقتصادية
من جانبها أكدت الدكتورة فايدة كامل أستاذة علم النفس السياسي في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الدراسات كشفت عن تعدد عنف الزوجة ضد الزوج، بعيدًا عن الضرب والقتل، كالسحر أو الخيانة والعنف اللفظي والمعنوي والحرمان من الرعاية ومن العلاقة الزوجية.

ولفتت إلى أن الدراسات تشير أحيانًا إلى أن العنف الأنثوي ضد الرجل لا يزال أقلَّ دموية من عنف الرجل، وأحيانًا أخرى تشير إلى عنف أنثوي أكثر دموية من عنف الرجل ضد المرأة.

وقالت كامل لـ"إيلاف" إن "الرجل يتحمّل الكثير مما يحدث له من عنف زوجته، حيث كشفت الزيارات الميدانية التي قامت بها المراكز الاجتماعية أن الأزمات الاقتصادية أحد أهم أسباب ظاهرة تعدي الزوجة على الزوج، نتيجة عدم توفير وظائف دائمة للأزواج من أجل الإنفاق على الأسرة، مما يتسبب في هروب الزوج خارج المنزل خوفًا من تحمل مسؤوليته تجاه الزوجة والأولاد.&

من ضمن الأسباب أيضًا لتعدي الزوجة على الزوج هو خيانة الزوج وإقامة علاقات بامرأة أخرى، سواء كانت شرعية أو غير ذلك، وكذلك إدمان الزوج على المخدرات.

وطالبت أستاذة علم النفس السياسي جميع مؤسسات الدولة الدينية والاجتماعية بوضع حلول سريعة لتلك الظاهرة، عن طريق الموافقة على تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي سيوفر الحياة الكريمة للزوجة والأبناء، كما يجب على الحكومة العمل على تحسين مستوى المعيشة للأسرة المصرية وتوفير فرص عمل للشباب، كما ينبغي على المؤسسات الاجتماعية والدينية عقد لقاءات لتوعية المتزوجين بالمخاطر المحدقة بالحياة المشتركة، وكيفية زرع المحبة والمودة بين الأزواج.

دور الأزهر
فيما أكد الدكتور محمد سليم، عضو رابطة خريجي الأزهر، أن الدين الإسلامي يدعو إلى الحفاظ على كيان ووحدة الأسرة، وينبذ العنف شكلًا وموضوعًا بين الزوجين، فالإسلام أولًا كرّم المرأة والرجل، وكرّم الحياة الزوجية، وجعلها مودة ورحمة.

وأوضح أنه لا توجد في القرآن آية واحدة تقول بجواز ضرب الزوجة لزوجها، لكن أجاز للزوج ضرب الزوجة في حالة واحدة فقط، وهي بعد أن تنفد جميع الحيل، ووفق ضوابط شرعية، وبالترتيب المذكور، فقال تعالى "وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا".

وقال عضو رابطة الأزهر لـ"إيلاف" إن "الأزهر بدأ في مواجهة الظواهر الاجتماعية والكوارث داخل الأسرة المصرية أخيرًا، سواء عن طريق ارتفاع نسبة الطلاق أو الضرب بين الأزواج، عن طريق إنشاء وحدة لم الشمل، التي تهدف إلى حل جميع المشاكل داخل الأسرة الواحدة عن طريق الحوار المباشر، وهناك علماء أزهريون تم تدريبهم للقيام بهذا العمل، كما تقوم دار الإفتاء المصرية على عقد "كورسات" تدريب للشباب المقبل على الزواج، للتوعية بمخاطر الحياة الزوجية وكيفية التغلب عليها".

وأشار إلى أن وحدة لم الشمل في الأزهر نجحت في حل المئات من المشاكل الزوجية، وتقليل نسبة الطلاق بين الأزواج.