تنفست هولندا الصعداء مساء أمس الاثنين بعد الإعلان عن اعتقال غوكمن تانيش الذي أطلق النار على ركاب الترامواي في مدينة أوتريخت في وسط هولندا صباح الاثنين، فقتل ثلاثة، وأصاب خمسة.

إيلاف من أمستردام: كانت الشرطة الهولندية رفعت الإنذار إلى المستوى الخامس في مدينة أوترخت وإقليمها، وهو أعلى مستوى، والمستوى الرابع في بقية مدن البلاد، بعد فرار المهاجم.

قبل أن تعلن الشرطة إلقاء القبض على غوكمان تانيش (37 عامًا) مساءً راجت تأويلات حول دوافع الهجوم بين المحللين والساسة، خاصة أن البلاد تستعد للانتخابات البلدية في العشرين من الشهر الجاري.&

فالدافع الإرهابي كان ولما يزل مرجّحًا كسببٍ للهجوم، وظلّ متداولًا كدافع وحيدٍ حتى مساء يوم أمس الاثنين، قبل أن يظهر الدافع الأسري والمرضي، الذي طرحته معارف الجاني. فهو ذو تاريخ جنائي ممتد منذ نحو عشر سنوات بين السرقة والاغتصاب والقيادة تحت تأثير مخدر والإفراط في شرب الكحول. واتضح أنه أطلق سراحه من السجن قبل أسبوعين، وأنه يطارد طليقته أو سيدة من عائلته، وكان هدد سيدة هولندية كانت له معها علاقة جنسية، واغتصبها مرة، حسب تصريحاتها للصحافة الهولندية، فتراجع الدافع الإرهابي كسبب وحيد للهجوم، الذي أصاب السكان والمتابعين بالصدمة، وعطل الحياة في إحدى كبرى مدن هولندا.

ثلاث فرضيات
محللون ومتابعون هولنديون طرحوا ثلاث فرضيات تقف خلف هجوم تنيش المسلح. أبرزها الدافع الجنائي المرضي، فهو شخص متوتر وعدواني على الدوام، وكان يطارد طليقته، فأرداها في الهجوم، وقتل وأصاب معها من هبّ للدفاع عنها أو مساعدتها. وهو ما طرحته وكالة الأنباء التركية، ولا يزال يزداد رواجًا في هولندا.

الدافع الثاني هو دافع إرهابي استنادًا إلى سجل عائلة الجاني، التي يغلب على معظم أفرادها التشدد السلفي، إذ قاتل شقيق الجاني في الشيشان، وانضم إلى منظمة إسلامية متطرفة، مقرها ألمانيا. ومن غير المستبعد أن يكون الجاني تم تجنيده لتنفيذ هذا الهجوم الإرهابي.

أما الدافع الثالث فهو دافع انتقامي من هجوم نيوزلندا، الذي وقع يوم الجمعة الماضي، حين هاجم متطرف يميني أسترالي مسجدين في مدينة كرايست تشريتش، وقتل 50 وجرح مثلهم، وأدين الهجوم على نطاق واسع في كل دول العالم.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دخل على خط الحادث، فأدلى بدلوه بسبب ولادة المهاجم في تركيا، حيث قال إن جهاز الاستخبارات التركي يحقق في ما إذا كان الهجوم الذي وقع الاثنين في مدينة أوتريخت الهولندية جاء بدوافع شخصية أم إنه عمل إرهابي.

تمسك النقيضين
أمام هذه الفرضيات لتفسير سبب ودافع هجوم مدينة أوتريخت، يتمسك بعض أحزاب اليسار ومعهم المسلمون في هولندا، والبالغ عددهم مليون ومئة ألف، بدافع الانتقام الأسري والجنائي، فيما يتمسك أنصار اليمين المتطرف، وفي مقدمتهم زعيم حزب من أجل الحرية خيرت فيلدرز، بالدافع الإرهابي للهجوم، مرجّحين إياه على سواه، خاصة قبل يوم من الانتخابات المحلية&حيث&يجلب الدافع الإرهابي للهجوم لهم أعدادًا من الأنصار، مستندين إلى شهادة فتاة قالت إنها كانت في الترامواي نفسه وسمعت الجاني يهتف بعبارة (الله أكبر) قبل أن يفتح النار على الركاب. لكن لم يعضد هذه الشهادة آخرون من الضحايا أو ركاب الترامواي.

المهاجم بات، بعد إلقاء القبض عليه، متهمًا، فعمدت الشرطة ووسائل الإعلام إلى تظليل صورته بعدما وزّعتها الشرطة قبل ذلك واضحةً من أجل التعرف إليه للمساعدة على الإرشاد إليه.

بعد الانتخابات
رئيس وزراء هولندا مارك روتا ألغى مؤتمرًا صحافيًا كان مقررًا ليلة أمس بعد إلقاء القبض على تانيش. وكان روتا وصف في مؤتمر صحافي قصير جدًا الهجوم بأنه "اعتداء ضد حضارتنا وطريقتنا في العيش المشترك"، مضيفًا إن جوابنا الوحيد إذا تأكدنا أنه هجوم إرهابي هو أن دولة القانون والديمقراطية أقوى من التعصب والإرهاب. ولن نرضخ للتهديد.&

الدافع الحقيقي لمنفذ الهجوم لن يعلن عنه حتى انتهاء الانتخابات المحلية&يوم غد الأربعاء العشرين من مارس، وتعلن نتائجها في ليلة اليوم نفسه، والتي عادت وسائل الإعلام الهولندية إلى تغطية الاستعدادات لها، بعدما تفرغت طوال يوم وليلة أمس لمتابعة أخبار الهجوم في أوتريخت.