استهل رئيس مجلس شيوخ كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، الأربعاء، بعد تسلمه رئاسة البلاد موقتا خلفا لـ"نور سلطان نزارباييف" المُستقيل، بإطلاق اسم سلفه على العاصمة أستانة&لتصبح نور سلطان.
وقال توكايف خلال أدائه اليمين اليوم الأربعاء: "علينا تخليد اسم نزاربايف العظيم... واقترح تخليد اسم ابن زمننا العظيم الرئيس الأول لجمهورية كازاخستان نور سلطان نزاربايف، بتسمية عاصمتنا أستانة&"نور سلطان".
كما اقترح توكايف تسمية كل الشوارع الرئيسة في مراكز أقاليم البلاد باسم نزاربايف، وأكد أن نزاربايف سيبقى يحمل لقب "أب الشعب" مدى الحياة، بموجب القانون الذي تبناه البرلمان سابقا.
إلزامية نزارباييف
وأشار إلى أن كل صور نزاربايف ستبقى جزءا إلزاميا في القاعات العامة ومكاتب موظفي الدولة والمؤسسات التعليمية.
ولفت توكايف إلى أن انتقال السلطة في البلاد جرى بطريقة سلسة وبلا نزاعات، وقال إن نزاربايف الذي سيبقى رئيسا لمجلس الأمن ولحزب "نور أوطان" الحاكم، وعضوا في المجلس الدستوري، "ستكون لرأيه الموزون أهمية خاصة، بل الأولوية لدى وضع واتخاذ القرارات الاستراتيجية".
وبناء على اقتراح توكايف، صادق البرلمان الكازاخستاني في وقت لاحق من اليوم الأربعاء بالقراءة الأولى على تعديل دستوري ينص على إطلاق اسم "نور سلطان" على عاصمة البلاد تكريما للرئيس الأول.
تحولات
وجاءت مصادقة برلمان كازاخستان على تغيير اسم العاصمة "أستانة" إلى "نور سلطان" تخليدا لاسم رئيس البلاد الأول، استمرارا للتحولات التي شهدتها عاصمة هذا البلد منذ استقلاله عام 1991.
وفي خطوة غير مسبوقة في تاريخ دول الاتحاد السوفياتي السابق، قررت السلطات الكازاخية عام 1994 نقل العاصمة من مدينة ألماتا الجنوبية، التي كانت تحمل هذه الصفة منذ العام 1929، إلى مدينة أقمولا وسط البلاد.
وكان السبب الرسمي وراء هذه الخطوة موقع ألماتا الجغرافي على طرف البلاد، في منطقة مهددة بخطر الزلازل والمشاكل البيئية، إضافة إلى استنفادها الطاقات على مواصلة النمو.
لكن الأسباب الحقيقية حسب مراقبين، تلخصت في المسعى لتحقيق توازن ديموغرافي قومي أنسب، وتشجيع الهجرة من مناطق جنوبية ذات أيد عاملة زائدة، نحو مدن الشمال المتطورة صناعيًا، وإشراك السكان الكازاخ في القطاعين الزراعي والصناعي في مناطق وسط وشمال البلاد ذات النسبة الكبيرة من الناطقين باللغة الروسية.
وحدة البلاد
من هذا المنظار، جاء نقل العاصمة إلى أقمولا كأحد الإجراءات الهادفة إلى تعزيز وحدة البلاد والحيلولة دون تنامي النزعات الانفصالية، التي كانت بوادرها تلوح في الأفق في بداية التسعينات.
كما كانت هناك اعتبارات جيوسياسية وراء هذا القرار، تمثلت في قرب ألماتا من الحدود مع الصين، ما يجعلها معرضة للخطر في حال اندلاع أي نزاع، خاصة وأن العلاقات بين البلدين شهدت خلافات حدودية حتى تسويتها عبر اتفاق عام 1998، إضافة إلى خلافات أخرى تتعلق باقتسام الموارد المائية.
