الرباط: قال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ورئيس النيابة العامة بالمغرب، إن العلاقات الأورو- إفريقية "لا تتوقف على الجوانب السياسية والاقتصادية وحدها، ولكنها تجعل من التنمية الاقتصادية وسيلة للتنمية الاجتماعية وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان".&

وأضاف عبد النباوي أن هذا الجانب يعطي لمهنة التوثيق "موقعاً متقدماً في مجال دعم العلاقات الأورو-إفريقية"، وذلك بالنظر للدور الذي يلعبه التوثيق في مجال تأمين العلاقات القانونية، والحفاظ على المصالح المالية والاقتصادية، وتوفير الأمن العقاري للأطراف.

وأفاد رئيس النيابة العامة في كلمة ألقاها بالمؤتمر الوطني الأول لموثقي المغرب، الذي انطلقت أشغاله اليوم بمراكش، حول موضوع: "المملكة المغربية والتعاون الأورو-إفريقي: التوثيق قوة اقتراحية"، بأن مهنة التوثيق "حلقة رئيسية لتمتين التعاون الأورو -افريقي، يحظى فيها الموثق المغربي بشرف حمل لواء التقارب بين الموثقين في القارتين الجارتين".

كما شدد على أهمية أن يسهم الموثق المغربي إلى جانب هيئات الموثقين بالدول الإفريقية والأوروبية في "تسهيل تبادل الخبرات، وتداول أجود الممارسات، وتبسيط الإجراءات، وتعزيز آليات الحماية والأمن التعاقدي، التي تشجع على استثمار وانتقال رؤوس الأموال وإنعاش سوق الشغل".

وأشار عبد النباوي إلى أن التوثيق لعب على مر التاريخ "دوراً مهماً في تطوير الحياة الاقتصادية للدول، وهو بحق أساس لبناء الثقة في المبادلات التجارية، وضمانة لأمن انتقال الملكية إلى أصحابها، ومنصة للإرشاد وإسداء النصح لأطراف العقود"، معتبرا أن اضطلاع مهنة التوثيق بهذه الأدوار "مدعاةٌ لضرورة انخراط نساء ورجال هذه المهنة في تحديث طرق اشتغالها ومعارفها لرفع تحديات العولمة".&

ودعا رئيس النيابة العامة أيضا إلى تحفيز نظم المعاملات الالكترونية، التي أصبحت "دعامة أساسية لضبط وإثبات المعاملات، مع تقصي أنجع السبل القانونية لمواجهة الصعوبات والإكراهات التي تطرحها هذه المعاملات، بخصوص تأمين وحماية الأنظمة الإلكترونية المتعلقة بالتعاقد، التي أصبحت ضرورة وظيفية، ولكنها لا تخلو من تهديدات حقيقية على الأمن التعاقدي".&

وأضاف أن هذا الأمر يضاعف مسؤولية الموثق ويدعوه إلى "التكوين المستمر، والاطلاع والتمكن من أحدث التقنيات لتوثيق العقود الإلكترونية وحفظها حماية للمتعاقدين، وللمجال الاقتصادي والاجتماعي الذي تتم فيه المعاملات"، مبرزا أن مهنة التوثيق لا يقتصر نشاطها على "العمل المحلي في إنجاز العقود، وإنما يخترق البعد الجغرافي بين الدول، ويكون لها بذلك إسهام في بناء سليم للعلاقات الدولية، والمساهمة في بناء حياة اقتصادية آمنة تشجع على الاستثمار وتبادل الخبرات بين الدول".&

من جهته، دعا محمد أوجار، وزير العدل المغربي، إلى خلق لجنة إفريقية لفعالية العدالة على غرار اللجنة الأوروبية لفعالية العدالة، وذلك من أجل تدبير الشأن الإفريقي في مجال العدالة بمختلف المجالات سواء الجنائية منها أو المدنية والتجارية.

وقال أوجار: "ما أحوجنا على سبيل المثال إلى قضاء تجاري أفريقي متطور يستجيب لرهانات التبادل التجاري بين دول القارة ويدعم الاستثمار البين-إفريقي عبر استجماع الممارسات الفضلى فيه".

وأفاد أوجار بأن فعالية القضاء "لا معنى لها مت دون فعالية التوثيق وكتابة الضبط والمحاماة والخبرة القضائية"، مؤكدا أن إصلاح القضاء لا يتم دون إصلاح باقي المهن القضائية والقانونية.

وأكد الوزير المغربي أن دخول القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق حيز التنفيذ، عمدت وزارته إلى تفعيل مجموعة من المواد التي أحال بشأنها القانون على نصوص تنظيمية، انتهت بصدور مجموعة من المراسيم التطبيقية باستثناء مرسومين اثنين فقط هما المرسوم المتعلق بإحداث معهد التكوين المهني للتوثيق والمرسوم المتعلق بتحديد أتعاب الموثقين.

وزاد مبينا أن الوزارة تروم من خلال إصدار قانون مهنة التوثيق "تخليق المهنة وتأهيلها وتحصينها لمواكبة الدينامية التي يعرفها المجتمع المغربي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز مكانتها ودورها في ضمان العدالة الوقائية والأمن التعاقدي للمغاربة، مع الحرص على مواكبة حسن تطبيق مقتضيات هذا القانون، من خلال إصدار المراسيم التنظيمية، والتدخل لمعالجة كل الإشكاليات الناجمة عن تطبيقه".

كما اعتبر أوجار أن تخليق مهنة التوثيق يشكل "حجر الزاوية في كل المشاريع والمخططات المرتبطة بها والتي نعمل على تنزيلها، سواء على المستوى التشريعي أو التنظيمي".، مبرزا أن سنة 2019 ستكون "سنة مراجعة قوانين المهن القضائية".

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن وزارة العدل رفعت تحديا كبيرا يتمثل في تحديث الإدارة القضائية ورقمنة الخدمات المقدمة للمتقاضين والمرتفقين، وذلك في أفق تنزيل المحكمة الرقمية سنة 2021.
&