ونقلت العاصمة رسميا في ديسمبر عام 1997، قبل أن يتغير اسم المدينة من أقمولا ("القدس الأبيض" أو "الوفرة البيضاء") إلى أستانة&("العاصمة")، التي أخذت تتطور بشكل سريع استجابة لمتطلبات مقامها الجديد وأصبحت ثانية أكبر مدينة في البلاد (بعد "العاصمة الجنوبية" ألماتا) وتجاوز عدد سكانها المليون نسمة عام 2017.
دور استانة&
وفي السنوات الأخيرة اشتهرت أستانة&عالميا بشكل خاص لدورها في جهود تسوية الأزمة السورية، حيث استضافت المدينة منذ 2017 عدة جولات من المفاوضات بين الأطراف السورية برعاية الثلاثي روسيا تركيا إيران، في صيغة أثبتت أنها الأنجح في مساعي التسوية حتى اللحظة، كونها ساهمت في تحقيق الهدوء والأمان النسبيين على الأقل في معظم الأراضي السورية.
إرث سياسي
والآن، ومع اختفاء اسم أستانة&من الخريطة الجغرافية، تبقى الآمال معقودة على أن يستمر إرثها السياسي والدبلوماسي في الإثمار من أجل تقريب موعد سوريا مع السلام المنشود.
وبدأ رئيس مجلس شيوخ كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، الأربعاء، مهامه رئيسا موقتا للبلاد، خلفا لـ"نور سلطان نزارباييف" المُستقيل.
ووفق الدستور، بعد أداء اليمين، يباشر توكاييف مهامه كرئيس موقت حتى أبريل عام 2020، موعد نهاية ولاية نزارباييف (78 عاما) الأخيرة، الذي أعلن استقالته الثلاثاء، بعد نحو ثلاثة عقود في الحكم.
ولم يتضح بعد ما إذا كان توكاييف (65 عاما) سيرشح نفسه بعد ذلك للرئاسة، فيما أشاد نزارباييف به يوم الثلاثاء ووصفه بأنه "رجل يمكن الوثوق فيه لقيادة كازاخستان".
وقال توكاييف، بعد أن أدى اليمين الدستورية، إنه سيواصل سياسات نزارباييف، وسيعتمد على آرائه في الأمور السياسية الرئيسية، كما اقترح تغيير اسم العاصمة من أستانة إلى نور سلطان.
من هو توكاييف؟
وُلد توكاييف، في مدينة ألماتا يوم 17 مايو عام 1953. وكان والده، كيميل توكافيتش توكاييف، كاتبا قازاقيا مشهورا، فيما عملت والدته، تورار شاباربايفا، في معهد ألماتي التربوي للغات الأجنبية.
ويحمل رجل الدولة والسياسي المحنّك، شهادة دكتوراه في العلوم السياسية، وتقلّد عدّة مناصب سياسية في بلاده، كان أولها في وزارة خارجية الاتحاد السوفياتي السابق، عام 1975، حيث عمل دبلوماسيا في سفارة موسكو لدى سنغافورة.
وإثر استقلال كازاخستان، عُيّن توكاييف نائبا لوزير خارجية بلاده، عام 1992، قبل أن يترأس الوزارة بعد عامين لخمس سنوات، ومنها إلى رئاسة الحكومة بين عامي 1999 و2002، ثم عاد لتولي وزارة الخارجية لخمس سنوات أخرى، ومنها إلى رئاسة مجلس الشيوخ.
دبلوماسي نشيط
وخلال قيادته لوزارة الخارجية، كان لتوكاييف دور حيوي في مجال منع انتشار الأسلحة النووية، حيث شارك في مؤتمرات المراجعة المتعلقة بمعاهدة عدم انتشارها في عامي 1995 و2005.
وفي عام 1996، وقع على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية في نيويورك، وفي عام 2005 وقع في مدينة سيميبالاتينسك على معاهدة إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في آسيا الوسطى.
وإلى جانب لغة بلاده الأم، يتحدث توكاييف الروسية والإنغليزية والصينية، وكان من داعمي تحويل الكتابة في البلاد من الأحرف الكيريلية إلى اللاتينية.
كما يُشتهر الرجل باقتراحه تشديد العقوبات على تجار المخدرات لتصل حتى السجن المؤبد أو الإعدام، حيث اعتبر هذه الأنشطة معادلة للإرهاب الذي يهدد مصالح البلاد القومية.
&